بصوتها الإذاعي الرخيم، دخلت عالم الإذاعة دون تخطيط مسبق، وأثبتت أن الإعلام شغف يرتبط بالمهنية والإبداع، لكنها لم تقف هنا إنّما أعطت خبرتها لكل من يحتاجها بمحبة وسخاء.

مدونة وطن " esyria" التقت بتاريخ 5 تموز 2019 مع المدربة الإذاعية "منار مراد" لتحدثنا عن مسيرتها فقالت: «بدأت العمل منذ كنت في السادسة عشرة من عمري، وكان أول عمل أخوضه في "معرض دمشق الدولي" مع إحدى الشركات، ثم عملت في التسويق ثم درست مخابر طبية واستمر عملي به مدة ست سنوات بعدة أماكن في "دمشق" وأثناء عملي كنت أدرس في كلية الإعلام واخترت هذا الفرع كثقافة عامة ولم يكن لدي أي نية للعمل في هذا المجال، فما كنت أتقاضاه من عملي المخبري كان يسمح لي بأن أسجل في الجامعة كوني درست في نظام التعليم المفتوح، وفي السنة الثالثة جاءت إحدى صديقاتي لإجراء التحليل في المخبر الذي كنت أعمل به وكانت مذيعة لدى إذاعة "صوت الشباب"، عندها طلبت مني التقديم لمسابقة اختبار الصوت لدى إذاعة "دمشق"، فكان الأمر بالنسبة لي مجرد تسلية وبالفعل تقدمت وتم قبولي مباشرة بعد الجملة الأولى التي قلتها وهي افتتاحية الإذاعة الصباحية (هنا دمشق، إذاعة الجمهورية العربية السورية) وكان المسؤول عن الاختبار الإعلامي "مخلص الورار" الذي فوجئ وسألني إذا ما عملت سابقاً في إذاعة ما، ومنها انطلقت للتدرب في مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون مدة ستة أشهر، وبعدها باشرت العمل مباشرة واستلمت سبعة برامج مسجلة في إذاعة "دمشق" في عام 2004، وفي العام التالي تخرجت من كلية الإعلام وما زلت إلى الآن أعمل في الإذاعة ومارست فيها كل أشكال العمل الإذاعي من الإعلان إلى تسجيلات الصوت والتعليقات الصوتية والبرامج والحوارات».

"منار" الصوت الإذاعي الذي يأسرك في عالم الأثير، يحلق بك في فضاءات الأحلام، هي ذلك السحر الخلاق من زمن الكبار، هي الثقافة والأناقة واللباقة وصاحبة القلب الذي يتسع للجميع، لها أبداً في المجد المكلل بتاج الأصالة ومن يعرفها يعرف الطيبة والأخلاق والابتسامة رغم الأحزان التي تعصر فؤادها

وأضافت "منار": «عملت كمراسلة لقناتين مصريتين "CBC"، و"الاقتصادية" اللتين كانتا تهتمان بالأخبار الاقتصادية حول العالم وكان هذا من عام 2007 وحتى 2009، كان أول برنامج لي في الإذاعة "دنيا الشباب" الذي بدأ بمدة نصف ساعة ثم أصبح وقته ساعة ونصف الساعة حيث كان يتناول قضايا الشباب، ولما لاقى من قبول استمر أربعة مواسم، وكان أول برنامج يدخل الانترنت إلى البرامج وذلك قبل الثورة الالكترونية وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، كانت المشاركات من خلال المنتديات التي أطرح فيها موضوع الحلقة وأقوم بقراءة تعليقات الأشخاص ومشاركاتهم، ثم أعددت الكثير من البرامج المنوعة والندوات السياسية ولكن في فترة الحرب توجهت إذاعة "دمشق" إلى الجانب الميداني وكان البرنامج الذي أخذ ضجة كبيرة هو "كشف المستور" مع الصديق "رفيق لطف" الذي أخبرني أن لديه الكثير من الأشياء المهمة التي يريد الحديث عنها وقطفنا ثمارها فيما بعد ولكنه ظهر باسم "أبو علي" وأعلنا عن اسمه الصريح في آخر حلقتين من البرنامج».

أثناء التدريب

تابعت "مراد": «تقدمت ببرامج مجتمعية مثل "هوانا شباب" لإصراري على تسليط الضوء على مشاكل الشباب وحاجاتهم، والذي حصل على تكريم في "العراق"، وبرنامج "جلسات نسائية" الذي يستضيف مجموعة نساء من "سورية" ويتكلم عن حياتهن وإنجازاتهن في حوار مشترك على مبدأ (الصبحية) ولكن في المساء، كما قدمت برنامج عن الصحافة "الإسرائيلية" بمساعدة مختصين بالشأن الإسرائيلي، برفقة زميلي "سمعان فرزلي"، وطرحت الكثير من البرامج الخاصة بالأطفال أحدها برنامج يدعم مواهب الأطفال ويحاول مساعدتهم ليبصروا النور، ولكني الآن حددت عملي في برنامج صباحي "ما بين السطور" كل سبت من كل أسبوع مع نشرات الأخبار السياسية.

