كباقي المدن في منطقة "عفرين" بريف "حلب" الشمالي يقام في مدينة "شيخ الحديد" سوق أسبوعي يسمى شعبياً البازار؛ حيث تتم فيه مختلف العمليات التجارية من بيع وشراء بأسعار مخفضة.

بتاريخ 13 حزيران 2014، قامت مدونة وطن "eSyria" بزيارة سوق "شيخ الحديد"، وهناك التقت بعض زواره، منهم العم "سيدو خالد" وهو تاجر زيت وزيتون قال: «يعد "بازار شية"* أو سوق "شيخ الحديد" الأسبوعي أحد أهم الأسواق في منطقة "عفرين"، وهو من أحدثها إذ لا يتجاوز عمره عشرين سنة. وإقامة البازار أسبوعياً في هذه المدينة ضرورة اقتصادية واجتماعية لأهل البلدة وقراها؛ إذ تتم فيه عمليات البيع والشراء لمختلف المحاصيل الزراعية والمستلزمات المنزلية والشخصية والمواد الغذائية وبأسعار مخفضة تناسب أصحاب الدخل المحدود من الناس، والمعروف أن الريفيين عموماً هم من أصحاب الدخول الموسمية والمحدودة، كما قلت إن أسعار المواد عموماً في يوم البازار هي أخفض من باقي أيام الأسبوع، كما أنها أقل دائماً من أسعار المحلات التجارية.

زيارة البازارات بغرض البيع أو الشراء هي من العادات والتقاليد المجتمعية منذ القدم بسبب أسعار المواد المخفضة، وهي عند الكثيرين تقليد راسخ فهم ينتظرون يوم البازار بفارغ الصبر أسبوعياً. تتجلى أهمية هذا السوق الأسبوعي في أن معظم عمليات البيع والشراء تتم فيه بالدين ويسميه الناس شعبياً "الدين حتى الموسم"، وهذا النوع من العمليات التجارية تناسب دخول الفلاحين الموسمية وأكثر عمليات بيع المواد وشرائها في "عفرين" وريفها تتم بالدين حتى الموسم، وأهم موسمين في المنطقة هما موسم جني الزيتون، وحصاد محصول القمح؛ وموعد الأول كانون الأول، والثاني حزيران

هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن هذا البازار هو بمنزلة كرنفال اجتماعي تقليدي يجتمع فيه الناس من مختلف القرى والبلدات القريبة في جو اجتماعي بهيج، وهو مناسبة أسبوعية لرؤية الأقارب بعضهم لبعض، ومن طرائف القرويين أنهم يؤجلون بعض أمراضهم وعللهم لهذا اليوم؛ فإذا تألم شخص من أسنانه مثلاً فإنه لا يراجع الطبيب مباشرة وإنما ينتظر إلى وقت البازار».

قسم الأقمشة والألبسة في السوق

ومن زوار السوق قال "مصطفى مستو": «زيارة البازارات بغرض البيع أو الشراء هي من العادات والتقاليد المجتمعية منذ القدم بسبب أسعار المواد المخفضة، وهي عند الكثيرين تقليد راسخ فهم ينتظرون يوم البازار بفارغ الصبر أسبوعياً.

تتجلى أهمية هذا السوق الأسبوعي في أن معظم عمليات البيع والشراء تتم فيه بالدين ويسميه الناس شعبياً "الدين حتى الموسم"، وهذا النوع من العمليات التجارية تناسب دخول الفلاحين الموسمية وأكثر عمليات بيع المواد وشرائها في "عفرين" وريفها تتم بالدين حتى الموسم، وأهم موسمين في المنطقة هما موسم جني الزيتون، وحصاد محصول القمح؛ وموعد الأول كانون الأول، والثاني حزيران».

