شهر أيار موعد سنوي ثابت لنساء الريف الحلبي لجني محصولهن من ورق العنب وتسويقه وبيعه في المدن؛ لتوفير سيولة مالية يستخدمنها في تحضير مؤونتهن المنزلية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 12 أيار 2015، "فيدان يوسف" من السيدات العاملات بجني ورق العنب، فتحدثت عن ذلك بالقول: «موسم ورق العنب هو أحد المواسم الزراعية المهمة في الريف الحلبي لسببين، أولهما: أنه يأتي خلال شهر أيار وهو الشهر الذي يعاني فيه المزارع وأسرته من ضائقة مالية عادة بسبب عدم توافر محاصيل زراعية فيه، وفي العرف الشعبي يسمى هذا الشهر بشهر "الخس" لأنه رخيص الثمن ولا يوفر للمزارعين سيولة كافية. وثانيهما: أنه يأتي في الوقت الذي تبدأ فيه النساء بتحضير مؤونتهن السنوية من "الدوبيركي" و"الجبن" و"السمن"؛ وهن يحتجن إلى المال لشراء تلك المنتجات.

إن ناتج المحصول من المال مهم للريفيات في منطقة "عفرين" حيث يشترين به مؤونتهن السنوية من مشتقات الحليب كـ"الدوبيركي"، و"الجبن"، و"السمن البلدي"، وغيرها

إن موسم ورق العنب موسم خاص بالنسوة؛ إذ يقمن بجنيه أسبوعياً وبيعه في الأسواق، واستخدام المال المتوافر في شراء المؤونة كما قلت، باختصار إن هذه التجارة خاصة بالنسوة، فنساء الريف يقمن بتسويق المحصول ونساء المدن يقمن بشراء حاجة أسرهن منه، هذا تجارياً، أما اجتماعياً فإن هذه التجارة تساهم كثيراً في بناء جسور التواصل والمحبة بين أهل الريف والمدن.

فيدان يوسف

فشراء ورق العنب جزء من التقاليد الاجتماعية المعروفة في "حلب" وخاصة "المْدينة"* وذلك منذ أقدم الأزمنة؛ وهم معروفون ومشهورون بإعداد أكلة "اليبرق" التي تعد من أهم الأكلات الرئيسة على موائدهم؛ وخاصة خلال شهر رمضان المبارك وفي المناسبات الاجتماعية الأخرى، مثل الأعراس والأعياد والعزائم، وغيرها».

وتابعت: «إن سعر ورق العنب مرتبط بنوعية المحصول وكذلك العرض والطلب، فمن ناحية النوعية هناك عدة أنواع في الريف الحلبي أشهرها "دوكل غان" في "عفرين" الذي يتميز بطعمه الحامض وحجمه الكبير، ويتراوح سعره لهذا الموسم بين 250-300 ليرة سورية للكيلوغرام، وهو أكثر الأنواع المرغوبة من قبل الحلبيات، وهناك "الحمصي" وهو أصغر حجماً ويتراوح سعره بين 200-250 ليرة سورية للكيلوغرام، وكذلك النوع الفرنسي وهو الأقل رغبة لأن حجمه صغير وطعمه قليل الحموضة كما يميل لونه إلى السواد بعد طبخه، ولا يتجاوز سعره 150 ليرة سورية للكيلوغرام.

تهوية المحصول في البيت

خلال العشر سنوات الأخيرة انتشرت في منطقة "عفرين" زراعة ورق العنب الأميركي؛ الذي يتميز بحجمه الدائري الكبير وطراوة ورقته ولونه المائل إلى الأصفر وطعمه اللذيذ، ويتراوح سعره في السوق بين 350-500 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، ولكن لأسباب نفسية فإن معظم النسوة يفضلن الأنواع المحلية مثل: "دوكل غان"، و"الحمصي"».

السيدة "سعاد خليل" من "ريف حلب" قالت: «لجني محصول ورق العنب تقاليد معروفة لدينا فعملية الجني يجب أن تتم خلال الصباح الباكر وضمن أكياس قماشية خاصة للحفاظ على طراوة المحصول قبل نقله إلى المنزل وفرشه على أرض جافة وتهويته استعداداً لتسويقه في البازارات الأسبوعية التي تقام في المدن القريبة، حيث يقوم التجار بشراء كميات كبيرة منه ونقله إلى أسواق الهال في المحافظات السورية وخاصة مدينة "حلب"؛ حيث يُعرف عن أهلها ولعهم بشراء هذه المادة، فشهر أيار عند الحلبيات من المناسبات الاجتماعية الجميلة؛ إذ يجدن متعة كبيرة في زيارة الأسواق وإعداد مؤونتهن من "اليبرق"».

المحصول جاهز للتسويق

وأضافت: «إن ناتج المحصول من المال مهم للريفيات في منطقة "عفرين" حيث يشترين به مؤونتهن السنوية من مشتقات الحليب كـ"الدوبيركي"، و"الجبن"، و"السمن البلدي"، وغيرها».

وختاماً، قالت: «إن كمية المحصول السنوية مرتبطة بالطقس؛ فهطول كميات وفيرة من الأمطار يساهم في توفير كميات هائلة من الأوراق وتسويقها وبالتالي تأمين دخول موسمية وفيرة، أما سقوط البَرَد فيؤدي إلى تلف المحصول وبالتالي إلحاق ضرر كبير به وبالدخل الذي يوفره للناس».

  • "المْدينة": تسمية شعبية تطلق على مدينة "حلب" القديمة داخل الأسوار.