حافظ الشهيد الدكتور "عزيز إسبر" على ولاءه للمؤسسة التي تعلم فيها، ونهل من منابعها حتى بعد حصوله على شهاداته العليا، فالتزم بالعمل في أروقتها لتكون له فيها بصمات وضاءة حافلة بالتميز.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 30 كانون الأول 2019 ألتقت "أمل إسبر" أخت الدكتور "عزيز إسبر" التي استرجعت ذكريات أخٍ لم تثنه أعماله ومسؤولياته عن مدّ سبل مفعمة بالحنان والاهتمام تحيطها وباقي أخوتها، فتقول: «مدينتا "مصياف" إلا إنّه وبحكم عمل والدي في الجيش العربي السّوري اعتادت أسرتنا التّنقل الكثير بين المدن والمحافظات السورية، وفي مدينة "عين فيت" في محافظة "القنيطرة" ولد أخي الأكبر "عزيز" عام 1960، ومنذ صغره عرف عنه الذّكاء المميز والفطنة المتوقدة بالإضافة إلى الهدوء والتّنظيم والتّرتيب الذي انتهجه في مجمل مراحل حياته، وقد كان دائماً محل ثقة والدتي، فكثيراً ما رددت على مسامعنا حجم اعتمادها عليه بمجمل الأمور.

كل من عرف الدكتور "عزيز" عرفه يمتلك طيفاً عريضاً من المعارف العلميّة والتّكنولوجية متعددة الاختصاصات (الرياضيات التطبيقية والميكانيك والنّظم الإكترونيّة والمعلوماتيّة وعلوم وتقانات الأجسام الطائرة)، ولديه بالفطرة براعة الإدارة والقيادة للعمل والعاملين، وبما أنه متسم بالحزم والطموح كان دائماً على استعداد لمواجهة التحديات لإنجاز المشاريع المعقدة علمياً وتكنولوجياً، كان البعد الاجتماعي في شخصيته متألقاً مع الأصدقاء وزملائه بالعمل وجيرانه، وروح الفكاهة والمرح لا تفارقانه، ويتمتع بحسٍّ عالٍ من المسؤوليّة والوجدانيّة، ما خلق مع كل من تعامل معه مشاعر الاحترام والتّقدير والإعجاب، وبحكم عقله المتنور كان دائماً في حالة تأهب للانفتاح على تجارب الحياة. وقد كانت له اهتمامات مكثفة في الشّعر والأدب والموسيقا، وعلى الرغم أنه تعلم متأخراً العزف على العود فقد كان يطربنا بعزف المقامات الحلبية

درس الإعداديّة والثّانويّة بمدرسة "أمية" في "دمشق" عام 1978 وكان من الأوائل في تحصيل الشّهادة الثّانوية، ففتحت أمامه أبواب كليات الجامعة كلها، إلا أنّه وبعد نقاشه مع أساتذته العارفين بما لديه من قدرات، تجاوز تسجيله في كلية الطب والتحق بالمعهد العالي للعلوم التّطبيقيّة والتّكنولوجيا، ووجد فيه بما يقدمه لطلابه أثناء الدّراسة وبعدها تطابقاً للفكر العلمي لديه، ويمكّنه من الحضور البارز في هذا المجال على خلاف ما لو كان طبيباً. لازم التّميز والنّجاح "عزيز"، وكان محباً للموسيقا والرّياضة فقد كانت تعطيه لحظات من التّرفيه، وفرصاً من إعادة الترّكيز الذي يحقق جزءاً من سعيه في تأمين سبل التّحصيل والبحث العلمي، وبعد ثلاث سنوات أُوفد إلى "فرنسا" ليحصل على شهادة دبلوم هندسة الطيران عام 1984 وهي من أفضل المدارس العليا والجامعات في مجال التّصميم الهندسي للأجسام الطائرة في "أوروبا"، وهي المدرسة العليا للطيران والفضاء "ENSAE " والمعروفة باسم "SUPAERO" في "تولوز" في "فرنسا"، ومع عودته إلى "سورية" عمل في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتّكنولوجيا لمدة عام، ليعود مجدداً إلى "فرنسا" ويتابع تحصيله العلمي العالي فحصل على شهادة دبلوم تخصصي في الميكانيك الجوي-الفضائي، ومن ثم شهادة دبلوم الدّراسات المعمقة ماجستير في الميكانيك عام 1987، وبعدها شهادة الدكتوراه في ميكانيك الموائع والسّوائل والغازات بتقدير شرف عالي عام 1991 من "ENSAE"».

