أراد "أبو شاكر" أن يعمل مع والده منذ الصّغر وثبت على قراره، فأخذ أصول الصّنعة وقواعدها ونقلها لأولاده، فكانوا له كما أراد، فأسس اسم أشهر محل عصير، وبات مقصد كل من في "الشام".

قصدت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 شباط 2019، محل عصير "أبو شاكر" كما كل زوار "دمشق" الذي يقصدون الانتعاش بعصيره الذي اعتاد تحضيره منذ خمسينات القرن الماضي، واستمعنا إليه يحكي عن ذكرياته: «منذ طفولتي لقبني والدي "محمد العمري" "أبو شاكر"، ولم يعرفني أحد باسمي "عدنان العمري"؛ هذا اللقب ليس كل ما أخذته عن أبي، إنما وأنا في الصّف الثاني عام 1953 بدأت ارتياد محله للعصير؛ وهو الأول في "سورية"، وقد أنشأه عام 1925 في منطقة "المرجة" باسم "فاكهة الشّام"، وباشرت تعلم أصول العمل والمصلحة؛ ففي الشّتاء كنا نحضّر يدوياً عصير البرتقال والكريفون والرّمان والعنب. أما في الصّيف، فقد كنا نحضّر مشروب التّمر الهندي والليمون و"العيران" والحليب مع "البزورات" من الفستق واللوز الصّنوبر. أخذني العمل في المحل وفضلته على الدّراسة على الرغم من كل مساعي الوالد لإعادتي إليها وإبعادي عن الصنعة، فقد فرض علي تحقيق إيراد يومي بقدر 50 ليرة سورية، وإلا ستكون منامتي في المحل، مع يقينه بأن غلتي لن تتجاوز 45 ليرة سورية، إلا أنني رفضت ترك العمل، وعانيت بسبب النوم على الدّفة في المحل لليالٍ طويلة».

"أبو شاكر" أول محل عصير عرفته في "دمشق"، أجد لديه كأس العصير الطّبيعي الذي أحبه على اختلاف أنواعه، فقد أتقن تحضيره وبرع في ذلك، تجد لديه كل أنواع العصير المتميز، كل شيء تذوقته أعجبني وزاد على ذلك أسعاره المناسبة؛ لذا فهو خيارنا الأفضل

يتابع "أبو شاكر" ويقول: «لم يكن إتقان العمل في المحل يقتصر على عصر الفواكه وتقديمها، بل كنت أحتاج إلى معرفة تفاصيل وشروط كثيرة لأثبت وجودي وأحقق النجاح الذي أرغب فيه، فكثيراً ما سمعت والدي يقول: (مصلحتنا تحتاج إلى النظافة والكرم، فلا تغفل عن نظافة فاكهتنا مصدر رزقنا، ولا بأس إن بيع كأس العصير بفرنك ونصف الفرنك، وإن كان ثمنه فرنكين، وكذلك من غير المستحسن أن تقول سعر كأس العصير 10 قروش، إنما قل فرنكين؛ فهي أخف وقعاً). وفي زيارة قام بها الوالد إلى "بيروت"، أحضر للمحل آلة عصر الفواكه، وبدأنا تقديم عصير التّفاح والجزر، ثم أحضر الخلاط، وعلمني تحضير "كوكتيل" الحليب والموز، إلا أن "كوكتيل" الفواكه الذي كنت أحضره بعد نفاد الحليب لاقى ترحيباً من زبائن كثر، أحبوه وكثر طلبهم له، وبعد وفاة الوالد تابعت العمل في المحل بجهودي الشّخصية، وانتقلت إلى المحل الحالي في "الصّالحية" واجتهدت بالعمل، تزوجت ورزقت بستة أولاد ربيتهم وعلمتهم حتى تخرجوا في الجامعات، وعلمتهم أيضاً العمل في المحل والالتزام به، فكل واحد من أولادي الستة له عمل بدوام يومي قرابة الساعتين يلتزم به حتى الآن».

عبد الهادي العمري الملتزم بعمله في المحل

"عبد الهادي العمري" ابن "أبو شاكر" والعامل في المحل، قال: «أنا خريج كلية الإعلام، لم أترك عملي في هذا المحل، أنا أراه أكبر من كأس عصير، فهو ملتقى للكثير من الناس، تجد الحميمية حاضرة بينهم، وإن لم يعرف أحدهم الآخر، وأراه نقطة علامة لا يضيع عنها أحد، ولم تستطع أي ظروف أن تثنينا عن الاستمرار والمتابعة في عمل جدنا ووالدنا، فهو عمل عمره 60 عاماً بنينا خلاله اسماً وسمعة لا ينكرها أحد».

"أحمد سناد" رجل أعمال يقصد محل عصير "أبو شاكر"، يقول: «"أبو شاكر" أول محل عصير عرفته في "دمشق"، أجد لديه كأس العصير الطّبيعي الذي أحبه على اختلاف أنواعه، فقد أتقن تحضيره وبرع في ذلك، تجد لديه كل أنواع العصير المتميز، كل شيء تذوقته أعجبني وزاد على ذلك أسعاره المناسبة؛ لذا فهو خيارنا الأفضل».

أحمد سناد الزائر الدائم لمحل "أبو شاكر"

يذكر أن "أبو شاكر" من مواليد مدينة "دمشق" عام 1941، لم يزل في محله ويتابع العمل فيه مع أولاده حتى هذا اليوم، ويقدم أطيب وأشهى العصائر، مع ابتسامته ولطفه اللذين يعرفهما عنه كل من قصده.

زائر من الجزائر يقصد "أبو شاكر"