يبدو واضحاً في المدة الأخيرة التوجه نحو اتباع طرائق حديثة في التعلّم، وإحدى أهم هذه الطرائق المناظرة، التي شغلت حيّزاً كبيراً من الاهتمام، حتى أصبحنا نشهد قيام بطولات وطنية فيها على مستوى "سورية".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 4 آذار 2019، "جمانة الدّرا" المنسق المركزي لدمج التقانة في التعليم في وزارة التربية، لتحدّثنا عن المناظرة وأركانها ومهامهم، فقالت: «المناظرة حوار وجدال علمي، يقوم أطرافه بالتحاور حول قضيّة إشكالية معيّنة، يديرها حكم أو رئيس هيئة تحكيم، ويكون فيها طرف مؤيد وآخر معارض، وتنتهي بتصويت الجمهور، أو من قبل لجنة التحكيم، ويفضي هذا التصويت إلى ترجيح كفة حجج أحد الطرفين، حيث تكون النتائج مقسّمة بين سبعين بالمئة من التقييم النهائي لتصويت الجمهور، وثلاثين بالمئة لتقييم اللجنة. وفي نهاية المناظرة، وبعد تعليقات اللجنة، تعلن نتائج التصويت، والفريق الفائز فيها، وجائزة أفضل محاور؛ وهو شخص وليست مجموعة، والحاصل على أعلى نتيجة في تقييم اللجنة».

المناظرة حوار وجدال علمي، يقوم أطرافه بالتحاور حول قضيّة إشكالية معيّنة، يديرها حكم أو رئيس هيئة تحكيم، ويكون فيها طرف مؤيد وآخر معارض، وتنتهي بتصويت الجمهور، أو من قبل لجنة التحكيم، ويفضي هذا التصويت إلى ترجيح كفة حجج أحد الطرفين، حيث تكون النتائج مقسّمة بين سبعين بالمئة من التقييم النهائي لتصويت الجمهور، وثلاثين بالمئة لتقييم اللجنة. وفي نهاية المناظرة، وبعد تعليقات اللجنة، تعلن نتائج التصويت، والفريق الفائز فيها، وجائزة أفضل محاور؛ وهو شخص وليست مجموعة، والحاصل على أعلى نتيجة في تقييم اللجنة

وتتابع: «تقوم المناظرة على عدّة أركان، منها الفريقان المتنافسان، ويتحدّد قائد كل فريق خلال مدة التحضير للمناظرة، ومن مهام كل فريق صياغة الموقف المتبنّى من القضية بوضوح، وتحديد مجالات تقديم الحجج والبراهين، وتوزيع الأدوار بين أعضاء الفريق الواحد وفق المجالات المحددة، والبحث ضمن هذه المجالات وتبادل الأفكار فيما بينهم، ويتم تسجيل قائمة تضم مجالات الحوار المتعددة، وكل ذلك بإشراف قائد المجموعة، ومشاركة مدير الحوار بنتائج التحضير، ومن أركانها أيضاً مدير المناظرة، وعلى عاتقه مسؤولية ترتيب الحديث بين الفريقين، حيث يبدأ بالفريق الأول وينتهي بالفريق الثاني، ويستخدم جرساً صغيراً يعلن بواسطته نهاية وقت المتكلّم، ولا يجوز له الكلام بعد سماعه صوت الجرس، أيضاً هناك بعض الإشارات بين المتحاورين، منها البطاقة الصفراء التي تعني أنه بقي دقيقة واحدة وينتهي الوقت، والبطاقة الحمراء التي تشير إلى أن الوقت المتبقي ثلاثون ثانية فقط. ومن أركانها أيضاً الجمهور الحكم، حيث يتم اعتماد لجنة تحكيم المناظرة لتقييم المتناظرين ومدير الحوار وفق عدّة معايير، منها التحضير الذي يتضمن تغطية عناصر بناء الحجج وتحديد المجالات والحجج المستشهد بها، وتناغم العمل ضمن الفريق وإدارة النزاعات، وعدم استفزاز المتحاورين الآخرين، والالتزام بما يفرضه مدير الجلسة من قيود.

