من الطبيعي أن نشعر بالخوف من فايروس "كورونا" الذي أخذ يغزو العديد من الدول مؤخراً كوباءٍ مسبّبٍ للموت، لكن من غير الطبيعي أن يتحول ذكر اسم هذا الفايروس - وخاصة في "سورية"- إلى رُهابٍ يدفعنا للقيام بتصرفاتٍ غير واعية تجاه التعامل مع هذا المرض إن وجد.

التوازن في التعامل مع احتمال وجود الفايروس المستجد أكثر ما هو مطلوب في هذه الفترة، فالتهويل وإخافة الناس من هذا المرض لا مبرر له أبداً، مقابل أهمية التعامل بجدية مع الموضوع للوقاية والحماية من احتمالية وجود أيّ إصابةٍ قد تنقل الفايروس وتسبب العدوى، وخاصةً أننا من البلدان القليلة التي لم يسجل فيها أيّ إصابات حتى اليوم، وبالتالي فإنّ الخطر الذي يشكّله انتشار الفايروس وعدم السيطرة عليه كما حصل في بعض الدول غير موجود حتى الآن، ولكن الوقاية ضرورية والإجراءات الاحترازية على الصعيد الحكومي والشخصي هي أفضل ما يمكن القيام به تجنباً لأيّ مكروه في الأيام القادمة.

المشكلة أّن بعضنا فهم أنّ القرارات الحكومية التي أُعلنت مؤخراً حول إجراءات الوقاية من انتشار فايروس "كورونا" هي دليل على انتشار المرض، وبدأ بنشر الخوف المبالغ به الذي يؤثر سلباً فيه وفي من حوله معنوياً أو جسدياً لما لذلك من تأثير في مناعة الجسم، فأكبر الأخطاء في هذه المرحلة الحساسة هي التعامل مع الحالة على أنّ الوباء منتشرٌ وأنّنا عاجزون أمام ذلك، أما الحقيقة الفعلية فإنّ كلَّ ما أعلنت عنه الحكومة من إجراءات احترازية وتعليمات تنفيذية تفصيلية تصدر يوماً بعد يوم دليلٌ على تدبير واعٍ ومتابعةٍ قويةٍ للموضوع حرصاً على سلامة مواطنيها.

الإجراءات الحكومية وحدها لا تكفي فالدور الكبير أيضاً يكون على عاتق المواطنين الذين من واجبهم أن يكملوا ما تقوم به الجهات المعنية من وقاية عامة بالوقاية الشخصية، والالتزام قدر الإمكان بالتعليمات الصحية المفروضة، والتحلي بالوعي اللازم، إضافةً إلى دور المجتمع الأهلي والمبادرات المجتمعية بنشر الوعي والثقافة الصحية الخاصة بالفايروس المستجد عبر الندوات وحملات التوعية وغير ذلك.

عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أنشأها السوريون في اليومين الماضيين لمواكبة حدث الـ"كورونا"، وآلاف المنشورات التي غزت الموقع الأزرق لم يخلُ بعضها من السخرية و(الهضامة) ما يشير إلى قدرة هذا الشعب على التحمل والتأقلم مع جميع الظروف.