يعتبر تشبيك القطاع الخاص بالجامعة وتطوير الإدارة الجامعية ومناهجها، وسيلة معرفية لوصول الخريجين إلى تأهيل مناسب لإشراكهم في سوق العمل، بغية توفير عمل الخريج في مجال اختصاصه بكفاءة أكبر وبرؤى أكاديمية للمعالجة.

«يبقى التعليم العالي ومناهجه ودراسة احتياجات العمالة لخريجيه محط أنظار الدارسين والباحثين لخلق فرص عمل ضمن الخطط المستقبلية، وتذليل المعوقات الإجرائية والروتين». الحديث كان لأحد أعضاء الفريق من المختصين بعلم الاجتماع الأستاذ الدكتور "بلال عرابي" أستاذ في جامعة دمشق- قسم علم الاجتماع لموقع eSyria بتاريخ 28/12/2011 وتابع بالقول: «تم تشكيل فريق علمي تخصصي مؤلف من الأستاذ الدكتور "أديب عقيل" والأستاذ الدكتور "عزت شاهين"، بمساعدة فريق بحث متمرس بقضايا البحوث الميدانية لدراسة ميدانية على طلاب السنوات الأخيرة والصناعيين في سورية لمعرفة ما يريده القطاع الخاص من الخريج الجامعي، أنجز الدكتور "أديب عقيل" والفريق البحثي المتخصص البحث بهدف معرفة علاقة مخرجات واقع التعليم العالي بالقطاع الخاص في سورية من خلال جملة من العناصر، أبرزها مدى توافر المهارات المطلوبة في سوق العمل لدى الخريج الجامعي، ومعوقات أداء الجامعة لدورها المجتمعي، وصياغة آليات جسر الهوة بين منظومتي التعليم العالي وبين سوق العمل وذلك عن طريق تشخيص مشكلات العمالة كما يطرحها أصحاب المنشآت الصناعية الخاصة.. واتبع منهجاً علمياً في البحث وهو المنهج الوصفي التحليلي، بكافة إجراءاته في جمع البيانات، وتصنيفها والتعبير عنها كما وكيفاً، كما تم استخدام طريقة المسح الاجتماعي للعينة، واقتصرت حدود البحث على "أربع جامعات حكومية"، وعلى القطاع الصناعي الخاص، وتوصلنا إلى مجموعة من المقترحات».

يبقى التعليم العالي ومناهجه ودراسة احتياجات العمالة لخريجيه محط أنظار الدارسين والباحثين لخلق فرص عمل ضمن الخطط المستقبلية، وتذليل المعوقات الإجرائية والروتين

حول علاقة مخرجات التعليم العالي بالقطاع الخاص في سورية، موقع eSyria التقى الباحث الدكتور "أديب عقيل" رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة دمشق وكان لنا معه الحوار التالي:

الأستاذ الدكتور بلال عرابي

  • ما الهدف من إجراء بحث من هذا النوع وما جدواه؟
  • ** يتعلق البحث بسؤال محوري عن جدوى الإنفاق على النظام التعليمي إن لم يكن قادراً على تخريج المنتج التعليمي بالمواصفات التي تحتاجها سوق العمل في سورية، وفي الدول التي تطلب الأيدي العاملة السورية؟

    الأستاذ الدكتور أديب عقيل

    أما هدف البحث فهو معرفة واقع التعليم العالي في سورية، ومدى توافر المهارات المناسبة عند الخريج الجامعي لسوق العمل، وكذلك معوقات أداء الجامعة لدورها المجتمعي، وصياغة آليات جسر الهوة بين منظومتي التعليم العالي، وسوق العمل، بمعرفة مشكلات العمالة عند أصحاب المنشآت الصناعية الخاصة.

    تم الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي باتباع إجراءاته في جمع البيانات وتصنيفها والتعبير عنها كماً وكيفاً، وذلك باستخدام طريقة المسح الاجتماعي بالعينة.

    التعرف إلى آراء عينة من رجال الأعمال، وطلاب السنة الأخيرة في الجامعة حول أسباب الضعف في إقبال القطاع الخاص على توظيف الخريجين، والآليات المطلوبة لتضييق الفجوة بين مخرجات التعليم العالي وسوق العمل، إضافة إلى أنه سيتم الاهتمام بالبيانات الكيفية التي ستزيد من إمكانية تحديد المسؤوليات التي تقع على الجامعة أو القطاع الخاص.

  • ما الخطوات العلمية التي تم اعتمادها في البحث؟
  • ** تم اعتماد استمارة مقابلة لهذا الخصوص، بعد أن تمت صياغتها وتجربتها والتأكد من مدى صدقها وثباتها، استفادت الدراسة من الدراسات السابقة في مجال التعليم العالي وسوق العمل، التي هي نظرية: في مجالها تهدف إلى اشتراك القطاع الخاص في التخطيط الجامعي وفي اختيار المناهج الدراسية وإبراز التعاون بين الجامعات والقطاع الصناعي في الدول المتقدمة، وهو ما نسعى إليه دوماً. ركزت الدراسة الحالية على حاجات القطاع الصناعي، ومتطلبات الخريج المناسب لسوق العمل الصناعي في سورية تحديداً التي تفترق بكثير أو قليل عما في جامعات الدول الأخرى الخليجية والعالمية.

