قبل عام في مثل هذا التوقيت، كما العام الذي قبله والعام الذي سيأتي، مدة مخصصة لحملة مناهضة العنف ضد المرأة، هل تذكر أنك شاركت في هذه الحملة سابقاً؟ ماذا فعلت؟ هل تغيّرت؟ هل تغيّر المجتمع من حولك؟ ماذا قدمت؟ وماذا حصدت؟ وماذا تأمل أن يحدث في العام القادم؟

أنت وأنا.. هي وهو.. وأغلبنا نؤيد حملة مناهضة العنف ضد المرأة بكل تأكيد، ولا نمانع بتخصيص 16 يوماً لهذه الحملة التي تقام في جميع أنحاء العالم، وسنكون مع الشعارات الرنانة التي تُرفع والإعلانات الطرقية التي تُعلّق والبرامج التلفزيونية والإذاعية التي تُبث، والنشاطات المرتبطة بذلك، التي تُقام في محافظات مختلفة وبأساليب متنوعة، كما أننا لن نتردد بدعم هذه الحملة من خلال (لايكاتنا) وتغيير صور (بروفايلاتنا) وكتابة التعليقات والمنشورات التي تشير إلى وقوفنا ضد من يُعنف المرأة، وقد يصل بنا الأمر إلى النزول من العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقي للحضور والمشاركة فعاليات تُقام خصيصى في هذه المناسبة (معرض فني، عرض مسرحي، جلسة توعوية، وغير ذلك)، ومنا من سيركز بقصد أو بغير قصد على أن يكون حديثه الشاغل -في الـ16 يوماً- هو المرأة وكيفية حمايتها من العنف، وتداول العديد من القصص التي تروي مآسي وآلام لسيدات وفتيات تعرضن لأساليب مختلفة من التعنيف في المنزل أو العمل أو في أي مكان ولأسباب تافهة أو غير تافهة لا يهمّ.

لا ننكر أن بعض الناشطين والناشطات في المجتمع الأهلي، والقائمين على الجمعيات والمؤسسات التي تُعنى بالمرأة، وكل من ساهم بعمل على أرض الواقع فيما يخص هذه الحملة، يمكنه أن ينام مرتاح الضمير؛ لعلّ وعسى أن يُحدِث أثراً إيجابياً في المجتمع لجعل ولو نسبة ضئيلة منه تغير تصرفاً واحداً على الأقل من تصرفاتها، وتُسهم في تقليل تعنيف المرأة، سواء من قِبل الذكور الذين يمارسون التعنيف وهم يعلمون أنه تعنيف أو لا يعلمون، أم من قِبل الإناث اللواتي أصبحن يعرفن أكثر كيف يرفضن أي مظهر من مظاهر التعنيف، ويعرفن حقوقهن ليتمكنّ من الدفاع عن أنفسهن.

أما نحن أصحاب المواقف على الصفحات الزرقاء، فلا يمكننا أن نقول إننا ساهمنا في حملة مناهضة العنف ضد المرأة، إلا إذا استطاع كلّ منا أن يعاهد نفسه على تغيير تصرفاته اليومية التي يجد أنها تحمل نوعاً من أنواع العنف، ويراجع ذاته كل مدة ليقيم ماذا أنجر في هذا الفعل، فمحاربة العنف بوجه عام تصب في النهاية في محاربة العنف ضد المرأة والرجل والطفل وكل المجتمع.