أمل أسبر

وتتابع "أمل" استعراض الأعمال والمهام التي أوكلت إليه، فتقول: «مع عودته التحق بالعمل في معهد بحوث الطيران في "حلب"، وتصاعدت أعماله، واستلم إدارة فرع البحث والتّطوير، ومن ثم استلم إدارة المعهد بعد أن حاز الدّرجة العلميّة العليا كمدير بحوث عام 2004، بعد عدة أعوام سُمي مديراً للقطاع (-4) الذي يغطي المنطقة الوسطى والشّماليّة.

طوال فترة حياته كانت سيرة "عزيز" بالنسبة لي محط فخر بما فيه من خصال وصفات عرفها الغريب قبل الصّديق، وتكرر ذكرها وتأكد في حفل تأبينه فكانت الشهادات به وبما اتسمت به مسؤولياته ومهامه ونشاطاته العلميّة والإدارية بالعمق والتّنوع والغنى، وبما تمرس في جميع حلقات الإبداع والابتكار من التّعليم المتميز إلى البحث التّطبيقي والتّطور والأعمال الهندسيّة المتكاملة والإنتاج والاختبار وممارسات الجودة والوثوقيّة والإدارة العلميّة والإدارة العامة، وجاء الذكر على تطور منظوره للمركز الذي يديره، ولدوره الوطني خلال الأزمة التي واجهها الوطن، ليشمل بعداً آخر في المساهمة بدعم صموده وتنمية قدراته وتحصينه في مواجهة أعدائه والمتربصين به».

الباحث والدكتور "لؤي الحمصي" تحدث عن معرفته بالدكتور "عزيز إسبر" فقال: «كل من عرف الدكتور "عزيز" عرفه يمتلك طيفاً عريضاً من المعارف العلميّة والتّكنولوجية متعددة الاختصاصات (الرياضيات التطبيقية والميكانيك والنّظم الإكترونيّة والمعلوماتيّة وعلوم وتقانات الأجسام الطائرة)، ولديه بالفطرة براعة الإدارة والقيادة للعمل والعاملين، وبما أنه متسم بالحزم والطموح كان دائماً على استعداد لمواجهة التحديات لإنجاز المشاريع المعقدة علمياً وتكنولوجياً، كان البعد الاجتماعي في شخصيته متألقاً مع الأصدقاء وزملائه بالعمل وجيرانه، وروح الفكاهة والمرح لا تفارقانه، ويتمتع بحسٍّ عالٍ من المسؤوليّة والوجدانيّة، ما خلق مع كل من تعامل معه مشاعر الاحترام والتّقدير والإعجاب، وبحكم عقله المتنور كان دائماً في حالة تأهب للانفتاح على تجارب الحياة. وقد كانت له اهتمامات مكثفة في الشّعر والأدب والموسيقا، وعلى الرغم أنه تعلم متأخراً العزف على العود فقد كان يطربنا بعزف المقامات الحلبية».

استشهد الدكتور "عزيز" في أيلول 2018 تاركاً الأثر الكبير في السّاحة العلميّة، وضمن الفعاليات البحثيّة السورية، وله العديد من المشاركات من إعداد وترجمة لكثير من الكتب العلميّة والهندسيّة، منها (برمجة قواعد البيانات باستخدام "Visual Basic"، احترف "Windows 2000 Professional"، إدارة المشاريع باستخدام مايكروسوفت بروجيكت 1000، محركات البحث على الوب).