برزت في زمنِ الحرب، ولُقِبت بالمرأةِ الحديديّةِ التي استحوذت على محبة الناس وثقتهم، من خلال تطوّعها للعمل الاجتماعي والإنساني، فكانت سفيرةَ البناءِ والإعمارِ بينَ المغتربين وأهالي مدينة "النبك".

مدوّنةُ وطن " eSyria" وبتاريخ 25 أيلول 2019 التقت "أمل التلا" لتتحدث عن مسيرتها في الحياة، حيث قالت: «كنت متابعة للحركة الثقافية وأردت العمل بها، وكنت أؤمن أنّ الإنسان عليه دائماً أن يكون قارئاً ومطلعاً لأنّ القراءة تخلق إنساناً جديداً، ودائماً يجب أن يكون في حالة تطوّر.

بالنسبة للمدارس؛ فقد دعمنا الطلاب، ووزعنا عليهم القرطاسية، ودعمنا طلاب الشهادة الثانوية العامة من حيث تسجيلهم بدورات على حساب المغتربين، وكذلك الأمر بالنسبة لطلاب التاسع، وقدمنا دعماً للطلاب المتسربين حتى يعودوا إلى مدارسهم. وقمنا بكفالة الطلاب للتسجيل في الجامعات، ويوجد لدينا حالياً 45 طالباً نقدم لهم شهرياً 20 ألف ليرة، من الشهر العاشر حتى أول الشهر السابع، وحلمي أن أكفل الجميع، وأن أساعد من يريد إكمال دراساته العليا

كنت في البداية ربّة منزل وأعدُّ الأمومة أهمّ من أيّ شيء، وعندما كان أطفالي صغاراً دعمت مواهبهم، فابنتي "بلقيس" خريجة هندسة مدنية، تعزف العود، وتكتب الشعر والمسرحيات، وتدرس كتابة السيناريو، وابني "ناجي" يدرس هندسة عمارة، والفنون التشكيلية بمعهد خاص، ويعزف على البزق والعود والإيقاع، وأعدّ أنّ القراءة والموسيقا تحلّ مشاكل المراهقة.

مكرمة من أبناء مدينتها

وعندما كبر أولادي أصبح لديّ وقت فراغ، فانتسبت لجمعية "الأسرة"، وأصبحت في مجلس إدارتها، وكذلك بتّ عضوَ مجلس إدارة جمعية مركز "المجد" لذوي الاحتياجات الخاصة، وهؤلاء لهم مكانة كبيرة لدي، وأحب مساعدتهم، وما زلت إلى الآن داعمة لهم، حيث أنشأنا مركزاً للفتيات، وأحضرنا كل احتياجاتهن، وكل ما يساعد على التعلم وتنمية الفكر».

وعن الأزمة التي مرت بها مدينة "النبك" خلال السنوات الماضية قالت: «خلال الأزمة التي مرت على مدينة النبك عام 2013، حاولت مساندة أهل بلدي من حيث توفير الأدوية، وكنت المرأة الوحيدة التي خرجت عندما رفع العلم السوري بـ"النبك"، وساهمت بتوزيع المعونات من منظمة "الهلال الأحمر" على أهل المدينة بعد الدمار الذي حصل مباشرة، وبدأنا أعمال الإغاثة؛ حيث أصبحت المدينة خالية من جميع أنواع الاتصال والبنزين المازوت، في تلك اللحظات التي رأيت خلالها دموع الرجال الذين شاهدوا الدمار الذي حلّ بمدينتهم وأعمالهم، عاهدت نفسي أني لن أخرج من هذه البلدة ولو كان على دمي، وكنت متفائلة ومؤمنة بأنّنا سنعود أفضل من قبل».

العرس التراثي في النبك

بالنسبة للأعمال الترميمية التي قامت بالتعاون مع المغتربين بها بعد الأزمة قالت: «الفترة التي تحررت بها المدينة بشهر كانون الأول 2013 كان موعد امتحانات فصلية للطلاب، فبدأنا حملة نظافة للمدينة، وأول مكان ذهبت إليه المركز الثقافي الذي كان مدمراً، فكنت أرى أن إعادة بناء الإنسان أهم بكثير من إعادة بناء الحجارة، وانضم لي العديد من الشباب والفتيات لمساعدتي في ترميمه، كما رممنا المحكمة، والمجمع الحكومي بما يضمّ من خدمات للمواطنين.

