منذُ اليوم الأول لبدء عرض المسلسلات السورية على القنوات المختلفة ضمن العروض الرمضانية تحوّل الكثير من روّاد "الفيسبوك" وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي إلى ما يشبه نقاد دراما، فأخذوا يدلون بأحكامهم على نجاح أو فشل عمل درامي، حتى قبل أن تظهر الملامح الأولى له، فأين الأسس والمعايير المعتمدة في ذلك التقييم؟

الكثير من المشاهدين أخذوا على عاتقهم دور (الأستاذ) لكلّ مشهدٍ دراميٍّ يمرُّ أمامهم، موجهين ملاحظاتهم السلبية للمخرج والكاتب والممثل وغيرهم من فريق العمل، مفترضين أنهم قادرون على تقويم العمل وتحسينه وتقديمه بطريقة جديدة أكثر من أصحاب الاختصاص أنفسهم، فيكون الانتقاد من القصة الأساسية إلى الحبكة وتفاصيل الأحداث، وأداء الممثلين واختيارهم للأدوار، وطريقة عرض الحوار، واللقطات المأخوذة في المشاهد، وحتى ردات فعل الشخصيات التي لا تأتي على مزاجهم، معتقدين أنّ سير أحداث أيّ مسلسل بكل تفاصيله يجب أن يكون على مقاس الواقعية والمنطقية التي يؤمنون بها ولا يعرفون غيرها، فيكون الانتقاد في الكثير من الأحيان بلا أسس ولا معايير، وإنما لمجرد أنها تختلف مع وجهة نظر المشاهد وقناعاته وخبرته الحياتية بعيداً عن التخصصات.

الحديث السابق لا يعني أنّ المسلسلات السورية التي عرضت هذا العام جاءت على أكمل وجه ولا تحمل أي ثغرات أو أخطاء، على العكس من الواضح أنّ الدراما السورية في تراجع عن السنوات السابقة، وهناك أعمال يبدو أنها أنجزت على عجل والعيوب فيها واضحة، وأعمال أخرى لم تكن بالمستوى المنتظر، وغيرها حقق نسبة متوسطة أو أقل من الجودة، وبعد مرور 20 حلقة تقريباً من كل مسلسل أصبح بإمكان المختص سواء كان ناقداً أو صحفياً مختصاً أو كاتباً أو عاملاً بالمجال الدرامي الحكم على مدى نجاح العمل من فشله والإضاءة على السلبيات والإيجابيات مع تبيان المعايير التي تم التقييم على أساسها.

من حق كل منا إبداء رأيه بأي شي كان، والإشارة إلى المطارح التي تعجبنا أو لا تعجبنا في أي عمل ضمن مختلف الاختصاصات، وفي مجال الدراما يمكن لأيٍّ منا أن يبدي رأيه بقصة عمل أو صورته أو طريقة تمثيله، لكن إطلاق الأحكام المسبقة وإنكار جهود الآخرين وتقييم ما ليس لنا خبرة به، حالة سلبية ليس لها ثمار.

غيرتنا على درامانا السورية التي باتت في مرحلة حرجة –لظروف مختلفة- يجب أن تكون بدعمها وليس العكس، من خلال التشجيع وتقدير الجهود والإضاءة على الإيجابيات وتقديم الملاحظات والرأي بلطف ومحبة، تاركين دور النقد لأصحابه.