تعتبر اللغة العربية ثروة من الثروات القومية في عالم المعرفة والبحث العلمي، ويمكن أن تساهم في الاستثمارات الاقتصادية والاجتماعية لصناعة محتوى رقمي معارفي عربي يدخل في البناء والإدارة والتنمية.

حول استثمار اللغة كثروة قومية في المعرفة، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 أيلول 2018، التقت الأستاذ الدكتور "محمود السيد" عضو مجلس أمناء الجامعة الافتراضية، الذي بيّن قائلاً: «من وظائف اللغة التفكير والتعبير والتواصل، اللغة رمز للهوية إن للفرد أو المجتمع والأمة، وفي عصرنا الحالي اللغة هي الوجود ذاته مرتبطاً بثقل الوجود اللغوي على الشابكة، واللغة هي عامل من عوامل التنمية الاقتصادية في المحيطين الاجتماعي المحلي والدولي كليهما في عملية التنمية لا تتم إلا بالاستثمار في الإنسان، وخاصة معرفته العلمية ولغته العلمية والتقانية. وللغتنا العربية إضافة إلى ذلك وظيفة حضارية وسياسية، إنها ثروة قومية ذات عوائد اقتصادية كبيرة في مجتمع المعرفة؛ إذ إن القيمة الاقتصادية للغة تكمن في دورين من الناحية الاقتصادية هي أداة في الاقتصاد وفي عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي صناعة وسلعة في القطاع الاقتصادي القائم على المعرفة العلمية والتقانية، ووعاؤها اللغة، لكنها تختلف عن السلع الأخرى في أن مخزونها لا ينفد، والعامل الذي يتعامل مع آلة أو جهاز يعرف مكوناته بلغته الأم، ومع مرافقين له في العمل ينطقون لغته نفسها يجعله ذلك في وضع نفسي مريح، فيكون نشاطه أشد، وفعله أجدى، وإنتاجه أكثر، وثمة تشابه بين اللغة والنقود؛ كلتاهما عامل من عوامل تطور النظم الاجتماعية والمشاركة في الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، النقود تسد الحاجات، واللغة تلبي الحاجات والمتطلبات، واللغة المشتركة في المجتمع بمنزلة الرصيد وثروة اجتماعية متراكمة، وتداول الألفاظ يشبه تداول السلع في السوق، وثمة كلمات معينة وظيفية وجوهرية تشبه الأحجار الكريمة ذات القيمة العالية، وثمة مستويات للعملات ومستويات للكلام، العملات المعدنية والورقية لا تستمد قيمتها ومعناها إلا من الاستعمال، وكذلك اللغة قيمتها في الاستعمال والتداول، تغير معنى الكلمات للغة ما يساوي تغيير قيمة النقود في الدولة، كلتاهما؛ أي العملة واللغة "تصك"، ولا تتركان من دون تحكم ومتابعة، ولا بد لهما من سياسة؛ نقدية، ولغوية».

الاستثمار في مجال الموسوعات والبنوك الرقمية العربية والمعاجم العامة والمتخصصة، وترجمة أمّات الكتب العلمية وتزويد الجامعات العربية بها، ووضع معاجم إلكترونية خاصة بالنحو والصرف والبلاغة والإملاء والعروض، وبرامج تفاعلية حاسوبية لتعليم اللغة العربية لأبنائها وغير أبنائها وإجراء دورات تعليمية مكثفة، وللأسرة العربية والطفل العربي على غرار برنامج "افتح يا سمسم"، مع تحويل النصوص إلى كلام، والكلام إلى نصوص، والأهم الاستثمار في زيادة المحتوى الرقمي العربي على الشابكة "الإنترنت" بعد أن تبين غياب استراتيجية عربية لصناعة المحتوى من جهة، والتبعية المعلوماتية من جهة أخرى، كما تبين ندرة برامج البحث والتطوير الموجهة لصناعة المحتوى، وعزوف القطاع الخاص عن المساهمة في هذه الصناعة

وتابع الدكتور "محمود السيد" بالقول: «تعدد المصطلح العلمي والتقاني وعدم تداوله هو تضخم في اللغة ما دام لا يستعمل، وهناك تضخم في النقد عندما يزداد وتنقص قيمته الشرائية، وهناك قيمة سلعية للنقد تمثلها النقود الذهبية والفضية، التي لها قيمة في ذاتها، إضافة إلى قيمتها الرمزية بصفتها نقداً، وهناك معلومات علمية وتقانية لها قيمتها في ذاتها لما لها من قيمة إنتاجية، وهي سلعة في ذاتها لا بد من دفع الذهب للحصول عليها.