كذلك رممنا الثانوية الصناعة، وهي عبارة عن بنائين ضخمين جداً، وكلفت مبلغاً كبيراً، لأنّها كانت مدمرة تماماً، وكذلك رممنا مركز الصحة المدرسي، وأسسنا فيه صيدلية ودعمناها بمبلغ مبلغ مالي لإحضار أدوية، ورممنا المدارس من أسقف وجدران وزجاج، حيث كنت قائمة على التنفيذ بكل عمليات الترميم من حيث توفير العمال، والوقوف بجانبهم أثناء العمل، والتنسيق مع المغتربين لتوفير النقود اللازمة. كنت أشعر أنّ "النبك" منزلي، وأعمل بها على هذا الأساس فهي كرامتي وقطعة من قلبي».

تفاعل المجتمع المحلي مع نشاطاتها

وتابعت: «بالنسبة للمدارس؛ فقد دعمنا الطلاب، ووزعنا عليهم القرطاسية، ودعمنا طلاب الشهادة الثانوية العامة من حيث تسجيلهم بدورات على حساب المغتربين، وكذلك الأمر بالنسبة لطلاب التاسع، وقدمنا دعماً للطلاب المتسربين حتى يعودوا إلى مدارسهم.

وقمنا بكفالة الطلاب للتسجيل في الجامعات، ويوجد لدينا حالياً 45 طالباً نقدم لهم شهرياً 20 ألف ليرة، من الشهر العاشر حتى أول الشهر السابع، وحلمي أن أكفل الجميع، وأن أساعد من يريد إكمال دراساته العليا».

وعن الفعاليات الأخرى التي قامت بها أضافت: «أنتجنا فيلم "شقائق القلمون"، وهو توثيق لأسماء الشهداء بمدينة "النبك" بالتعاون مع وزارة الإعلام، ووزارة الثقافة، حيث تمّ عرضه في المركز الثقافي ضمن مهرجان الثقافة الأول في "القلمون".

وكذلك كان "العرس التراثي" بالتعاون مع وزارة الثقافة، وقد كنت والمغتربين الداعمين له، وكنت أول من دخل "سرايا النبك"، وأقمنا حملة نظافة، وخلقنا روحاً من المحبة أثناء العمل، وجمعنا التحف الأثرية من البيوت، وكذلك الملابس التراثية، والطعام التراثي المصنوع من القمح وغيره، وكانت فرحة كبيرة لا تقدر بثمن، كما أقمت فعالية لتكريم الراهبات في دير "مار موسى الحبشي"، وأملك صفحة على "الفيسبوك" اسمها "سوا نعمرها"، سجلت فيها أسماء المتبرعين، والمبلغ الذي تبرع به كل شخص، وبالأشياء التي اشتريتها حتى يكون كل شيء واضحاً».

بالنسبة للأعمال الإنسانية تابعت: «من أول الأعمال التي قمت بها بعد تحرير "النبك" توزيع مبلغ مالي ضخم من مغتربي "الكويت" على أهالي المدينة، ضمن قوائم أعددتها على ضوء الشمعة خلال تلك الفترة، وكنت أساعد جرحى الجيش، وأقوم بتوزيع معونات على الحواجز التي كانت بالمدينة بنفسي.

وكان لدي أكثر من طفل مصابٍ بمرض السرطان، حيث تواصلت مع مؤسسة "بسمة" بصفتي ناشطة مع الناس، ولا أملك أيّ مؤسسة، وتمّ الرد علي بايجابية من قبل مديرة المركز، ووفروا الجرعات بالمجان.

وأيضاً مساعدة كل فقير، وكل من بحاجة لمساعدة صحية، وعمليات، وتوزيع المعونات الغذائية خلال شهر رمضان. فبلدي هي كرامتي، وكان عملي مبني على الصدق والوضوح».

"زياد الطبجي" المغترب في "السعودية"، وابن مدينة "النبك"، وأحد الداعمين لمشاريع "أمل التلا"، قال عنها: «من خلال تجربتي مع المربية الفاضلة "أمل التلا" بخدمة أهلنا في "النبك"، وبحكم أني مغترب، كان رهاننا على اسم "أمل"، وأثبتت التجربة بأنها أمل "النبك" بأعمالها الطيبة النبيلة التي تدلّ على أخلاق رفيعة ووطنية عالية، وأمانة مطلقة. لقد قامت بأعمال عجز عنها الكثيرون، وإيمانها بأنّ وطنها يستحق العناء والجهد والتضحية.

وأريد أن أشير بأنها كانت لا تطلب الدعم لأيّ مشروع قبل أن تباشر أولاً به، وبأغلب الأحيان من حسابها الخاص، فهي عاشقة وطن و"أمل" مدينة "النبك"».

يذكر أن "أمل التلا" من مواليد "النبك" العام 1968، درست في كلية الاقتصاد.