يقع "السراي الحكومي" وسط مدينة "عفرين" وهو من الأماكن المعروفة لدى الناس، ونقطة علام للغرباء والسياح والزوار.

وتابع السيد "خليل" متحدثاً عن أهمية هذا المكان: «للسراي عدد من الميزات التي يتمتع بها فيجعله موقع احترام لدى العامة، ومن أبرز ما يتميز به هو أنه المبنى الإداري الأول في المدينة، وقد تم بناؤه مع بداية القرن الماضي وبالتالي هو النواة الأساسية لهذه المدينة الكبيرة والسبب الرئيسي لوجود المدينة الحالية لأن الناس تجمعوا حولها حيث يتوافر الأمن ليبنوا دور سكنهم بمرور الزمن.

إلى الغرب من "السراي" على "طريق راجو" كانت تتوضع معظم دكاكين مسيّري المعاملات الذي كانوا يسمون شعبياً بالعرضالجية وقد كانت تمتلىء بالناس والمراجعين أيام البازار وأشهرهم كان العرضالجي "صادق". وإلى الشمال من مكتب "صادق العرضالجي" كان يقع محل لبيع الطوابع الوحيد في المدينة وما زال لصاحبيه "مصطفى جمو" و"محمد علي مصطفى" فبمجرد ذكرك للمعاملة كانت الطوابع المناسبة قد هيئت وبين سعرها ومكان لصقها وأحياناً كان يصحح لنا خطأ الموظف المختص بسبب خبرته الطويلة

والأهمية الأخرى للسراي هو أنه يعد أحد الأماكن التاريخية، حيث يأتيه الزوار والضيوف من مختلف المناطق كنقطة علام معروفة.

خليل يوسف

وأود هنا أن أذكر الحادثة التالية وهي تتعلق بالسراي وتعود إلى الأربعينيات من القرن المنصرم حيث قام آغوات منطقة "عفرين" ومنهم "خليل آغا سيدو ميمي" الذي كان والدي وكيلاً له، فقاموا بدعوة الرئيس السوري الأسبق "شكري القوتلي" لزيارة المدينة وقبل مجيئه قام الآغوات عبر وكلائهم ورجالاتهم المنتشرين في جميع قرى المنطقة بجمع الفرش والسجاد ليبسطوها في مدخل المدينة كي يمشي عليها الرئيس وصولاً للسراي الحكومي وسط الاستقبال الكبير للمتجمهرين الذين جاؤوا لاستقبال ضيف "عفرين" الكبير».

الأستاذ "جمعة عبد القادر" من "عفرين" مواليد 1942 وهو مدرس وصاحب كتاب صدر له يورد فيه ذكرياته في المدينة في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي فيقول: «"السراي" في تلك الفترة كانت دار الحكومة ومركز الدولة ومقر القائم مقام والقضاة ومسؤولي الزراعة والصناعة والنفوس وكل ما يخص أبناء "عفرين" من أمور ومشكلات، وحالياً لم يتغير شيء في بنائها، الغرف والممرات والنوافذ والأبواب بقيت كما كانت، لكن الدرج فقط هو الذي تغير فقد كان كلسياً رخواً متآكلاً فتم تغييره، ومن أشهر القضاة في السراي كان قاضي الصلح، وكثيراً ما كان القضاة يخرجون من دوائرهم بعد الدوام للكشف عن أماكن منازعات وأراض مختلف عليها. وفي "السراي" كانت تُحفظ سجلات سكان "عفرين" الأوائل وهم الذين تركوا قراهم وجاؤوا ليعمروا المدينة الوليدة».

الرئيس السابق شكري القوتلي أمام السراي -1942

ويضيف: «إلى الغرب من "السراي" على "طريق راجو" كانت تتوضع معظم دكاكين مسيّري المعاملات الذي كانوا يسمون شعبياً بالعرضالجية وقد كانت تمتلىء بالناس والمراجعين أيام البازار وأشهرهم كان العرضالجي "صادق".

وإلى الشمال من مكتب "صادق العرضالجي" كان يقع محل لبيع الطوابع الوحيد في المدينة وما زال لصاحبيه "مصطفى جمو" و"محمد علي مصطفى" فبمجرد ذكرك للمعاملة كانت الطوابع المناسبة قد هيئت وبين سعرها ومكان لصقها وأحياناً كان يصحح لنا خطأ الموظف المختص بسبب خبرته الطويلة».

الدكتور محمد عبدو علي

الدكتور "محمد عبدو علي" وهو باحث في تاريخ منطقة "عفرين" يقول حول تاريخ "السراي": «كان في موقع المدينة الحالي جسر باسم "قيبار" على اسم المدعو "علي قيبار" صاحب "حصن قيبار" وفي أواخر العهد العثماني كان في موقع المدينة بجانب الجسر خان لإيواء القوافل والمسافرين وتحديداً في مكان البلدية الحالي. وبعد وضع الحدود السورية- التركية بموجب اتفاقية تركية– فرنسية في العام 1922 تم تقسيم منطقة جبل الأكراد إلى قسمين بقي القسم السوري منه دون مركز إداري يعوض عن مدينة "كلس"، وحينما سمي جبل الأكراد قضاءً وقع الاختيار على موقع مدينة "عفرين" بجانب الجسر لتأسيس البلدة، وإلى أمد قريب كانت المدينة تسمى "كوبرييه" أي "الجسر".

وبالنسبة للسراي فقد بدأ العمل في إشادة جميع الأبنية الحكومية ومكاتب الإدارة كالسراي والمخفر والسجن بين أعوام 1925 -1930م، أما أوائل السكان فكانوا من الأرمن الذين لاذوا بالقوات الفرنسية اتقاءً من اضطهاد الأتراك حيث بنوا دورهم السكنية حول هذه الأبنية ثم تلاهم في بناء دور السكن آغوات المنطقة».