المشاهدات المؤلمة من تسرّب مدرسي وتسوّل لدى أطفال في الشوارع، دفعت عدداً من الشبان والشابات المتطوعين إلى التحرك للتعامل المباشر معهم، ودراسة وتحليل احتياجاتهم للعمل على تمكينهم والتشارك مع المعنيين في إيجاد حلّ لقضيتهم.

مدونة وطن "eSyria" التقت "سامية نحاس" بتاريخ 20 آب 2017، من مؤسسي فريق "سيار" الذي يعنى بمساعدة اطفال الشوارع، فقالت: «نحن مجموعة من المتطوعين نعمل على رصد الظواهر السلبية في المجتمع، وأولها ظاهرة أطفال الشوارع؛ لما لها من سلبيات مضرة عليهم وعلى المجتمع، ونسعى إلى تعزيز دور الفئات المهمشة للمشاركة في العملية التنموية، عبر توفير كل الإمكانات البشرية والمادية من خلال برامج مدروسة، وبدأنا أولى فعالياتنا من حديقة "المدفع" عام 2015، ثم كان لنا استضافة في وردة "مسار".

أحب أن أزور مركز "سيار" منذ سنتين؛ لأن المشرفين ينصحونني ويعلمونني الكثير، كنت لا أعرف القراءة، واليوم أصبحت أقرأ نحو خمسة أسطر، وأريد أن أصبح معلمة عندما أكبر

يبلغ عدد الأطفال المستهدفين نحو 150 طفلاً من المتسولين، والمتسربين من المدارس، والأميين، وأغلب الفئات المستهدفة ما بين سنتين إلى ست عشرة سنة، مع وجود رضّع أحياناً وأطفال بعمر السنة يتسول الكبار بواسطتهم، ويقوم عشرون متطوعاً أساسياً على التخطيط والتنفيذ، ويساعدنا ستون آخرون في النشاطات الخارجية، التي تتنوع بين جلسات أسبوعية، ورسم لوحات فنية مع فنانين تشكيليين، ونشاطات إعادة التدوير، والدعم النفسي للأطفال من قبل فريق "سيار" المتجول في الحدائق، وأقمنا مؤخراً في 12 تموز معرض "أبناء الشمس" في المركز الثقافي بـ"أبو رمانة"».

تطبيق برنامج العلاج بالفن

وعن أهداف المشروع وبرنامجه، تقول: «نعمل على التشبيك مع الجهات المعنية، من جمعيات، منظمات، وزارات، مراكز ثقافية، وأشخاص فاعلين في المجتمع بإمكانهم إيجاد الحلول الممكنة، لرفع مستوى الوعي، وتمكين الأطفال وإعادة دمجهم في المجتمع، مستندين إلى قيم مجتمعية تقوم على التشاركية والمسؤولية، واحترام ثقافة الاختلاف، والمواطنة الفاعلة، بهدف كسر أمية أطفال الشوارع، ومحاولة إعادتهم إلى مقاعد الدراسة، وتوعيتهم من المخاطر المحدقة بهم من خلال برامج التوعية الجنسية والجسدية، مستندين إلى برنامج العلاج بالفن للتفريغ النفسي، وتعديل سلوك هؤلاء الأطفال، حيث ساهم البرنامج في لفت انتباه الطفل إلى نفسه، وتقدير ذاته، وتوعيته عن طريق الدفاع عن نفسه من مخاطر الشارع، وأن لديهم القدرة على القيام بالأعمال الفنية، إضافة إلى تمكين المتطوعين وبناء قدراتهم من خلال الورشات التدريبية والبرامج المجتمعية».

إحدى الأطفال المشاركين في أنشطة المشروع (ممنوع ذكر أسماء أطفال المشروع)، تقول: «أحب أن أزور مركز "سيار" منذ سنتين؛ لأن المشرفين ينصحونني ويعلمونني الكثير، كنت لا أعرف القراءة، واليوم أصبحت أقرأ نحو خمسة أسطر، وأريد أن أصبح معلمة عندما أكبر».

من نشاطات الفريق مع الأطفال

طفل آخر من المستفيدين من المشروع والذي يعاني صعوبة في الكلام بوضوح، قال: «يساعدني الفريق على تعلّم الحروف».

من جهته المسؤول الإعلامي ومساعد في قسم الشراكات "وسيم السخلة"، يقول: «مشروعنا استجابة مجتمعية حقيقية لظاهرة تسول الأطفال في الشوارع، التي نلاحظ ازديادها خلال الأزمة، وبدأت الفكرة مع متطوعين تنبهوا إلى تفاقمها، وبدأ عملهم مع الأطفال بسيطاً، وتطور اليوم ليشمل عدة نواحٍ، منها: توعوية، حيث نقوم بتوعيتهم من الأخطار المحدقة بهم، وأخرى تتعلق بمحو الأمية، حيث نحاول إعادتهم إلى المدارس لتسربهم منها، والثالثة ترفيهية؛ لأنهم لم يأخذوا فرصتهم في اللعب والترفيه، ولم يعيشوا طفولتهم كغيرهم من الأطفال، ونحن ندرك خطورة هذه الظاهرة التي تحتاج إلى تضافر الجهود الأهلية المدنية والمجتمعية، لمكافحتها والعمل على حلها، ونفخر بمساعينا، وتواصلنا مع بعض الجهات الحكومية والمنظمات المجتمعية لتحويل هذه الظاهرة إلى قضية رأي عام، كي نساعد على حلّها، ونتعامل مع هؤلاء الأطفال كضحايا مشغلين من قبل عصابات تسول، أو من قبل ذويهم، أو أشخاص لا يعرفونهم في كثير من الأحيان، ونعدّهم قوة مجتمعية إذا استطعنا أن نعطيهم حقوقهم، ونستثمر طاقاتهم يمكن أن يتحولوا إلى أشخاص صالحين ومنتجين وقادرين على المشاركة في بناء المجتمع، وفي أحد المشاريع عرضنا لهم بعض الأعمال الفنية التي تمكّنوا من إنجازها في معارض صغيرة، حيث أثبتوا قدرتهم على صناعة منتجات فنية بسيطة، وبيعها بدل التسول الذي اعتادوه».

قيام الأطفال بأعمال فنية

واضاف: «لدينا عشرة مراكز في "دمشق" وريفها، و"حلب"، وباقي المحافظات، ونلاحظ مؤخراً انتشار الفكرة التي يقوم عليها المشروع حول دعم هؤلاء الأطفال في المجتمع، ومن دوافعي للمشاركة في المبادرة لكوني ألمس هذا الاحتياج المجتمعي في كل يوم عند ذهابي إلى العمل والدراسة، وأريد المساهمة في تطوير المجتمع والعمل من أجله، من خلال تقديم المساعدة لهؤلاء الأطفال».