عندما يجتمع حب المهنة والدراسة الأكاديمية والخبرة المتوارثة مع السعي الدائم إلى تطويرها ومواكبة التطور العلمي فيها، يكون التميز والإبداع؛ وهذا ما تميز به شيخ كار العجمي المهندس "عرفات أوطه باشي".

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "عرفات أوطه باشي" شيخ كار حرفة الرسم النباتي على الخشب أو العجمي، فقال: «ولدت في بيت عربي مملوء بالتحف الشرقية التي لم يكن يخلو بيت منها، لذلك أحببت أن أتعلمها، وبدأت أمارس هذه المهنة مذ كان عمري خمس سنوات لكونها حرفة والدي، وكنت أعمل بها في العطل الصيفية وبعد الدوام المدرسي، وعائلتي حافظت على الحرفة وتناقلتها عبر الأجيال؛ فهي حرفة متوارثة أباً عن جد، وكل من عمل بها هم من أقاربنا وتعلموا الحرفة من والدي أو جدي، وأنا حالياً شيخ كار الحرفة؛ أحمل شهادة الإجازة في كلية الهندسة المدنية، ولم أتخلَّ عن الهندسة، بل وظفتها في خدمة الحرفة لتطويرها ورفع مستواها ومنحها الفكر الأكاديمي، ولتغيير النظرة عن الحرفي بأنه إنسان أمّي، بل هو إنسان مثقف ومتعلم، ويستخدم العلم بمختلف تقنياته لتطوير الحرفة».

حالياً أولادي الأربعة يعملون بهذه الحرفة؛ فابني الأكبر سنة رابعة في كلية الطب البشري، والثاني سنة ثانية هندسة عمارة، وابنتاي كذلك، وجميعهم يمارسون الحرفة

وتابع: «الحرفي غير المتعلم وغير المثقف غير قادر على التعبير عن حرفته أو نقلها؛ وهو ما يضعف الحرفة؛ لذلك الهدف هو علم مع حرفة، واختلاف المصطلحات التي يدرسها الطلاب في كلية الهندسة عن تلك التي يستعملها الحرفي، ففي الكلية مصطلح "المثلث الكروي"، أما عند الحرفي فيسمى "السروال"، ويستعمل الحرفي "المقرنص" للزينة، وفي الفن الشرقي لا يوجد شيء تزييني، بل وظيفة وخدمة، ووظيفة "المقرنص" حل مشكلة الانتقال من الشكل المربع إلى الشكل الدائري، وهذه نظرة الحرفي الذي ليس لديه الفكر الأكاديمي، وعند تحضير الخلطات نستعمل الغراء الأحمر الحيواني مع الجبصين، والتفكير الشائع أنه يستعمل لإعطاء الصلابة، لكن علمياً هذا الكلام غير صحيح، بل يهدف إلى تأخير عملية الجفاف، وأنا أقوم بدمج العلم الأكاديمي مع الخبرة الحرفية للوصول إلى نتائج مبهرة، وإظهار أننا أسياد العالم بالحرفة، وليس فقط عبارة عن مزاولة حرفة».

من أعماله الفنية

وعن تفاصيل العمل، قال: «على سبيل المثال: إذا كانت لدينا قاعة دمشقية، نبدأ التصميم الهندسي للمكان كل واجهة على حدة، ثم نحضر الخشب بناء على المخطط الذي وضعناه، ثم نرسم الرسم النباتي على ورق خاص، وتثقب الرسمة وتطبع بالفحم، وتنقل إلى الخشب، ثم توضع المادة النافرة بريشة الرسم، ولها خلطة معينة خاصة حسب الحرفي وإبداعه، ثم توزع الألوان الشرقية، ونستعمل ورق الذهب والفضة، ثم عملية التعتيق لإعطاء القطعة القدم الزمني».

وأضاف: «حالياً أولادي الأربعة يعملون بهذه الحرفة؛ فابني الأكبر سنة رابعة في كلية الطب البشري، والثاني سنة ثانية هندسة عمارة، وابنتاي كذلك، وجميعهم يمارسون الحرفة».

عمل فني مشترك يجمع الفن التشكيلي مع العجمي

"محمد طريفي" فنان تشكيلي وخريج كلية الفنون الجميلة، قال: «نحن نقدم التراث كهوية سورية لكل العالم، فكل إنسان موهوب وقادر أن يقدم ويعطي يجب أن يفعل، والحرفي السوري يحاول أن يقدم هويته الحرفية السورية للعالم ويتصدى لمحاولة محو الهوية والجذور، وعلى الرغم من الظروف ما زلنا نقدم ونعطي، وما زلنا نتعلم ونعلم الأجيال كجزء من التطوير، مع الحفاظ على الأصالة وتقديم لوحات مشتركة للوحات الفن التشكيلي والرسم على القماش والرسم النباتي على الخشب أو العجمي، ونحن نعطي ونعلم ونبدع معاً».

وأضاف: «العجمي أساسه "دمشق"، والفنان "أوطه باشي" مبدع وعمله جميل ومتميز ومتفرد في العمل الفني، ويعطي انطباعاً جميلاً عند المتلقي؛ لأن كل عمل هو مرآة لصانعه ويعكس صورته، ويحاول دائماً أن يقدم الحرفة الموجودة التي تدل على أن الحرفيين موجودون، وهو دائم المتابعة لكل شيء جديد، والرابط بين عملي وعمله هو تطوير الفن الذي نقدمه معاً في عدة لوحات عن "دمشق"، تمت الرسالة المقدمة، والفن مواده من الطبيعة، ونحن من الطبيعة وإليها».

الفنان محمد طريفي

يذكر أن"عرفات أوطه باشي" من مواليد "دمشق"، عام 1971.