أما عن الجانب التدريبي فبحكم انتشار "الفيسبوك" جاءتني الكثير من الرسائل من طلاب الإعلام الذين يريدون التدرب وبالفعل استجبت لهم ودربتهم ضمن الإذاعة حتى أصبح عددهم ستة عشر طالباً فقررت جمعهم في آنٍ واحد لكثرتهم وأجريت لهم دورة تدريبية، لاقت صدىً من زملائهم الذين بدؤوا يطالبون بدورات مشابهة وهنا جاءتني عروض من عدة مؤسسات للتدريب بها، وانتهى بي المطاف في مجموعة "سروجي" التدريبية وأصبحت أجري دورة أو دورتين شهرياً، فالعمل كمذيع له خصوصية وهو كاريزما وشخص واثق بنفسه ولديه القدرة على استيعاب جميع مستويات المجتمع، ففي بداية كل دورة أؤكد على الحالة الشخصية للمتدرب وأصل إلى النقاط المضيئة التي نعمل عليها لنطورها والقضاء على نقاط الضعف، وهذا ما يولد الثقة بيني وبين المتدربين الذين يصبحون أصدقائي».

من أجواء التطبيق النظري

وعن الأفلام الوثائقية قالت: «سجلت أكثر من ثلاثة آلاف فيلم وثائقي منذ عام 2004 إلى اليوم، وهذا ضمن معظم الشركات المختصة بهذا المجال في "سورية" كما عملت مع قناة "الجزيرة الوثائقية" ومع "ناشونال جيوغرافيك" وعدد من القنوات العراقية، وبعد مقاطعتهم لنا بفعل الحرب توقف علمي معهم، واتجهت فقط للقنوات السورية (الفضائية والتربوية ودراما)، بعدها دخل إلى "سورية" ما يسمى بالكتب الصوتية التي تضم كافة المجالات من روايات وقصص أطفال وسير ذاتية، فاكتشفت أن الرواية ممتعة أكثر من الوثائقي الذي سحرني سابقاً، وكانت محصلتي ثلاثين رواية خلال ثلاث سنوات فأنا أنتقي الكتب التي أريد أن أسجلها بعناية فما يهمني هو النوع وليس الكم».

وختمت "مراد": «ما لا يعرفه الكثير من الناس هو أنني كنت مغنية لثماني سنوات، ولدي أغانٍ في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وشارات مسلسلات منها "آه يا تاري" وأغنية مع المطرب "مصطفى يوزباشي" بعنوان "اشتقت لعيونك" وقدمت حفلات بالمراكز الثقافية في الشعر الصوفي عندما يغنى مع البيانو والقانون، وتوقفت عام 2002».

من أجواء التطبيق العملي للمتدربين

"جورج غرام" الإعلامي الإذاعي قال: «"منار" الصوت الإذاعي الذي يأسرك في عالم الأثير، يحلق بك في فضاءات الأحلام، هي ذلك السحر الخلاق من زمن الكبار، هي الثقافة والأناقة واللباقة وصاحبة القلب الذي يتسع للجميع، لها أبداً في المجد المكلل بتاج الأصالة ومن يعرفها يعرف الطيبة والأخلاق والابتسامة رغم الأحزان التي تعصر فؤادها».

"أحمد السح" الشاعر السوري قال عنها: «تمتاز "منار" بقربها من جيل الشباب، ورغبتها الدائمة في الوقوف كسند لمن لا سند له، وتقدم كل معارفها وأفكارها وخبراتها بسهولة ويسر، وتكون حريصة على التشجيع بأمانة وموضوعية واحتراف، هي صوت الإذاعة السورية الذي يستحق الوقوف عنده، وذات حضور لافت وشخصية قوية وتحتاج مساحة أكبر لتأخذ حقها في قدراتها المميزة».

"رولا عبدوش" إعلامية ومدربة قالت: «"مراد" من الإعلاميات صاحبات الصوت الرائع التي لا تستطيع عدم الوقوف عنده وعند أدائها وإيصالها لأي شعور عن طريق (المايك) إضافة لمواضيعها غير المبتذلة، هي مجدة في البحث عما يهم الناس ومحاورة من الطراز الرفيع وتحترم ضيفها جداً، تقدم للمتدربين المحاور الأساسية بكل حب وصدق وهي شريك مثالي في الجانب الإذاعي».

من الجدير بالذكر أن "منار مراد" من مواليد "دمشق" عام 1978.