المذيعة "رائدة وقاف" إعلامية مخضرمة عرفت بالأداء اللغوي المتميز، والفصاحة، إلقاؤها سلس، أما محبة الناس فكانت دافعها نحو المزيد من الجهد والتألق ، والتلون في مجالاته برأيها الإعلامي مهما قدم وعرف بحاجة للمزيد وهذا ما حفزها للبحث الدؤوب عن مفاتيح الحضور القوي معتمد في ذلك على القراءة المستمرة والقناعة.

موقع eSyria التقى الإعلامية "رائدة وقاف" التي حدثتنا عن تجاربها والمحطات الأهم في حياتها المهنية والتي بدأت من إذاعة دمشق حيث قالت: هي محطتي الأولى التي انطلقت منها، قضيت فيها سنة تدريب على يد مجموعة من الإعلاميين العريقين أذكر منهم: "محمود الجمعات"، "مخلص الورار"، "فريال أحمد"،" نهلة السوسو" و الدرس الأهم الذي تلقيته هناك هو كيفية احترام المهنة، ومواصلة التعلم الإعلامي، لأننا دائماً بحاجة للمزيد من الثقافة.

وقاف : الدورات المهنية تصقل الموهبة

أما المحطة الثانية، فكانت دورة رسمية في التلفزيون حول المذيع المحرر والمذيع المعد، بعدها بدأت أول عمل لي حيث قمت بإعداد وتقديم برنامج "في بيتنا تلفزيون"، وأذكر هنا أنني بقيت مع زملائي لفترة في قسم الأخبار كمحررين في الأخبار استفدت منها كثيراً،دورات كثيرة اتبعتها، دورة في هولندا تعلمت فيها التحرير الإخباري، ودورة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك في الإعداد البرامجي والسياسة الوطنية، إضافة إلى الدورات التي يجريها التلفزيون بالتعاون مع التلفزة الأجنبية اتبعت دورة مع محطة" DWW"الألمانية حول الفيلم الوثائقي، ودورات" BBC "و مؤسسة "تومسون" البريطانية التي تدرب الإعلامي أن يكون معداً ومخرجاً ومقدماً ومصوراً إن استدعى الأمر، كل هذه الدورات كانت بالنسبة لي فرص جيدة، كنت وما زلت أشعر أن أي دورة تعني مزيد من صقل الموهبة وبالتالي النجاح الإعلامي تضيف السيدة رائدة: في" BBC "تعلمنا أساليب الحوار متى نبدأ الحديث وكيف نكون حياديين مع الضيف مع عدم حشو الكلام في فم الضيف، تعلمنا سبل الحوار الصحيح.

قراءات مستمرة:

وتعطينا مثالاً عن ضرورة الإعداد المسبق لأي عمل يكلف به المذيع فتقول: كلفت بإعداد فلم وثائقي عن الشيخ "صالح العلي"، فكان أول شيء قمت به هو قراءة كل ما كتب عنه، ومن وجهات نظر مختلفة، وبحثت فيما كتب عنه في دراسات أكاديمية ، والهدف من ذلك أنني أردت كتابة فلم حقيقي وحيادي، منطقي وموضوعي، وأن أبتعد نهائياً عن تبني أي رأي خاطئ .

الموضوعية بالخطاب الإعلامي:

لكن هل هناك موضوعية وحيادية بالإعلام، تؤكد السيدة "رائدة" فتقول :هذا الأمر برأيي هو من صلب سياسة محطتنا، فنحن في برامجنا نعتمد رأي الأكثرية، ونبض الشارع وتوجهاته، ومن غير المعقول إظهار رأي نشاز، وهذا الأمر عن قناعة، نحن مع حقائق الأمور عبر التاريخ، أمة تعتز بتاريخها، وثقافتها، وإبداعاتها ولذلك من غير المعقول تحويل خطابنا نحو الاستسلام ضد الممانعة، ومحطتنا نتاج لشارعنا لموروثنا، لشعبنا، شعب لم يرض الهوان، والذل على مدى التاريخ، وأمتنا كانت دائماً معتدة بثقافتها واستقلاليتها، وأعتقد أن لا مساومة على خطابنا، وأنا كإعلامية أتصرف على قناعتي وليس تبعاً للمحطة، وإن كانت هنا قناعتي متماهية مع سياسة المحطة " التلفزيون العربي السوري ".

"رائدة": على عيني (سورية الثانية):

وتحدثنا "رائدة" عن تجربتها في برنامج على عيني الذي انطلق مع انطلاق الفضائية السورية فتقول : كان البرنامج مهم جداً، لأنه أول برنامج تواصل مع المغتربين، البرنامج كان يمكن أن يسمى سورية الأخرى، فمن خلاله نسلط الضوء على سورية لكن برؤية أخرى ممثلة بأبناء سورية في الخارج، وعددهم حوالي 17مليوناً، كان يتوجه إليهم ،أحبوه وتواصلوا معه،كان بالنسبة لي مرحلة مهمة للغاية، استمر سبع سنوات، ثم كان برنامج أهل الدار.

