أخذتها دراستُها إلى خشبة المسرح فعملت فيه لمدة، لينقلها شغفها بالإعلام إلى ميادين أخرى أصبحت مسرحاً معنوياً فحلّت "ديمة ناصيف" في مسارح إعلامية عدة تنوعت ما بين التقارير الثقافية والميدانية والحربية لتصبح واحدةً من الشخصيات الإعلامية الأكثر تأثيراً سورياً وعربياً في ظل ازدحام كوادر المهنة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الإعلامية "ديمة ناصيف" بتاريخ 23 كانون الأول 2019 فبدأت بالحديث عن بداياتها في المسرح، وقالت: «عملت في مجال المسرح بعد التخرج لسنوات عديدة، وكنت مساعدة مخرجٍ خلال أكثر من عرض في مديرية المسارح والموسيقا وفي عروض راقصة بدار الأوبرا.

عملت في مجال المسرح بعد التخرج لسنوات عديدة، وكنت مساعدة مخرجٍ خلال أكثر من عرض في مديرية المسارح والموسيقا وفي عروض راقصة بدار الأوبرا. كان الإعلام أكثر إلحاحاً مقارنةً بالمسرح منذ سنوات دراستي في المعهد، أحببت العمل في المسرح، ولكن ليس كحبي لمهنة الإعلام وبالأخص الصحافة الميدانية

كان الإعلام أكثر إلحاحاً مقارنةً بالمسرح منذ سنوات دراستي في المعهد، أحببت العمل في المسرح، ولكن ليس كحبي لمهنة الإعلام وبالأخص الصحافة الميدانية».

الإعلامي "باسل محرز"

وعن خوضها تجربة الصحافة، تضيف "ناصيف": «بعد العمل لسنوات عدة في المسرح، تمّ إبلاغي بأنّ محطةً سوريةً تريد القيام بتجربة الإعلام الخاص كتلفزيون اسمه "شام". تقدمت إلى التوظيف مع العديد من خريجي الصحافة وعاملين في التلفزيون الرسمي السوري. لم يبصر هذا المشروع النور وبقيت فيه لمدة عام تحت الهواء في بثٍ تجريبي.

في عام 2007 انضممت إلى أسرة عمل تلفزيون "روسيا اليوم" كمراسلة لها في "دمشق" حتى نهاية عام 2011، لانتقل من بعدها إلى قناة "الميادين" اللبنانية حتى يومنا هذا كمراسلة ومديرة لمكتبها في "دمشق" منذ عام 2014 حتى الآن».

الإعلامية "ديمة ناصيف" من إحدى التغطيات الحربية

وبخصوص دمجها لدراستها الأكاديمية مع شغفها في الإعلام، توضح: «استفدت من دراسة المسرح في الإعلام على مستوى استخدام الصوت، وهو شيء أساسي في الإعلام لأنّه جواز المرور الأول إلى المشاهد، بمعنى فن الإلقاء،

الأداء أمام الكاميرا، هو تسخير للدراسة الأكاديمية -المسرح- في العمل الإعلامي؛ إذ أتعامل دائماً وبالأخص خلال البث المباشر مع الفضاء الذي أبث منه حتى لو كانت جبهة قتال أو ساحة معركة وكأنه خشبة مسرح والكاميرا هي الجمهور الذي أتفاعل معه.

الحرب فرضت نوعاً آخر من التغطيات الصحفية، فاتجهت إلى التغطيات الحربية. كانت التغطيات خطرة سواء للذكر أو الأنثى وتعرضنا أنا وفريقي مراراً للحصار في الصحراء لأيام.

لا شك، أنّ لدي قراءةً دائمةً لكلّ مكان أقوم بتغطيته ولا أذهب لأيّ جبهة من دون امتلاك خريطة للتمكن من معرفة طبيعة المنطقة ودورها الجغرافي، بالإضافة إلى الاطلاع على التفاصيل المتعلقة بالمنطقة.

لم يكن لدي أيّ مخاوف في أيّ جبهة كنت فيها، ولم أتردد يوماً في تغطية أي مكان مهما كانت المحاذير. قد تدور في رأسي أفكار لها الأولوية أكثر من التفكير بالخوف والخطر».

