هو أحد الأعضاء الناشطين في مجمع اللغة العربية، ترجم عدداً من الأبحاث العلمية وجعلها متاحة باللغة العربية للراغبين، فحاز احترام الباحثين وطلاب العلم على حد سواء.

إنه الدكتور "محمد زهير البابا" الذي تحدث عنه الدكتور "محمد مكي الحسني الجزائري" أمين مجمع اللغة العربية بالقول:

كان الفقيد "زهير البابا" رجلاً فاضلاً وإنساناً طيب العشرة، هادىءالطبع، صادق القول، مخلصاً في عمله، وفياً لأصدقائه، يحدثك بروية، فتسمع منه ما يعبر عن صفاء النفس والفكر، كان وافر الأدب، يحسن الإصغاء إلى محدثه، ويعبر عن رأيه بكثير من التهذيب والكياسة، وكان رب أسرة مثالياً

«ولد عام 1924 بدمشق، التحق بالمدرسة الجوهرية لتعليم القرآن التي كانت البذرة الأولى لترسيخ قواعد سليمة في ذهنه ومنها لمدرسة التطبيقات لترسيخ لغة أخرى وهي الفرنسية، ثم أصبح طالباً في "مكتب عنبر" ومنها لثانوية "جودت الهاشمي" حيث نال الشهادة الثانوية، وبعد انتهاء المرحلة الجامعية في المعهد الطبي العربي "قسم الصيدلة" عام 1947 قصد "بلجيكا" موفداً للاختصاص بعلم العقاقير الطبية وحصل عام 1948 على الشهادة بدرجة جيد جداً، وبعد عودته لسورية عام 1949 عين مدرساً في كلية الطب قسم الصيدلة وكلف بتدريس مقرر علم العقاقير، ثم تدرج في الهيئة التدريسية حتى صار أستاذاً ذا كرسي عام 1962، وفي هذا العام استقل قسم الصيدلة عن كلية الطب فأصبح في كلية الصيدلة، وعين الدكتور "زهير البابا" وكيلاً لهذه الكلية الجديدة ورئيساً لقسم العقاقير فيها، وفي عام 1970 عين عميداً لكلية الصيدلة».

د.البابامع زملاءه أعضاء مجمع اللغة العربية بدمشق

ويتابع: «ترجم عدة مؤلفات تبحث في علمي العقاقير والنباتات الطبيبة، وكان لابد من البحث عن المصطلحات العلمية العربية المقابلة للمصطلحات الأجنبية، وبعد جهود دامت عدة سنوات استطاع أن يؤلف أول كتاب ظهر باللغة العربية في علم العقاقير وتشخيصها المجهري الكيميائي، كما ألف كتاباً آخر بعنوان تاريخ الصيدلة وتشريعها وآدابها، وكتب ابن سينا الطبية، كما وضع فهرساً للمخطوطات الطبية للحضارات القديمة العربية والإغريقية في المكتبة الوطنية بباريس.

كان أول مؤسسي معهد التراث العلمي العربي والجمعية السورية لتاريخ العلوم منذ إحداثهما في الجامعة عام 1976، اهتم بالموضوعات التراثية العديدة وألقى دروساً في العلوم عند العرب في معهد التراث العلمي بحلب، إلى جانب محاضرات عامة عن مصادر الأدوية المفردة في الطب العربي وعلم السموم في الطب العربي».

غلاف الكتاب

ثم أضاف: «كما عمل أستاذاً لمقرر تاريخ العلوم الطبية عند العرب، وقدم العديد من البحوث العلمية المميزة، وشارك في المؤتمرات الدولية والمحلية التي نظمها المعهد، وقد رفد مخبره بأنواع متنوعة من العقاقير المحلية والمستوردة ومازالت حتى اليوم بغية الطلاب في تعرف أسرارها ودراسة خصائصها وتأثيراتها».

أما نشاطه العلمي فقال عنه: «كان نشاطه العلمي واسعاً إذ نشرت له المجلات العلمية خمسة عشر بحثاً ومحاضرة، وشارك بين عامي 1975-1986 في 29 مؤتمراً وندوة علمية محلية وإقليمية ودولية، وأشرف على عدد من الرسائل الجامعية اهتم معظمها بتحقيق ودراسة المخطوطات العربية في مجالات تاريخ العلوم الطبية والصيدلانية، كان باحثاً في اصول النبات وأهميته وكيفية استثماره وفي تاريخ الطب وكان يشده تاريخ العلماء الذين كان لهم باع كبير في هذا المجال ومؤلفاتهم، وما تركوا من مخطوطات».

زهير البابا مع زملاءه.

وعن نشاط "البابا" في "مجمع اللغة العربية" يقول "الجزائري": «كان عضواً ناشطاً في مجمع اللغة العربية وقد استقبل عضواً في المجمع عام 1989 وحقق مخطوطة نادرة في علم السموم لابن وحشية، وألقى العديد من المحاضرات منها محاضرة بعنوان "الجواهر والأحجار الكريمة في كتب التراث العربي، تأثير المملكتين الزنكية والأيوبية في تقدم العلوم". ويمكن القول إن عضويته بمجمع اللغة العربية تكللت بأعمال متنوعة، فقد كان عضواً في العديد من اللجان منها "لجنة مصطلحات العلوم الرياضية والمعلوماتية والفيزيائية والكيميائية، لجنة المخطوطات وإحياء التراث، لجنة مصطلحات العلوم الطبيعية والزراعية، لجنة المعجمات اللغوية" وغيرها».

وختم حديثه بالقول: «كان الفقيد "زهير البابا" رجلاً فاضلاً وإنساناً طيب العشرة، هادىءالطبع، صادق القول، مخلصاً في عمله، وفياً لأصدقائه، يحدثك بروية، فتسمع منه ما يعبر عن صفاء النفس والفكر، كان وافر الأدب، يحسن الإصغاء إلى محدثه، ويعبر عن رأيه بكثير من التهذيب والكياسة، وكان رب أسرة مثالياً».

يذكر أن "البابا" حصل على العديد من الجوائز منها الميدالية الذهبية من مؤتمر اتحاد الصيادلة العرب عام 1947 في القاهرة، وجائزة الكويت للتقدم العلمي في مجال الكيمياء والصيدلة عند العرب عام 1986.

كان عضواً في الموسوعة العربية بدمشق، ولجنة تعريب المصطلحات العلمية، والجمعية السورية لتاريخ العلوم بحلب، والجمعية الفرنسية لتاريخ الطب، وشارك بعضوية لجان متعددة لمراقبة الأدوية.

يذكر أن الدكتور "محمد زهير البابا" رحل إلى الديار السماوية صبيحة يوم الخميس الأول من أيلول 2011 تاركاً إرثاً علمياً واسعاً، وقد أقام مجمع اللغة العربية له حفلاً تأبينياً بتاريخ 13/10/2011 القيت فيه العديد من الكلمات أكدت جميعها على مناقب الفقيد وما قدمه للعلم من إنجازات متميزة ستجد فيها الأجيال القادمة ينابيع لا تنضب من عصارة جهد طويل.