السكة ؟

وتضيف السيدة "رائدة": كنت أعمل في البداية في كل مجال دون تحديد سكة معينة أسير عليها، جاءت الفرصة عندما استدعاني مدير التلفزيون آنذاك "صفوان غانم" وكلفني بموضوع الاغتراب، وقال لي هناك مؤتمر للمغتربين بقصر الأمويين للمؤتمرات،اذهبي واحضري ليلاً ونهاراً، واسمعي ماذا يتكلمون واجلبي معلومات حول /آراب أميركا/، وكانت معرفتي بالمغتربين مقتصرة على أدب المهجر، وفعلاً حضرت اجتماعاتهم، ولفتوا انتباهي إلى كتب لها علاقة بتجربة الاغتراب،ولاسيما ما كتبه الكاتب الأردني /البدوي الملثم/ عن المغتربين في أميركا اللاتينية، ثم انتقلت إلى ما كتبه الدكتور "عبد اللطيف اليونس" الأديب والنائب السابق الذي عاش الاغتراب وأصدر صحف بدول الاغتراب، تتابع "رائدة" برنامج على عيني ديناميكي متطور ففي البداية اقتصر على الاغتراب القديم في الأمريكتين، وسرعان ما أهتم بالاغتراب الحديث في أوروبا،ولذلك قرأت كتباً مصرية وثقت الاغتراب الحديث في أوروبا وأفريقيا، وفي بداية عملي استحضرت من مكتبة الأشرطة كل الكلمات التي ألقاها الرئيس الراحل حافظ الأسد في مؤتمرات البرلمانيين المتحدرين من أصل عربي وكل العبارات التي خاطب بها المغتربين، وفيما بعد اعتمدت على أول كلمة وجهها السيد الرئيس بشار الأسد لمؤتمر المغتربين في كوبا عام 2001، واعتمدت عليها كمنهاج عمل في البرنامج وتسليط الضوء على التوجه السوري نحو أبناءها المغتربين.

أول برنامج:

و عن برنامج جديد في المضمون بعنوان «يحدث هناك»وتحدثنا "رائدة": هو برنامج سيعمل على تسليط الضوء على الداخل الإسرائيلي، ويكشف ترهل وتفسخ هذا المجتمع، وتكشف حقيقة هذا الكيان المترهل والمتداعي والمهزوم بالأرقام والوقائع، وعدم تواجد أي عوامل تجمع بين أفراده، والمشكلات العديدة التي يعاني منها هذا المجتمع،التي تحمل في بذورها أسباب وعوامل زواله الحتمي، نتناولها بالتحليل والحوار مع المختصين بالشؤون الإسرائيلية، ويعد هذا البرنامج الذي البرنامج الذي أقدمه وأعده أنا والباحث تحسين الحلبي، أول برنامج يتناول هذه الجوانب، يومياً أبحث عن كل جديد فيه لأنه محطة هامة جداً في عملي الإعلامي.

كيف ترى "رائدة" المذيع الإعلامي؟؟

تقول: بالنسبة لي كنت وما زلت أعمل في البرامج الميدانية، وأحبها لأنها ببساطة تحافظ على تجدد الإعلامي، ولذلك أرفض المذيع، لأن الإعلامي الذي يبقى في الاستديو يتجمد، بينما الإعلامي الذي يتقصى في الشارع هو الذي يحافظ على تجدده، ولذلك أسعى دائما لأن أعمل كل شهر أو شهرين بهذا الاتجاه، فمثلاً عندما اشتغلت فيلم بيروت/ نبض الحرية / وكان له علاقة بتحرير الأسرى في صفقة تبادل بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، زرت بيوت الأسرى، وصورت ليومين قبل وبعد وصول الأسرى إلى المطار، وكان الانطباع جيد جداً، لقد عشت شعور الحرية.

رأي ؟

ورأت المذيعة "رائدة" في ختام حديثها لموقع eSyria أن الإعلام المحلي يشهد حالياً مع بدء عمل المحطات الخاصة، يشهد انطلاقة كبيرة، وأن المحطات الخاصة التي تقلع تمتلك الأدوات التي ستمكنها مستقبلاً من تحقيق تواجد على ساحة الإعلام العربي والعالمي، أما الإعلام الرسمي فقد حقق خطوات مقبولة نوعاً ما، لكن ما يزال يحتاج إلى عمل كبير، وإلى خطوات كبيرة كي تواكب ما وصل إليه الإعلام، وإذا استطاع الإعلام الرسمي أن يكرس النوع على حسب الكم في العاملين لديه فهو بالتأكيد سيتمكن من حرق المراحل.