حظيت بالكثير من التفوق والتميز في دراستها بمراحلها الثلاث، وتسلحت بالعزيمة والإرادة، وعادت إلى مقاعد العلم والتعليم بعد تحسن أحوالها الصحيّة الجامعية، لتقدم أجمل معاني الإخلاص والنجاح لأطفال التوحّد، فتوّجت بباقات كثيرة من الثناء.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 آذار 2019، التقت الدكتورة "ميسم الحصرية" في مدينة "القامشلي"، حيث الزيارات الدورية الميدانية، لتقديم خبرتها في مجال علاج أطفال التوحّد، وقد كان لها الحديث التالي، الذي بدأته عن مراحلها الأولى، وقالت: «درست المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدينة "حمص"، بالمواظبة على التفوق والمراكز الأولى في جميع سنواتها. أما دراسة المرحلة الثانوية، فقد كانت في مدينة "حلب" بسبب انتقال عمل والدي. بعد النجاح المتميز في نيل الشهادة بمركز متقدم، توجهتُ إلى الدراسة الجامعية في كلية التربية، ويعود سبب اختياري، تطوعي بمنظمة "الأونروا" التي شهدت حالات كانت تستدعي الاهتمام، وعدم وجود كوادر لتدريبها. وفي السنة الرابعة من دراستي الجامعيّة، تعرضت إلى حادث فقدت خلاله البصر، فتوقفتُ عن الدراسة لمدة عامين، كانا مرحلة لخبرة نفسية عملية، لكوني تلقيت كلمات الشفقة مراراً، وشعرتُ بمدى تأثيرها النفسي، لكن إيماني وثقتي باستمرار تعليمي ونجاحي مع مجتمعي، تفوق على الحادث وفقدان البصر، وقد عدتُ إلى دراستي بطموح أكبر، وأثبتّ للجميع بأن فقدان شيء سيعوض بالأفضل، وهو ما حصل معي، فقد استغرب الجميع عودتي إلى مقاعد الدراسة بروح أفضل، وتفوق مضاعف، ونيل التقدير والاحترام من المدرّسين والزملاء. وعاد إليّ البصر بعد عملية جراحية، وبدأت أرى بالأبيض والأسود، وكنت راضية بذلك، وأيقنت بالنعم التي لا ندرك قيمتها حتى نفقدها، وتخرجت وأنا كلي بصيرة بالعمل الذي سأقوم به، فتطوعت في الجامعة العربية لمدة أربع سنوات، ودخلت العمل التطوعي لأكتسب الخبرة».

سعادتي مع أسرتي لا تقدّر بثمن، ولا تفارقنا منذ أن عاد طفلي منذ أسبوع إلى المجتمع، وإلى الحياة التي يحبها كل طفل، عاد إلينا معافى، لينسى التوحّد، وانضم إلى طفلي عدد آخر من الأطفال، وذلك في حفل فني رائع، كل ذلك بفضل الدكتورة التي تتعب وتجتهد لبناء كوادر وإحياء أطفالنا بين أقرانهم، كرمت معنوياً بهدايا رمزية من عشرات الأسر، وكل ذلك لا يمكن أن يعوض التعب لمرة واحدة، وهي تأتي من "دمشق" إلى "القامشلي" فقط لسعادتنا وزرع الفرحة في قلوب فلذات أكبادنا

وتابعت عمّا أنجزته بعد التخرّج الجامعي بالقول: «ضاعفت الاهتمام باختصاصي؛ من خلال تطوير نفسي بالدراسات الاختصاصية بالتوحّد والاستشارات النفسية، والنطق وصعوبات التعلّم، بعد خبرة دامت سنوات، حصلتُ فيها على عدة تكريمات وثناءات من مؤسسات عديدة مهمة، مثل: "الهلال الأحمر، والأونروا، والجامعة العربية". وبدأت أهدافي تتوسع بعد الحالات التي كنت أواجهها، خاصة المعاناة في احتكار المعلومات الاختصاصية، فقررت أن أدخل مجال التدريب لتأهيل كوادر مدربة قادرة على تنفيذ وإعطاء أكبر قدر من المعلومات، وعلى نطاق واسع في مجال تخصصنا، وحصلت على اعتمادية تدريب كوادر من أكاديمية "نابو" الماليزية للبحوث العلمية، وافتتحت مركزاً في "دمشق" طبقت من خلاله الخطط العلاجية والحميات الغذائية، واستقبلنا الكثير من الحالات التي كانت تأتي من المنطقة الشرقية، ورصدتُ العشوائية بالتشخيص، فأصبح حلمي الوصول إلى المناطق الحدودية والشرقية وتدريب كوادر مختصة علاجية في تلك المناطق، خاصة أنني الوحيدة التي اختصت بتدريب الكوادر بشهادات معتمدة بعلاج التوحّد والاضطرابات النمائية، فتم التنسيق مع "ماهر الجلعو" في "القامشلي"، لتأهيل الكوادر الاختصاصية الخاصة بمركزه الوحيد في المنطقة للتوحّد، وكان إيماني برسالتي أن التوحّد ليس إعاقة، بل هو الذي يدفعني دائماً إلى الأمام».

قطع المسافات للوصول إلى القامشلي

وتختم الدكتورة "ميسم" حديثها بالقول: «التعاون الذي وجدته في "القامشلي" كان مثمراً بأفضل النتائج، وخلال أشهر قليلة التحقت بالمركز عشرات الحالات التي تم العمل معها بأسلوب دقيق وخطط علاجية منظمة وحميات غذائية أثبتت نجاحها، ليزداد التشجيع ويتضاعف التفاؤل من قبل الأهالي، تم الالتزام بقدومي إلى المركز من دون مقابل لمتابعة تطور الحالات، وبعد سبعة أشهر من المعاناة بالوصول شهرياً إلى المنطقة، وعلى الرغم من المسافات الطويلة والصعوبات، ظهرت النتائج بدمج عدد من أطفال التوحّد وغيره من الاضطرابات، مثل: النطق، ونقص الاكتساب بالمجتمع، والذي أسعدني أكثر وعي الأهالي واعترافهم لأطفالهم الذين كانوا يخجلون من إظهار حالاتهم؛ لذلك أنا أيضاً مستمرة في تأدية رسالتي وتأهيل اختصاصيين قادرين على تلبية احتياجات المنطقة بالكامل».

"رشيد طه" من أبناء مدينة "القامشلي"، تحدّث عن إنجاز الدكتورة "ميسم"، فقال: «سعادتي مع أسرتي لا تقدّر بثمن، ولا تفارقنا منذ أن عاد طفلي منذ أسبوع إلى المجتمع، وإلى الحياة التي يحبها كل طفل، عاد إلينا معافى، لينسى التوحّد، وانضم إلى طفلي عدد آخر من الأطفال، وذلك في حفل فني رائع، كل ذلك بفضل الدكتورة التي تتعب وتجتهد لبناء كوادر وإحياء أطفالنا بين أقرانهم، كرمت معنوياً بهدايا رمزية من عشرات الأسر، وكل ذلك لا يمكن أن يعوض التعب لمرة واحدة، وهي تأتي من "دمشق" إلى "القامشلي" فقط لسعادتنا وزرع الفرحة في قلوب فلذات أكبادنا».

يذكر، أن "ميسم فهد الحصرية" من مواليد "حمص" 1986، تقيم في "دمشق".