كانت رغبتها في خوض غمار العمل بالتدريس لدى عالم المبصرين وهي الكفيفة منذ الصّغر، السّبيل لمدّها بالقوة والتّصميم على العطاء المميز، فأبصرت ما لم يره الكثيرون.

بتاريخ 31 تموز 2017، كان لمدونة وطن "eSyria" اللقاء مع "ميساء السّقا" إحدى الكفيفات المتحديات، لتأخذ من تجربتها العبرة، فقالت: «ولدت في "دمشق" عام 1959، واكتشف كفّ البصر لدي في فترة لاحقة من طفولتي، درست المرحلة الابتدائية والإعداديّة في معهد التّربية الخاصة لتأهيل وتعليم المكفوفين في "دمشق"، وكنا في ذلك الوقت نخط كتبنا بيدنا من ألفها إلى يائها لنؤمن منهاج دراستنا. أما دراستي للمرحلة الثّانويّة، فكانت في ثانوية "عبد الرّحمن الشهبندر" للمبصرين لتكون من أمتع سنوات الدّراسة لدي، رافقني والدي في طريقي هذا واجتهد معي، فكان يسجل كل مواد هذه المرحلة على أشرطة الكاسيت لتكون دراستي من خلالها، وكذلك ساندني المدرسون وكان لهم أيضاً الدّور في نجاحي، في الصّف العاشر سعيت لدى الأهل لتأمين العمل لي، وكان لي هذا بعدما أقنعهم إصراري على الأمر الذي حكمه ووجهه معرفتي الأكيدة بتكلفة الدراسة المرتفعة للكفيف، فعُينت في معهد "التّربية الخاصة لتأهيل وتعليم المكفوفين"، لأكون موظفة في الصّباح وطالبة للعلم في المساء، حيث استقدمت مدرسين لكل من مادتي اللغة العربية والإنكليزية، وتابعت دراستي وحصلت على الشّهادة الثّانويّة، سجلت في جامعة "دمشق"، قسم اللغة العربية لأتخرّج بتفوق، وبدأت الدراسات العليا، قسم اللغويات، إلا أنه ومع وفاة والدي ورفيق دربي كانت الصدمة الكبيرة التي أوقفتني عن متابعة المسير بهذا المنحى».

حديثي الآن سيكون عن مدرستي التي أخذت عنها قواعد اللغة العربية وأصولها بالمرحلة الثانويّة، لأكون فيما بعد زميلتها بالتدريس في معهد "التّربية الخاصة لتأهيل وتعليم المكفوفين"، لكوني تخرّجت في كلية العلوم الإنسانية، قسم الأدب الإنكليزي، فكانت لي الأخت الناصحة والمرشدة لما عليّ فعله من طريقة وأسلوب للتدريس، لكونها صاحبة الباع الطويل في هذا المجال. أما عن عملي معها بالجمعيّة، فقد وجدت فيها التفاني بأبهى صوره، وأعدّها العماد القوي والداعم الأكبر لمكفوفي الجمعية، حيث كانت الأقدر على تلمس تفاصيل المعاناة وحيثيات مستلزماتها

وتتابع عن خوضها مضمار العمل، فتقول: «بعد التخرّج في الجامعة انتقلت وظيفتي بالمعهد من أمينة مكتبة إلى مدرّسة للغة العربيّة، لتبدأ بذلك مسيرتي التدريسية في عام 1985 وتستمر حتى الآن، حيث قمت بتوسيع دائرة عملي لتشمل التّدريس في مدارس المبصرين،، وكلي ثقة بقدرتي على أداء هذه المهمة بمعنويات عالية بلورتها مساندة واحترام الكوادر الإدارية والتّدريسيّة والطالبات أيضاً، وكذلك قناعتي بحتمية دمج طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة مع غيرهم، حيث نكتشف سبيلاً من نوع آخر لتبادل المهارات، ويكتسبها الجميع بالمجمل. بعد ذلك استُدعيت من قبل جمعيات المكفوفين إلى وزارة الشّؤون الاجتماعيّة والعمل لأكون بالمجلس المؤقت لاتحاد جمعيات المكفوفين، وفي عام 2014، أصبحت رئيسة لمجلس إدارة جمعية "الوئام السّورية للنساء الكفيفات"؛ لتتفتح أمامي مجالات عمل مختلفة في طبيعتها وحساسيتها لكونها تتعدى مسؤولية تقديم العلم والمعرفة، فبدأ منحى التفكير يتوسع ليوجه جهودنا في تنظيم الكفاءات المتميزة لأعضاء الجمعية، فكانت دورات الطبخ وحياكة الصّوف، إضافة إلى دورات تركيب العطور، حتى إننا وصلنا إلى مرحلة تنظيم دورات قيادة الحاسوب "ICDL"، ونفكر حالياً بالانطلاق بالكفيفات ذوات الكفاءة المتميزة لوضعهن على طريق تأسيس مشاريعهن الإنتاجيّة الصّغيرة، وجاء هذا التفكير بعد الحضور اللافت الذي حققناه أثناء مشاركتنا الخجولة للمعارض العدة التي اشتركنا بها».

المربية بشيرة دعبل

وتحدثت لنا "بشيرة دعبل" إحدى الكفيفات اللواتي كان لهن نفس مسيرة "سناء السّقا" لتقول: «حديثي الآن سيكون عن مدرستي التي أخذت عنها قواعد اللغة العربية وأصولها بالمرحلة الثانويّة، لأكون فيما بعد زميلتها بالتدريس في معهد "التّربية الخاصة لتأهيل وتعليم المكفوفين"، لكوني تخرّجت في كلية العلوم الإنسانية، قسم الأدب الإنكليزي، فكانت لي الأخت الناصحة والمرشدة لما عليّ فعله من طريقة وأسلوب للتدريس، لكونها صاحبة الباع الطويل في هذا المجال. أما عن عملي معها بالجمعيّة، فقد وجدت فيها التفاني بأبهى صوره، وأعدّها العماد القوي والداعم الأكبر لمكفوفي الجمعية، حيث كانت الأقدر على تلمس تفاصيل المعاناة وحيثيات مستلزماتها».

يذكر أنّ المربية "ميساء السّقا" تقول الشّعر وتنظمه، وكذلك تكتب القصدة القصيرة، وكان لها أن حازت جائزة "الكويت" للقصة القصيرة.

ميساء السّقا برفقة متدربات كفيفات