تسعى الدكتورة "نورا أريسيان" عبر عشرات الكتب التي ألّفتها وترجمتها لِتُكوِّن جسراً لتعزيز التواصل بين الثقافتين الأرمنية والعربية؛ إيماناً منها بأهمية التبادل الثقافي بين الشعبين لتوضيح أمور سياسية وتاريخية تهمّ القارئ، وتخوض في المجال السياسي لتكون أول نائب برلماني أرمني ليس فقط في "سورية"، بل في كل العالم العربي.

مدونة وطن "eSyria" التقت الدكتورة "أريسيان" بتاريخ 24 شباط 2018، لتحدثنا عن بداياتها قائلة: «ولدت لأبوين أرمنيين؛ كان لهما الفضل الأكبر إلى جانب اهتمامي الكبير بالمطالعة ببلورة ميولي الأدبية التي بدأت بسن مبكرة، في مدرسة "النور" بحيّ "باب توما" تلقيت دراستي الأولى، وبعد أن أكملت المرحلة الثانوية، انتسبت إلى قسم اللغة الفرنسية في جامعة "دمشق"، وعملت وأنا ما زلت طالبة بتدريس اللغة الفرنسية في مدرسة "اللاييك"، إلى أن تخرجت عام 1991، حصلت بعدها على شهادة الدكتوراه في التاريخ من جمهورية "أرمينيا" عام 2001، وبين عامي 1993-2006 عملت مترجمة، ومديرة لمكتب السفير في سفارة "أرمينيا" في "دمشق"، وفي الوقت ذاته محاضرة في أكثر من قسم في جامعة "دمشق"، ومنذ عام 2009 تفرغت لعملي بمجال البحث والكتابة والترجمة، لكن إيماني بأهمية مشاركة المرأة في مجال السياسة ورفع المستوى الثقافي في "سورية"، جعلني أتقدم بترشيحي لعضوية مجلس الشعب بدورته الأخيرة، وأكون عضواً فيه».

برأيي البحث العلمي هو عمل طموح فيه الكثير من الشغف لاكتشاف المجهول أو الحقيقة، ولا سيما أنني أبحث بموضوع المجازر الأرمنية، وعلى الباحث أن يمتلك المعلومات الدقيقة، والمعطيات المهمة التي تفي بالغرض، ويكون موضوعياً ببحثه من دون انحياز. وهناك العديد من الأبحاث والمؤلفات التي شاركت بها في المجال الثقافي في "سورية"، منها كتاب تحت عنوان: "غوائل الأرمن في الفكر العربي" "بيروت" 2002، "أصداء الإبادة الأرمنية في الصحافة السورية" من 1877-1930 "بيروت" 2005، "دير الزور مدينة الشهداء" 2011، وهناك الكثير منها ما نشر، وأخرى أعمل على نشرها

وعن تجربتها في مجال الترجمة، وأهم مؤلفاتها الأدبية والبحثية تضيف: «لكوني من بيئة أرمنية؛ فقد شهد أجدادي مجازر الإبادة، لكنني لم أسمح لتلك الأحداث أن تكون عاملاً سلبياً في مسيرة حياتي، وأردت أن أتخطى ذلك بالعمل الدؤوب والبحث بمجال الثقافة، وأكون فاعلة في المجتمع الثقافي السوري ونقل إبداعات الكتاب الأرمن للغة العربية؛ لتوضيح مسائل سياسية وتاريخية تهمّ القارئ وإغناء المكتبة العربية؛ ولأن الترجمة مهنة واختصاص صعب يتطلب إتقان المترجم للغتين التي يترجم عنهما، إضافة إلى إلمامه بثقافة الشعبين؛ انتسبت إلى اتحاد الكتاب العرب، وبدأت أنشر ترجماتي في دورياته. حرصت أن أكون الشخصية التي تحمل الازدواجية الإيجابية؛ أي أن أكون سورية وأرمنية معاً. ومن الكتب التي ترجمتها: "ضريبة اللباقة" للكاتب "هاكوب بارونيان" 2004، "كارباخ الجبلية" للكاتب "شاهين أفاكيان" 2006، "كومياس والموسيقا الأرمنية" 2016، وغيرها العشرات من الكتب في أكثر من مجال».

