دخلت ميدانَ العمل في صناعة العسل الجردي منذ سنوات طويلة، وتمكنت من إثبات وجودها في المشاريع التي أقامتها، والمهرجانات المحلية العديدة التي اشتركت فيها كسيدة أعمال سوريّة، ناشرة ثقافة النحل وتربيته على أكثر من صعيد.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع رئيسة لجنة المرأة في اتحاد النحالين العرب "منال معمر" بتاريخ 10 آذار 2020 لتحدثنا عن التقنية التي تعلمتها في تربية النحل، فقالت: «بسبب أهمية وقيمة العسل في المنطقة بشكل خاص، وفي "سورية" بشكل عام، تشجعت لتعلم المبادئ الأولية في هذه المهنة الدقيقة، التي تتطلب متابعة منتظمة، وتعلمت كل ما يتعلق بها بشكل مكثف ودقيق، فأنا من عائلة "معمر" التي تعدُّ من أوائل العائلات السورية التي امتهنت تربية النحل، وصاحبة أكبر مشروع إفرادي بالعسل الجردي، وصُنف في "سورية" من أفضل الأنواع إنتاجاً للعسل، خصوصاً أنه مصنوع من الأعشاب الطبيعية والأشواك البرية وأنواع معينة من الأزهار لا تنمو إلا ضمن جرود "القلمون"، وقد حافظت بشكل متواصل على الثقة الأساسية بيننا كمنتجين أساسيين والزبائن، وهي أهم عامل لضمان الإنتاج وزيادة الطلب عليه، علماً أننا لا نعتمد على الكمية بقدر الحرص على نوعية منتجات العسل الجردي، حيث يتم إنتاجه ضمن فترة محدودة تمتد من بداية فصل الربيع حتى الصيف فقط، وليس على مدار السنة، فالمتابعة تكون شبه يومية، ولا بد للزبون الانتظار للموسم القادم حتى يعاود ثانية الحصول على عسل أصلي ومضمون 100%».

في السنوات الأخيرة واكبت كل التطورات في هذا المجال بالتركيز على تسويق منتجات خلية النحل باعتبارها من المواد الأكثر طلباً لكثرة استهلاكها كمنتجات الطبيعية، خصوصاً في عامين 2018، 2019 حيث أصبحت إنتاجات غبار الطلع على مستوى مهم، وهو عظيم كغذاء ودواء في آن معاً

تتابع: «في السنوات الأخيرة واكبت كل التطورات في هذا المجال بالتركيز على تسويق منتجات خلية النحل باعتبارها من المواد الأكثر طلباً لكثرة استهلاكها كمنتجات الطبيعية، خصوصاً في عامين 2018، 2019 حيث أصبحت إنتاجات غبار الطلع على مستوى مهم، وهو عظيم كغذاء ودواء في آن معاً».

أثناء عملية صنع العسل

أما عن النتائج الفعلية التي عكست جودة إنتاج العسل الجردي فقالت: «بصفتي رئيسة لجنة المرأة باتحاد النحالين العرب، أحاول دائماً وبمسؤولية إعطاء معلومات عن أي منتج من منتجات النحل، وما يحتويه من خواص مفيدة بنسب صحيحة ومدروسة لكل منتج على حدة.

ومن أهم الفعاليات التي قمت بها بالتعاون مع الاتحاد محاضرات توعوية في المراكز الثقافية والجمعيات الأهلية، تعنى بأهمية النحل ونشر ثقافته، كما كنت المنظمة لشؤون الوفد السوري في الخارج عبر تنظيم الندوات ومحاضرات بكل ما يتعلق بعالم النحل ومد النحالين بكل المستلزمات التي يحتاجونها، كمؤتمر "لبنان" 2018، ومؤتمر "أربيل" 2019، كما شاركت بالكثير من الدورات التدريبية العملية التي تهدف إلى تأمين مشاريع صغيرة لعمل المرأة في مجال إنتاجات النحل المتنوعة، لأن مهنة النحل بالأساس قديمة وخاصة للسيدات، ولكن مع التطور العلمي أصبح الرجل والمرأة يتشاركان المهنة معاً، وما زلنا بصدد تقديم كل ما يلزم للمنظمات أو الجهات التي ترغب بالعمل في مجال تربية النحل».

