تعدّ "كنيسة القديس جاورجيوس" في حي الشرعسوس أولى كنائس الروم الكاثوليك بحلب بعد انشقاقهم عن الطائفة الإنطاكية، لم تعد هذه الكنيسة مكاناً للعبادة الآن فقد تحول قسم منها إلى ورشة خياطة وبقي القسم الآخر مزاراً للسياح.

لمعرفة تاريخ هذه الكنيسة قام eAleppo بتاريخ 1/12/2012 بالبحث في عدة مصادر، واكتشفنا بأن أقدم وثيقة تأتي على ذكر "كنيسة القديس جاورجيوس" في "الشرعسوس" هي عبارة عن مسطرة على إنجيل محفوظ في دار السيد "جوزيف شرقي" في "حلب" مفادها أن "كنيسة القديس جاورجيوس" في الشرعسوس فتحت للعبادة سنة 1835.

لم تكن كنيسة القديس جاورجيوس داراً للعبادة فقط، بل مزاراً هاماً يؤمه المؤمنون من شتى أطراف البلاد، ومن جميع الملل والأديان، كما أصبحت مدرسة مارجرجس في الشرعسوس من أهم المدارس وتخرجت فيها أجيال

والتقينا بعدة أشخاص منهم الأب "يوركي أبيض" في مطرانية الروم الكاثوليك في "حلب" والذي قال: «حين اعترفت السلطنة العثمانية سنة 1830 بكيان الطائفة الرومية الملكية المستقلة استطاع أبناء الطائفة بما نالوا من حرية أن يشيدوا كنائس خاصة بهم، أقاموا أول ما أقاموا معبداً للقديس "جاورجيوس" في دار قديمة تابعة لوقف فقراء الطائفة في الشرعسوس، وكانت هذه أول كنائسنا الرسمية في "حلب" منذ أمدِ بعيد».

من الكنيسة

وفي سنة 1849 قامت الأعمال لتوسيع الكنيسة وتحسين هندستها الداخلية، كما وجدنا في الرسائل التي بعث بها الخوري "يوسف حاتم" إلى البطريرك "مكسيموس مظلوم" يطلب فيها التدخل لحل بعض المشكلات الإدارية التي كانت تعترض سير الأعمال آنذاك.

ويتابع الأب "يوركي" حديثه قائلاً: «أُثيرت في مدينة حلب سنة 1850 أحداث شغب فيما يُعرف باسم "قومة حلب" حيث اندلعت النيران في الكنيسة، ولكن ما لبثت أن قامت فيها أعمال ترميم بإيعاز من السلطان "عبد المجيد خان" سنة 1852 كما يستدل من اللوحة الرخامية المعلقة على الباب الشمالي للكنيسة، وقد جاء فيها "قد ترممت هذه الكنيسة بعد حريقها بأمر ملكنا المعظم السلطان عبد المجيد خان حفظه الرحمن في رئاسة المطران كير ديمتريوس انطاكي سنة 1852 مسيحية"».

كما حدثنا الأب "يوركي" عن البناء الهندسي للكنيسة بقوله: «لقد زادت مساحة الكنيسة بعد الترميم 10 أذرع طولاً و5 أذرع عرضاً، وهي لا تطل على الشارع كما كانت العادة إبان الحكم العثماني بأن لا تطل الكنائس على شوارع رئيسية، وهي متوجهة نحو الشرق كالكنائس الشرقية منذ قديم الزمان، إلا أن مدخلها الرئيسي من جهة الشمال، والإيقونستانس (حامل الأيقونات) فيها من الموازييك الأحمر والأصفر والأسود المرصع بالأبيض، وهو رائعة من روائع الفن الهندسي المحلي».

كما التقينا الأرشمندريت "اغناطيوس ديك" الذي قال: «لم تكن كنيسة القديس جاورجيوس داراً للعبادة فقط، بل مزاراً هاماً يؤمه المؤمنون من شتى أطراف البلاد، ومن جميع الملل والأديان، كما أصبحت مدرسة مارجرجس في الشرعسوس من أهم المدارس وتخرجت فيها أجيال».

جاورجيوس

ويتابع الأب "اغناطيوس": «عندما تم تعيين المطران ايسيدورس فتّال مطراناً على "حلب" فكر بنقل كنيسة القديس جاورجيوس إلى الأحياء الحديثة بسبب تناقص أعداد المسيحيين في منطقة الشرعسوس وانتقالهم إلى هذه الأحياء الحديثة، حيث تمكن المطران من اقتناء أرض في جسر المعزة (عوجة الجب) بين محلة السليمانية ومحطة بغداد، ووضع حجر أساس للكنيسة الجديدة في أيار عام 1960، وتم الانتهاء من بنائها في آذار من العام 1969.

يروي سكان حي الشرعسوس قصة ما زالت متداولة بين عامة الناس بأن العثمانيين احتلوا الكنيسة في القرن التاسع عشر وحوّلوها إلى ثكنة عسكرية، وفي ذاك اليوم لم يستطع الجنود العثمانيون النوم داخل الكنيسة بسبب أصوات طرق حوافر حصان على السطح، فذهبوا إلى مطران الطائفة في ذاك الوقت ليسألوه عن هذه الأصوات فأجابهم بأنها أصوات القديس جاورجيوس (الخضر عليه السلام) مع حصانه وهو متضايق لأنكم احتليتم كنيسته، فغادروها في اليوم التالي».