إلى جانب عملها الإعلامي تعمل "ناصيف" في التدريس العملي أيضاً، وتقول بهذا الخصوص: «كانت تجربة التدريس جميلة جداً وما تزال، فأنا أدرّس الجانب العملي لمقرر "إعداد التقرير التلفزيوني والبرامج التلفزيونية" في كلية الإعلام بجامعة "دمشق".

أحاول تشبيه التدريس بالمسرح أيضاً، فليس هناك أطر أو حدود للابتكار. فلا أتعامل مع الطلاب كأستاذة، إنما نأتي إلى هناك لنتعلم من بعضنا البعض ونتشارك الخبرة التي سبقتهم إليها».

الإعلامية "زهراء فارس" بدورها قالت عن الإعلامية "ديمة ناصيف": «أبدأ الحديث عن صحفية لم تترك بصمة واضحة فحسب بل تحولت إلى مصدر معلومات لآلاف السوريين في أحلك وأصعب ظروف مرت على بلادهم، "ديمة ناصيف" الاسم النسائي صاحب الوقع الأكبر اليوم في آذان الشارع السوري من خلال اجتهادها وسنوات خبرتها الطويلة، لا أبالغ إن قلت إن "ديمة" امتلكت كل أدوات وعوامل نجاح العمل الصحفي: اللغة السليمة، المصادر المتنوعة للمعلومة، الاجتهاد والتحضير المسبق والمواكبة الدائمة، وإثراء جعبتها على الدوام بكل ما يخدم إطلالاتها الإعلامية، تبذل الوقت والجهد وتغذي المعرفة وتراكمها بحب وشغف بالعمل الذي تقوم به والذي نقلته الحرب إلى مكان آخر من المهارة والتنوع بالأداء، أتاحه لها حضورها الدائم بأهم التغطيات السياسية والميدانية وهو الأمر الذي وفرته لها القناة التي تعمل بها. ولعل مواكبتها وحضورها دوماً على رأس العمل ربط اسمها لدى السوريين بأهم محطات الحرب السورية، فقد كانت حاضرة في "حلب" وعبرت الحدود السورية - العراقية ولم تتغيب عن معظم الجبهات وأسخنها، ولما كانت الشجاعة في المفهوم الشرقي صفة ترتبط بالرجال عموماً، كان وجودها في الميدان إلى جانب المقاتلين في الجبهات الأكثر سخونة، تعيش ظروفهم وتضطلع بمهماتها الصحفية على أكمل وجه، نقطة إضافية رسخت مكانتها لدى الجمهور، ولدى العاملين في الوسط الإعلامي على السواء، من خلال قدرة استثنائية على تولي أمور فريق إعلامي في أحلك ظروف الحرب ليس مهنياً فقط، بل من الناحية الإنسانية أيضاً، وحرصها على سلامة فريق العمل لتكون كلّ مادة تخرج بها على شاشة التلفاز، نجاحاً جديداً في مسيرتها واحتفالاً متجدداً بالحياة في ميدان الموت».

أما الإعلامي "باسل محرز" من جهته قال: «"ديمة" من الصديقات اللواتي تمتلكن كماً هائلاً من الوفاء والعطاء وبالأخص للمقربين منها. تعطي من كل قلبها وتساعد وتلبي. كان لي شرف الوجود في حصصها التدريسية في جامعة "دمشق" ورأيت كيف تمنح من كل قلبها، ومدى حرصها على إعطاء أكبر قدر ممكن من المعلومات والمهنية.

أرى أن "ديمة ناصيف" -إضافة إلى مكانتها الكبيرة في قلب السوريين- تخبئ لها السنوات القادمة فرصاً أكبر لتكون إحدى الإعلاميات الكبيرات ليس فقط على مستوى "سورية"، إنما الوطن العربي أيضاً».

يذكر أنّ الإعلامية "ديمة ناصيف" قد درست الدراسات المسرحية في المعهد العالي للفنون المسرحية منذ عام 1999 وتخرّجت فيه عام 2003.