«كانت قصائدي تأخذ الطابع البسيط والسهل في المعاني اللغوية، إلا أن موضوع القراءة التراكمية للشِعر والأدب العربي والعالمي أدى إلى تطوير تكنيك القصيدة ومنحها طابع الغنائية والرمزية المفهومة، وكان لاحتكاكي مع الشعراء دور كبير في اكتسابي أفكاراً أدت إلى صقل خبرتي الأدبية بشكلٍ مرض بعض الشيء».

هذا ما قاله الشاب "بشير طيلوني" لموقع eSyria الذي التقاه في مركز أبو رمانة الثقافي بتاريخ 20/9/2008، وكان لنا معه حوار بدأه بالتحدث لنا عن مسيرته مع الشعر حيث قال: «منذ المرحلة الابتدائية كنت أملك النزعة الإنشائية وخصوصاً في مواضيع التعبير التي كنت أكتبها بنفسي، وعندما كان أساتذتي يقرؤون هذه المواضيع لا يصدقون بأنني أكتبها وحدي، وبعد تأكدهم من قدراتي الأدبية في ذاك الوقت من خلال سبر أجروه لي في المدرسة، شجعوني على الاستمرار في موهبتي وتطويرها، فكان لي عدة مشاركات في المدرسة بالأعياد الرسمية والقومية، وفي الصف العاشر شاركت في قصيدة ألقيتها على مسرح مدرستي "طلحة العبد الله" بمناسبة حرب تشرين التحريرية، ومن المشاركات أيضاً، في المرحلة الثانوية ضمن معسكرات الشبيبة حتى أنني نشرت بعضها في جريدة "المسيرة" الصادرة عن اتحاد شبيبة الثورة، ومعظم قصائدي في ذلك الوقت كانت تتسم بالطابع الأدبي السهل، وبعد حصولي على الثانوية العامة ابتعدت عن جو التعليم لمدة سنتين لبعض الظروف، وهذا ما دفعني إلى استغلال وقت الفراغ الموجود لدي بالقراءة والتبحر فيها، إذ إنني اطلعت على عدد كبير من الكتب الأدبية بين شعر ورواية ومسرح بين ما هو عربي وما هو من الأدب العالمي، عندها تولد لدي حب الكتابة ما دفعني إلى إعادة تقدمي للثانوية العامة ودخولي قسم الإعلام في جامعة "دمشق"، وكان لقسم الإعلام الفضل الكبير في تعلمي أصول الكتابة الصحفية، وعند تخرجي عملت في مجلة "رؤى الحياة" فكان لي فيها عدة مشاركات منها لقاء مع الشاعر "سليمان العيسى" في 4/7/ 2005 إبان تكريمه بوسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، ولقاء مع الشاعر "محمود درويش" رحمه الله بتاريخ 5/9/2005 على هامش معرض الكتاب في "دمشق"، وأجريت لقاء مع الفنانة السورية "رغدة"، وكان لي بعض المقالات الخاصة بالمجتمع، وساهمت هذه التجربة وهذه اللقاءات في بناء شخصيتي كصحفي وإعطائي الثقة في طريقة كتابتي للمواد الصحفية وللشِعر في المستقبل».

باعتبار أن كل شاعر عربي وأجنبي مدرسة في حد ذاته، فعلى الشاعر الشاب أن يطلع على كل هذه المدارس وإن لم يتأثر بها، وبالنسبة للرواية فأنا أملك تجربة روائية جديدة لم تنضج بعد لكن في القريب أضن أنها سوف ترى النور

ثم أضاف: «رغم أهمية الشاعرين اللذين أجريت حواراً معهما إلا أنني لم أفكر في عرض مستوى شعري عليهما، وكان هدفي من ذلك أن تصل القصيدة عندي إلى مرحلة التخمر نتيجة حكم القراء عليها، بالإضافة إلى أن خوفي من القولبة في توجيه معين قد آخذه منهما أدى إلى عدم عرض قصائدي عليهما، فإن التأطر في الكتابة الشعرية لا يعجبني فأنا أعتمد على أسلوب الكتابة الحرة للشِعر، إلا أن نقد الجمهور ورأيه هو برأيي من يسهم في نضج القصيدة وتطورها عندي، ولا استطيع أن أعتبر أن شِعري قد نضج أم لم ينضج لأن الشِعر في تطور يستمر مع تطور الإنسان بشكلٍ عام وازدياد احتكاك الشاعر مع الناس العاديين (الشارع) والشعراء والأدباء من جهة (الطبقة المثقفة)».

بشير طيلوني وهو يلقي أحد القصائد

وعن استمراره في الكتابة الصحفية قال: «بعد تخرجي في الجامعة أقمت أمسية شعرية في المدرج السابع بقسم الصحافة، عندها أحسست بأنني على مفترق طرق بين الصحافة والشِعر، فالكتابة الصحفية تستنزف الأديب من ناحية استخدامه لكل مفرداته الجميلة في المقالات التي يكتبها وهذا يؤدي إلى الاستهلاك الفكري مع الزمن، لذلك فضلت أن أنحو منحى كتابتي للشِعر فقط، باستثناء اللقاءات الصحفية مع الشخصيات المحببة لدي».

ثم حدثنا عن تأثره الأدبي حيث قال: «باعتبار أن كل شاعر عربي وأجنبي مدرسة في حد ذاته، فعلى الشاعر الشاب أن يطلع على كل هذه المدارس وإن لم يتأثر بها، وبالنسبة للرواية فأنا أملك تجربة روائية جديدة لم تنضج بعد لكن في القريب أضن أنها سوف ترى النور».

الشاعر الشاب وهو يكتب

وبالنسبة للشعر الحديث أضاف: «أنا مع تبسيط اللغة في الشعر الحديث للقراء، وأتحفظ على تعبير التفعيلة عن الشعر الحديث، إذا أريدَ منه أن يتحرر من الوزن والقافية مع الحفاظ على الصيغة الغنائية، أما "النثر" فهو عبارة عن تعبير يخلو من المناسبة العاطفية وهو حالة عقلية تصيب الكاتب أو الشاعر تتطلب منه كتابتها، فعندما تعجز المخيلة عن إنتاج القصيدة تريح نفسها وتعبر عن حالتها ببضعة أسطر تصف نمطاً أو حالة معينه تدعى النثر وأنا أكتبها أحياناً».

ثم ختم "طيلوني" بقوله: «طموحي أن آخذ مكانتي الشعرية لأساهم في سد الفراغ الثقافي الحاصل في مجال الشِعر العربي الحديث، مع احترامي وتقديري للإنجازات الشعرية والأدبية التي قام بها شعراء العصر الحديث، وألاحظ الجو الأدبي المبشر والجيد الساعي إلى تطوير الأدب والشِعر العربي الحديث».

ونقتبس بعضاً من أبيات قصيدة للشاعر اسمها "أنجيلا"

"جاءت مع الليل المغمس بالشتاء

بردها الآتي من الوجنتين

أبقى خلايا جسدي حية... نابضة

دفء الشفاه... يعشش في الذاكرة

ملقية كل أطياف الأعياد

مفرحة ذاك الطفل الباكي

الذي بات يترقب اللبن الدافئ طازجاً

من أفواه اللؤلؤ".