قسم المستلزمات المنزلية في السوق

أما العم "محمد صاغر" فقال: «هناك مناسبات اجتماعية عديدة مرتبطة بسوق "شيخ الحديد" الأسبوعي؛ حيث يكون فيها أشد ازدحاماً ومن هذه المناسبات "شراء المؤونة" وهي عادة اجتماعية قديمة وبهذه المناسبة يقوم الناس بزيارة السوق لشراء المواد الجاهزة التي ينوون حفظها كمؤونة منزلية، مثل: "العدس"، و"الفريكة"، و"البرغل"، و"الفليلفة الحمراء المطحونة"، و"السماق"، و"دبس العنب"، و"الرمان"، وغيرها، أو شراء المحاصيل الزراعية لمعالجتها منزلياً قبل أن يتم حفظها في البيوت، مثل: "الفليفلة الحمراء" لصنع الدبس، أو "الباذنجان" لصنع المكدوس، أو "البندورة" لصنع دبس البندورة، أو "المشمش" لصنع المربيات و"قمر الدين"، أو "الزيتون الأخضر" لتخليله وغيرها، وللعلم فإن سوق "شيخ الحديد" الأسبوعي مشهور بالزيتون الخلخالي ذي الحجم الكبير الدائري والمرغوب جداً من قبل الناس؛ إذ يستخدم للتخليل والتكليس.

ومن المناسبات الأخرى "الأعراس والأفراح"؛ حيث يقوم أهل العروسين بالذهاب إلى السوق لشراء ما يلزم العروسين وعرسهما حيث تتوافر في السوق الأقمشة والألبسة والمستلزمات المنزلية التي تحتاجها العروس في يوم جهازها، أما والد العروس فيزور السوق لشراء "الخلات"** وهي عبارة عن كاسات شاي للعامة من المدعوين لعرس ابنه أو أقمشة للمدعوين المقربين من عائلته.

العم محمد صاغر

كما يشهد سوق "شيح الحديد" الأسبوعي ازدحاماً في الفترة التي تسبق شهر "رمضان" المبارك؛ حيث يشتري الناس ما يحتاجون إليه من مواد غذائية استعداداً لهذا الشهر الفضيل وخاصة "التمر" و"السوس اليابس" وغيرهما. أما قبيل عيدي "الفطر السعيد" و"الأضحى المبارك" فلزيارة السوق نكهة خاصة وخاصة بالنسبة للأطفال الذين يرافقون أهاليهم لشراء ألبسة جديدة بمناسبة العيد، وفي المناسبتين يقوم الناس بشراء ما يسمونه شعبياً بأغراض العيد؛ وهي مؤلفة من مختلف أنواع السكاكر والبسكويت وفستق العبيد وغيرها، "أغراض العيد" يتم تقديمها للضيوف في العيد، وكذلك يتم توزيعها على الأطفال أثناء زيارة القبور في صبيحة العيدين.

وأخيراً، أود القول: إن قيام هذا السوق في يوم الجمعة من كل أسبوع هو فرصة للموظفين لزيارته وشراء متطلباتهم من الخضراوات والمواد الغذائية والمنزلية باعتبار أن الجمعة يوم عطلة رسمية».

أخيراً، يقول الدكتور "محمد عبدو علي" الباحث في تراث وتاريخ منطقة "عفرين": «إن سوق "شيخ الحديد" الأسبوعي الذي يقام في يوم الجمعة من كل أسبوع هو من أحدث الأسواق الشعبية في منطقة "عفرين"، وقد تم البدء بإقامته في العام 1994 وبذلك تكون جميع الأسواق الأسبوعية في المنطقة أقدم منه؛ فسوق "عفرين" الأسبوعي يقام منذ العام 1927، وفي "راجو" يقام منذ العام 1930، وفي "جنديرس" منذ العام 1940، وفي "المعبطلي" منذ العام 1994 أيضاً.

"شيخ الحديد" بلدة كبيرة تقع في أقصى الجهة الغربية من منطقة "عفرين"، وتبعد عن مدينة "عفرين" نحو 50كم، يعمل سكانها بالزراعة وبصورة رئيسية زراعة الزيتون، كما يزرعون الخضار التي تُروى بمياه نبعها الشهير الواقع وسط البلدة وكذلك بمياه الآبار، إضافة إلى زراعة حقول من الحبوب البعلية، وفي البلدة محلات تجارية وورشات تصليح الآلات الزراعية وسواها، ولها سوق تجارية أسبوعية تعقد في يوم الجمعة من كل أسبوع».

  • "شية": هي التسمية الكردية لمدينة "شيخ الحديد"؛ ولذلك يقولون عن سوقها الأسبوعي: "بازار شية".
  • ** "الخلات": تتألف الخلات من كاسات زجاجية أو أقمشة أو بطاقات دعوة عادية يرسلها والد العريس لأقربائه ومعارفه وأصدقائه لدعوتهم إلى عرس ابنه.