مع مجموعة من النحالين الصغار

وتابعت عن الشهادات التي نالتها في مسيرتها مع النحل: «حصلت على شهادة في تقنيات الاستشفاء الذاتي بمنتجات النحل عام 2018، وشهادة في تصنيع المراهم الطبيعية من "الرابطة السورية للطب وتربية النحل" 2020، وشهادة من "الجمعية الكيميائية السورية" 2020، وأسعدني المشاركة بأهم الفعاليات التابعة لمنظمة "أعمال خاصة بالنساء" تحت عنوان "النحالون الصغار" عام 2017، وهي تعريف أطفال ذوي الإعاقة على مراحل عملية صنع العسل، وأماكن وجود المناحل، وكيف تتم عملية صنع العسل وتصفيته ضمن رحلة ترفيهية تثقيفية لهم».

"راغب معمر" المهتم بعالم تربية النحل كان الداعم الأول لـ"منال" في مشوارها العملي وتعاون معها في كل خطوة حيث قال: «كانت انطلاقة آل "معمر" في العمل بمجال رعاية النحل وتربيته منذ عام 1929 مؤكدة ومسجلة بكتاب سيرة النحل السورية بـ" مكتبة الأسد".

شهادة من الجمعية الكيميائية السورية

أما بالنسبة لـ"منال" فقد أحبّت هذه المهنة وشجعتها عليها في بداية مشوارها فيه، لأن النحل بطبيعته كائن منظم وحساس، وتجب معاملته برفق واهتمام كبيرين، عملياً استطاعت سريعاً أن تلاحق كل المستجدات بموضوع العسل الجردي من حيث المناحل الموجودة والخلايا وكيفية تقسيمها والتعرف أكثر على الذكور من العاملات ضمن الخلية، واستفادت من الزيارات الميدانية للمناحل حتى أصبحت من ضمن الأوائل في مجال الأعمال التطوعية، وصاحبة أكثر المشاريع الريادية في نشر ثقافة العسل، وما زلنا منذ سنوات نتعاون معاً على وضع خطة سنوية لإنتاج غبار الطلع الذي تطور إلى حد كبير بفضل رعايتها وخبرتها من ناحية جودة المنتج ونقائه وصفائه».

"فتوح جمعة" أحد منتجي العسل الجردي عبّر عن رأيه بالخبرة التي تمتلكها "منال معمر" في مهنة تربية النحل قائلاً: «العسل الجردي يعتبر من أفخم الأنواع على مستوى الشرق الأوسط، ويتميز بخلاصة معينة لأعشاب برية نادرة الوجود، وتتنوع لدرجة كبيرة ضمن منطقة سلسلة جبال "القلمون" ذاتها، وقد اجتهدت "منال معمر" كثيراً في مجال تعريف كل إنسان سواء كان داخل أو خارج "سورية" بالفائدة الهامة للعسل، فمنتجات خلية النحل عموماً التي تقدمها في الوقت الحاضر ممتازة لأن اهتمامها بالمناحل يكون تحت إشرفها المباشر، والذي يتطلب منها اهتماماً ومتابعة حثيثة، لذلك بشكل عام يفضل على النحّال أن يبقى قريباً قدر الإمكان من مكان عمله، ويستثمر جلّ وقته في تنمية مهنته ضمن إمكانياته، وتعميق مهارته في العمل لضمان نجاحه فيه، لأن ذلك سوف يعكس حتماً على جودة منتجاته».

يذكر أنّ "منال معمر" خريجة كلية إدارة الأعمال، ومن مواليد "صيدنايا" في "ريف دمشق" عام 1980.