  • هل تناول البحث أو الدراسة التعليم العالي وسوق العمل؟
  • ** جرى تحديد العلاقة بينهما للتوصل إلى أن واقع مخرجات التعليم العالي في سورية في مختلف مراحله متواضعة كماً ونوعاً، الجامعات السورية الخاصة حديثة في سورية "بعد عام 2002"- ومثل أغلبية الدول- وأساس إعداد الخريجين لسوق العمل يتم بالاعتماد على الجامعات الحكومية، ما جعل فريق البحث يعتمد أربع جامعات حكومية، مقياساً لمعرفة مهارات الخريج الجامعي في سورية.

    تطرق البحث في الفصل الثاني إلى مشكلات العمل الجامعي التدريسي للطالب وللمدرس، وكذلك التحديات الأبرز أمام التعليم العالي: من التراجع المستمر للكادر التدريسي، من خلال الاستيداع والندب والإعارة، بحثاً عن ظروف معيشية أفضل للأستاذ في الجامعة، ومعيقات البحث العلمي.

  • لكون البحث يتعلق بعلاقة مخرجات التعليم العالي بالقطاع الخاص في سورية ما هي الأساسيات وانعكاسها؟
  • ** إن سماته الأساسية في حذره وعلاقته بالحكومة التي تفاوتت بين الحصر الشامل لأنشطة القطاع الخاص إلى التحسن بالتدريج في هذه العلاقة، حقيقة ركض القطاع الخاص نحو الربح السريع، جعل علاقاته بمؤسسات التعليم العالي ضعيفة جداً، لأنه لا يوجد مؤسسات ضخمة للعمل الصناعي، ذات تقاليد راسخة، وعلى العكس، مجمل الصناعات صغيرة وعائلية...! مشاركة القطاع الخاص الصناعي بعد 1991 هي 50% من التكوين الرأسمالي الثابت. وإذا ربطنا ذلك بأزمة التعليم العالي فسنجد ذلك يتمثل في قيود الجامعة الإدارية والتنظيمية والقصور في تطبيق الأساليب التكنولوجية الحديثة في الإدارة الجامعية، كثرة أعداد الطلاب في الجامعات بما يفوق طاقاتها الاستيعابية. هذا الضعف أدى إلى تخريج شهادات جامعية لا علاقة لها بسوق العمل. دعت الدراسة في الفصل الثالث إلى الاستثمار في التعليم لأنه سبيل الدول النامية لتجاوز تخلفها، وتحقيق التنمية بمواردها البشرية، توازياً وتحقيقاً لمواردها الطبيعية.

  • هل توصلتم إلى إحصائيات عامة عن المشتغلين والبطالة؟
  • ** نعم فقد اتضح من إحصائيات التعليم أن نسبة الحاصلين على شهادة جامعية من المشتغلين عام 2004 هي فقط 8.6%: وهو دليل على أن العمالة السورية غير متعلمة وحتى بين هؤلاء: الاتجاه الغالب نحو القطاع الحكومي الذي يحمل 71% من المشتغلين الجامعيين 67% من هؤلاء في أعمال مهنية وفنية، أما مهن الإنتاج فنسبة المشتغلات 3.3% وذلك عام 2004.

    ومعدل البطالة بين حملة الشهادات الجامعية 6% بينما معدل البطالة في قوة العمل هي 8.10%.!.

  • هل تم تشبيك القطاع الخاص بالجامعة؟
  • ** لقد ضم الفصل الثالث من الدراسة سبل التشبيك وربط القطاع الخاص بالجامعة من خلال تطوير التشريعات والقوانين لتواكب التنمية والاستثمار، وزيادة الدراسات الاجتماعية "المشابهة لدراستنا" لمعرفة وضع سوق العمالة، وحاجات السوق الفعلية من الخريجين.

    وإشراك الصناعيين "برغبتهم" في مجالس الإدارات الجامعية، وضرورة التحديث المتواصل لأنظمة ومناهج التعليم العالي. وإحداث جوائز وطنية وإقليمية للبحث العلمي، بما يعزز قيمة الإبداع والتطوير للمصلحة التنموية.

    وتوصلنا إلى أن الإدارة بالجودة هو المطلوب في مجال التعليم العالي للارتقاء بخدمات التعليم العالي للانتقال من الكم إلى الكيف في أداء المعلمين والإدارة والطلاب.

  • ما النتائج التي تم التوصل إليها في الدراسة؟
  • ** من أهم ما توصلت إليه الدراسة مجموعة من المقترحات: تشبيك القطاع الخاص بالجامعة، وتطوير الإدارة الجامعية، والمناهج الجامعية، بما يحقق وصول الخريجين إلى تأهيل مناسب لسوق العمل، وليعمل الخريج في مجال اختصاصه بكفاءة أكبر، واقتصرت الدراسة على أربع جامعات حكومية وعلى القطاع الصناعي الخاص، حيث تم اقتراح دراسة أكبر تشمل جامعات القطر الحكومية والخاصة، ويمكن اقتراح دراسة منفصلة للقطاع الخاص الصناعي والقطاع العام معاً، لأخذ صورة أكثر وضوحاً لوضع الصناعة في سورية عموماً، من الممكن لدراسات مستقبلية أيضاً دراسة علاقة التعليم الجامعي بالتعليم قبل الجامعي والذي هو الأساس في وصول الطالب إلى الجامعة، ما يؤثر في تكامل المناهج التدريسية، وتطابقها مع حاجات سوق العمل، حتى نقلل عدد سنوات الدراسة الجامعية إذا تم التخصص التقني قبل الجامعة.

    الجدير بالذكر أن جامعة دمشق- قسم علم الاجتماع وبالتعاون مع الهيئة العليا للبحث العلمي أعدت دراسة علمية منهجية تتعلق بعلاقة مخرجات التعليم العالي بالقطاع الخاص في سورية.