الإجراءات الحكومية التي كانت سبّاقة في التصدي لجائحة "كورونا" من خلال قراراتٍ احترازيةٍ منعت انتشار الفيروس وسيطرت على الوضع الصحي بشكلٍ جيّد، بدأت بالانحسار اليوم على حساب عودة الحياة إلى مجراها بشكلٍ تدريجي، لأسبابٍ تجدها الحكومة مبررةً، لتُرمى الكرة في ملعب المواطنين الذين أصبحوا مُلزمين أكثر من أيّ وقتٍ مضى بالالتزام بتدابير الوقاية والحماية للاستمرار في منع انتشار الوباء.

عودة وسائل النقل العامة والخاصة إلى العمل، وفتح الطرقات بين المدن وأريافها، وفكّ حظر التجول الذي كان في أيام العطل، إجراءات جاءت لخدمة المواطن (المضطر)، مع التأكيد على ضرورة تطبيق معايير الحماية والوقاية، إلا أنّ الكارثة تكون عندما يعتقد البعض أنّ هذه الإجراءات إشارةٌ لنهاية الوباء وعودة الحياة إلى طبيعتها، وبالتالي عدم بذل أيّ مجهود في متابعة الحجر المنزلي الطوعي واتخاذ تدابير النظافة والوقاية.

هذا ما وجدناه في اليوم الأول من عودة وسائل النقل إلى العمل فكانت (الباصات والسرافيس) تعجُّ بالناس من مختلف الأعمار، على عكس ما صوّرته بعض وسائل الإعلام لمشاهدٍ يبدو أنّها نادرة، ومن الواضح أنّ البعض كانت غايته من التنقل التنزه فقط بعد أن ملّ من الحجر وفقاً للأحاديث الدائرة في وسائل النقل، هذا عدا عن وجود الناس في الأسواق والطرقات وعلى جنبات الحدائق بشكل يشير إلى انخفاض نسبة الالتزام التي كانت في بداية الجائحة، إضافةً إلى التغاضي عن موضوع إيقاف المصافحة بين الأشخاص والتباعد المكاني والجسدي قدر الإمكان.

تنفيذ إجراءات الوقاية المفروضة والتقيّد بها، تقع مسؤوليته اليوم بالشكل الأكبر على عاتق المواطن، فمن خلال وعيه يجب أن يحدد ما عليه فعله، فالمجال المفتوح أمام الجميع لا يعني بالضرورة استغلال ذلك المجال بأكمله، ومن الواجب أن يقوم كلٌّ منا بوضع معاييرَ شخصيةٍ تحدد طرق تعاطيه مع إجراءات الوقاية والحماية والتقيّد بها بما يتناسب مع طبيعة عمله وحياته، وأن يحرص على تقليل الاختلاط بالناس قدر الإمكان وتنفيذ الحجر المنزلي بالحد الأقصى، حتى يكون له دورٌ حقيقيٌ في السيطرة على عدم انتشار الفايروس واستمرار دورة الحياة الاقتصادية والمجتمعية في آنٍ معاً.