من أجواء بطولات المناظرة

أما مدير المناظرة، فيجب أن يتميز أداؤه بالعدالة والإدارة الحازمة، وعليه توضيح بعض النقاط التي قد تكون مبهمة، وإعادة صياغة الأسئلة بطريقة مفهومة».

وفيما يخص المعايير التي تقوم عليها المناظرة، قالت: «هناك معايير محددة، منها إثبات صحة أو نفي خطأ القضية، وليس مجرّد إثبات رأي طرف ونفي رأي الآخر، حيث يقوم كل طرف بمحاولة إثبات صحة رأيه والدفاع عنه باستخدام الحجج والبراهين العلمية، وإقناع الجمهور برأيه وحججه، وأيضاً يحاول كل طرف إثبات خطأ رأي الطرف الآخر بالحجج والبراهين. والمناظرة تدار ضمن عدة قواعد وضوابط وشروط، تختلف بحسب المكان المستضيف ونوع القضية المطروحة، كما أنها يمكن أن تشمل متحدّثين أفراداً أو عدّة متحدّثين، ويمكن إتاحة الفرصة للجمهور للمشاركة والانخراط في مجرياتها؛ من خلال طرح الأسئلة على المتناظرين للاستفسار عن بعض النقاط.

وأسلوب المناظرة يكون أفضل مع المواد الدراسية التي تتضمن مواضيع جدليةً، مثل المواد الاجتماعية والفلسفية وما يتعلق بالتطور التكنولوجي، إذاً هي تناسب المراحل العمرية الكبيرة التي تكون قادرةً على تحضير الحجج والبراهين لدعم الرأي بقضية ما، لكن هذا لا يمنع أن ندرّب الأطفال في التعليم الأساسي عليها من خلال درس أو اثنين في العام الدراسي، باختيار مواضيع اجتماعية تناسب مرحلتهم العمرية».

أما المدرّبة "ندين المنور"، فقالت: «من أهم القواعد الأدائية للمناظرات الوضوح باللغة، وأن يمتلك المشترك مخارج صحيحة للحروف، وقدرته على تنغيم الصوت، والتحكم به بما يتناسب مع حجم القاعة وعدد الحضور، ولقيامنا بإجراء بطولات أهمية خاصة من حيث نشر ثقافة المناظرة والجدل بطريقة منظمة ومحكمة تسهم في رفع مستوى ثقافة المشاهد، إضافة إلى قدرتها على تطوير مهارات الطلاب من جميع النواحي، كتعزيز الثقة بالنفس، وتقدير الذات، والمساهمة في اكتساب مهارات ومعارف جديدة، والقدرة على بناء الأفكار وتنظيمها، أيضاً استخدام الحجج والبراهين بطريقة جيدة، كما تزيد من قدرة الطالب على الإقناع والتأثير بصرف النظر عن قناعته الخاصة بالفكرة، ولها دور مهم في زيادة نسبة المخزون الثقافي لدى المشارك، وزيادة مهاراته في الخطابة، وتنمية روح العمل الجماعي لديه».

"ياسمين حاتم" المشاركة في البطولة الوطنية للمناظرة عام 2019، تحدثت عن تجربتها بالقول: «لقد كانت فرصةً للتعرّف إلى ثقافات الآخرين، وفرصةً للخروج من النطاق الضيق في التفكير إلى مساحات أوسع، حتى نظرتنا إلى الأشياء والأفكار من حولنا تغيرت واكتسبنا مهارات جديدةً، وأصبحنا أكثر قدرةً على البحث والتقصي عن الحقائق وتقييمها، وطرح الأفكار بطريقة علمية مدعّمةً بالبراهين والأدلة وطرحها بأسلوب مدروس ومقنع، أيضاً تعلّمنا ضرورة الابتعاد عن الأحكام المسبقة على الأشخاص والمواقف، وعدم التشبث بالرأي الذي يحتمل أن يكون خاطئاً، إضافة إلى العمل بروح الفريق الواحد، وضمن أجواء بعيدة كل البعد عن المنافسة السلبية».