بعد انطلاق الشرارة الإلكترونية الكاذبة؛ باحتمالية توقف بعض حسابات "الفيسبوك" غير النشطة، تهافتت الرسائل المزعومة التي تستغيث من أجل الحفاظ على مضمون الحسابات الشخصية والحصول على تحديثاتها، فما الكنز الثمين الذي يخاف السوريون فقدانه في حال ضاع أحد حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بالفعل؟

بعيداً عمن يستخدمون موقع "الفيسبوك" في أعمالهم اليومية، من ترويج وتواصل وبيع إلكتروني وغير ذلك، عاش معظم رواد ذلك الموقع في "سورية" حالة قلقٍ شديدٍ خشية ضياع صفحاتهم الزرقاء التي لا يوجد بالأساس ما يثبت أنهم يملكونها حقاً، وحين دخلوها قبل أكثر من 10 سنوات لم يكونوا على علم بأنها ستصبح جزءاً رئيساً من حياتهم اليومية، بل كانت مجرد تجربة بسيطة لإرضاء فضولهم بالاطلاع على عالم جديد سمعوا أو قرؤوا عنه، وحينئذٍ أيضاً لم يعرفوا أن إدمان تلك الصفحات سيصل بهم إلى الانجرار وراء شائعات تتعلق بها، وتتصف بأنها بعيدة كل البعد عن منطق العقل بوجه عام، ومنطق التكنولوجيا بوجه خاص، مثل ذلك الانجرار والتعاطي مع موضوع الشائعة الأخيرة التي تقول: (إن إرسال رسالة إلى كل المستخدمين الموجودة في حساب أيٍ منا سيساعد مهندسي شركة "الفيسبوك" العملاقة على حل مشكلة تقنية تواجهها).

على ما يبدو صفحات "الفيسبوك" ونوافذ دردشتها تعني الكثير للسوريين، فلولا ذلك لم الخوف عليها، طالما أن أي شخص في العالم قادر عن إنشاء حساب جديد ومجاني متى يشاء؟ إلا أن الموضوع أبعد من ذلك بكثير، فهو يحمل جانباً عاطفياً واضحاً، فمعظم الناس لا يستخدمون هذا الموقع الأزرق للتواصل فقط، بل يعتمدون عليه في تخزين الذكريات والأحداث والأشياء التي يحبونها؛ القديمة منها والحديثة، من خلال ما ننشره على صفحاتنا أو ما نتبادله مع أصدقائنا من نصوص وصور وفيديوهات وغير ذلك، فالكنز الذي نخبئه في صفحاتنا على "الفيسبوك" يدفعنا إلى القلق والخوف عليها من الضياع، وخاصةً أننا لا نملك لبعضها نسخة في مكان آخر، فلو كانت الصورة التي نشرناها على سبيل المثال محفوظة على أجهزتنا الذكية، فإن الإعجابات والتعليقات وكمية المحبة التي نتبادلها مع أصدقائنا لا نملك منها نسخة أخرى في أي مكان آخر، وعلى ما يبدو هذا هو الكنز الذي نخشى عليه من الضياع.

التبرير العاطفي لتمسكنا بكنز المحبة المدوّن على صفحات "الفيسبوك" يجب أن يقابله تصرف منطقي يجنبنا الانسياق مع ترهات فيسبوكية جديدة.