بعض مؤلفاتها

أما في مجال البحث والتأليف، فتتابع قائلة: «برأيي البحث العلمي هو عمل طموح فيه الكثير من الشغف لاكتشاف المجهول أو الحقيقة، ولا سيما أنني أبحث بموضوع المجازر الأرمنية، وعلى الباحث أن يمتلك المعلومات الدقيقة، والمعطيات المهمة التي تفي بالغرض، ويكون موضوعياً ببحثه من دون انحياز. وهناك العديد من الأبحاث والمؤلفات التي شاركت بها في المجال الثقافي في "سورية"، منها كتاب تحت عنوان: "غوائل الأرمن في الفكر العربي" "بيروت" 2002، "أصداء الإبادة الأرمنية في الصحافة السورية" من 1877-1930 "بيروت" 2005، "دير الزور مدينة الشهداء" 2011، وهناك الكثير منها ما نشر، وأخرى أعمل على نشرها».

وحول دخولها المجال السياسي كعضو في مجلس الشعب السوري تردف بالقول: «كنت قد أنجزت بحثاً مطولاً فيما مضى عن تاريخ النواب الأرمن في المجالس النيابية السورية، إضافة إلى عملي كمترجمة للوفود الرسمية، الذي أتاح لي الفرصة للتعرّف إلى العمل البرلماني؛ وأنا أؤمن بأن العمل البرلماني هو رديف للعمل الدبلوماسي، وقد دخلت في هذا المجال انطلاقاً من إيماني بأن عضويتي في مجلس الشعب هي تعزيز لمشاركة المرأة السورية في الحياة السياسية السورية، ولإيماني بالوحدة الوطنية وانتمائي إلى "سورية"، أعمل جاهدة بالوقوف إلى جانب زملائي الكتاب والعاملين بالمجال الثقافي للمساهمة برفع المستوى الثقافي والتعليمي؛ من خلال خطوات تشريعية واقتراح مشاريع تتعلق بقضايا ثقافية، وتعزيز عملية إعادة بناء "سورية" المتعافية».

الدكتور نبيل طعمة

عنها يحدثنا الدكتور "نبيل طعمة" مدير "دار الشرق" للنشر، وعضو مجلس الشعب، قائلاً: «التقيت الدكتورة "نورا أريسيان" أول مرة في مكتب سفير جمهورية "أرمينيا"، كان حديثها هادئاً، لفت نظري وسمعي دقة معانيها وتألقها الراقي، وشاء القدر أن نلتقي ثانية تحت قبة مجلس الشعب، وعندما تابعت مسيرتها المتألقة تعرّفت أكثر إلى نتاجها الفكري، ودخلت إلى عمق فلسفتها من بين كلماتها المتوغلة في الفكر السوري ودفاعها المستميت عن هذا الفكر الذي تعدّه سبباً من أسباب نهوضها لحظة أن تكشف الحقائق عما فعله العثمانيون من مجازر بحق الأرمن. أجدها تبني يداً بيد انتماءها لهذا الفكر المشترك الذي تعمد بالدم والهدف المشترك؛ إنها المؤلفة والمترجمة والباحثة والفيلسوفة السورية، حاملة شهادة (PHD) التخصصية المتعددة الشخصيات بحكم ما تجيد من لغات تجمعها في شخصية واحدة، تعمل صامتة، وحينما تتحدث تحرك بكلماتها العميقة حضور الجميع استماعاً وانتباهاً من خلال وثوقها بذاتها أولاً، ووثوق الجميع بها ثانياً، تستحق أن نرفع لها القبعة ونحني الرؤوس لما لها من حضور علمي وفكري واجتماعي وسياسي، ولدي ثقة بخطواتها السائرة بثبات».

من الجدير ذكره، أن الدكتورة "نورا أريسيان" من مواليد "دمشق" عام 1967، وهي أول سيدة أرمنية عضو في اتحاد الكتاب العرب، رئيسة "جمعية الصداقة العربية الأرمنية"، حاصلة على ثلاثة أوسمة من رئيس "أرمينيا" ووزارة "الشتات الأرمنية" لمساهمتها في مجال دراسات الإبادة الأرمنية، ومشاركة دائمة في العديد من الندوات والمؤتمرات التي تقام داخل وخارج "سورية".

بعض الكتب التي ترجمتها عن الأرمنية