الدكتور آصف دياب

والاستثمار في اللغة القومية استثمار في الإنسان والأجيال القادمة، وضمان الوحدة العربية وتمسك الأمة بقيمها وثوابتها وتاريخها والحفاظ على هويتها، واستثمار في توطين الصناعة والتجارة والتقانة والمعارف المختلفة، ولا يتحقق ذلك إلا بإتقان اللغة وتوظيفها وتفعيلها في جميع الميادين، وكذلك في الجودة والإتقان والإبداع في كل ما يتعلق باللغة من وظائف وأعمال تعتمد المهارات والقدرات، والعملة الوطنية من مقومات السيادة الوطنية، واللغة الوطنية من أهم أدوات تعزيز المواطنة، وتوجيه المال نحو الاستثمار في معالجة اللغة العربية يحقق عائداً كبيراً للمستثمر نفسه وللغة أيضاً لأسباب منها قابلية هذه الاستثمارات للنمو نظراً لاتساع سوق اللغة العربية في المنطقة العربية، وإقبال غير العرب على برامج تعلمها، تفاعل الثقافة العربية والإسلامية مع ثقافات العالم المختلفة عبر الشابكة "الإنترنت"، ومرونة اللغة العربية وقدرتها على استيعاب التقانة لتعدد خصائصها وتفردها؛ وهو ما يضمن رواجاً لها في حركة البيع والشراء عند الطلب وتنامياً في وسائل العرض».

وفي مجال الاستثمار بميادين اللغة العربية تابع "السيد" بالقول: «الاستثمار في مجال الموسوعات والبنوك الرقمية العربية والمعاجم العامة والمتخصصة، وترجمة أمّات الكتب العلمية وتزويد الجامعات العربية بها، ووضع معاجم إلكترونية خاصة بالنحو والصرف والبلاغة والإملاء والعروض، وبرامج تفاعلية حاسوبية لتعليم اللغة العربية لأبنائها وغير أبنائها وإجراء دورات تعليمية مكثفة، وللأسرة العربية والطفل العربي على غرار برنامج "افتح يا سمسم"، مع تحويل النصوص إلى كلام، والكلام إلى نصوص، والأهم الاستثمار في زيادة المحتوى الرقمي العربي على الشابكة "الإنترنت" بعد أن تبين غياب استراتيجية عربية لصناعة المحتوى من جهة، والتبعية المعلوماتية من جهة أخرى، كما تبين ندرة برامج البحث والتطوير الموجهة لصناعة المحتوى، وعزوف القطاع الخاص عن المساهمة في هذه الصناعة».

مراسل مدونة وطن مع الدكتور محمود السيد

والدكتور "آصف دياب" الباحث في العلوم والتكنولوجيا بيّن قائلاً: «لعل فعاليات المؤتمر الثاني لصناعة المحتوى الرقمي العربي تحت عنوان: "المحتوى المعارفي السوري، البناء، الإدارة، والاستثمار"، سوف يحمل أهمية ودوراً في إغناء المحتوى التعليمي الرقمي في إحداث التغيير المنشود في قطاع التعليم العالي في "سورية"، فالمحتوى يلعب دوراً مهماً في الاستعراض الحالي والتوجيهات الحديثة للمحتوى والخصوصية السورية، وهناك رؤى المترتبة على الجامعات السورية العزوف وقلة التفاعل مع حضور التعليم والمعرفة، وبات المحتوى مكثفاً، ويمكن للمحتوى التعليمي الرقمي أن يؤدي دوراً فعالاً في ردم الفجوات المتأصلة في منظومة التعليم العالي ودعم مسيرة التغيير المنشود في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها القطر، فالطريق التغيير باتجاه المحتوى الرقمي ونمط التعليم الممزوج والمحفوفة بالتحديات، التي تقف عند تأمين المحتوى الرقمي، بل تتضمن إيصاله إلى الطالب وتمكين الأخير من التعامل والتفاعل معه، وهناك تحدي التكنولوجيا في البنية التحتية الفيزيائية والبرمجية، وما تتطلبه من استثمارات، وعليه كان لا بد من هذه التظاهرة العلمية التقنية؛ لأنها تعيد إحياء مفهوم المحتوى الرقمي السوري والبحثي السوري وأهمية البحث العلمي الذي يكون عادة مسؤولاً عن المعرفة العلمية والتكنولوجية وهي تمثّل لبّ الحالة».