سبع سنوات من الألم والأسى لم تكن قادرة على تلوين قلوبنا بالسواد. سبع سنوات حرب بكل ما فيها من خسارات فشلت في إيقاف نبض الحياة في عروقنا. سبع سنوات حزن لم تمنع السوريين من ممارسة طقوس السعادة.

المعاناة التي عاشها السوريون لم تنسِهم الفرح أبداً، بل على العكس، جعلتهم يشتاقون إليه أكثر؛ فلا يتوانون في أي مناسبة عن صناعته، ولا يتقاعسون في تبادله وتوزيعه فيما بينهم، حتى إنهم يختلقون الأسباب لإظهاره على العلن، ويتفننون في طرائق استعراضه، ويتقنون جداً مهنتهم التي يؤدونها بتقوى ما بعدها تقوى؛ صناعة الفرح.

أمس، الاحتفالات التي جابت شوارع "سورية" بكل مدنها، عقب انتهاء مباراة منتخبنا السوري مع المنتخب الأسترالي، لم تكن بغية الاحتفال بنصر التعادل فقط، بل كانت كما هم السوريون دائماً، بغية صناعة الفرح لأنفسهم، والتعبير عما بداخلهم من طاقة إيجابية، لا يكاد مستواها ينخفض قليلاً لسببٍ مريع إلا ويعود إلى الارتفاع أكثر حتى من دون سبب مقنع أحياناً.

كما كانت تلك الاحتفالات بغية إيصال كلمتنا إلى العالم أجمع، بأن كل ما نتعرض له خلال الأزمة التي نمرّ بها، لن يحبسنا في بيوتنا لانتظار ما سيحلّ بنا، بل سنمارس حياتنا الطبيعية، ويكبر الإصرار فينا يوماً بعد يوم على ممارسة طقوس السعادة التي تليق بهذا الشعب القوي، وأكبر دليل على هذا؛ مشهد إحدى مسيرات الاحتفال من قبل مجموعة من الشباب التي مرت بالقرب من مكان قذيفة هاون سقطت بعد نهاية المباراة في منطقة "الشعلان" بـ"دمشق"، فهناك تحديداً تعالت الهتافات: "سورية"، "سورية"، والبسمات ترتسم على الوجوه، ومشاعر الاعتزاز تسري في الأرواح.

الأمس واليوم وغداً، وفي كل يوم، كل سوري سيصنع قليلاً من الفرح، وسيمزجه مع ما صنعه أخوه السوري من فرحٍ أيضاً، ستجتمع طاقة الفرح لدى كل السوريين، وستكون قادرة على محو كل الألم والحزن والخراب.