بدأ مشواره الإعلامي محباً لرسالة المهنة، فكان حاضراً في مناطق كثيرة من "سورية"، ونقل عبر الشاشة الخبر إلى كل بيوت السوريين، ليصهر فيما بعد تجربته تلك في كتابه الأول "شاهد عيان".

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 3 آذار 2019، مع الإعلامي "حيدر مصطفى"، ليحدثنا بالقول: «بدأت أول عمل رسمي لي في مجال الإعلام بشبه مصادفة، لكن دخولي المجال ككل، لا أقول إنه كان مصادفة، وإنما مجموعة أحداث ومحطات مررت بها سارت بي باتجاه الانخراط في هذا المجال، الذي تحول إلى مهنة حياة بالنسبة لي وشغف يومي لا تحده ضغوطات العمل والحياة، والحرب لها دورها الأساسي في دفعي نحو خوض غمار هذه التجربة من العمل الإعلامي المتنوع، لكن حب الكتابة وشغف الظهور الإيجابي وأداء عمل يكون قريباً من الناس كان يلازمني منذ الصغر، تلك المدة لها خصوصية تكمن في كونها كانت انطلاقتي، المدة التي اكتسبت بها الخبرة الأكبر، وكانت مرحلة صناعة الأساسات لسلم المئة درجة، فقد كنت من أصغر المراسلين والصحفيين الميدانيين عمراً، ونتيجة الاحتكاك والعمل مع زملاء من ذوي الخبرة الكبيرة، والكثيرون من الأساتذة تمكنوا من صناعة حجر الأساس الذي مكنني لاحقاً من التقدم نحو خطوات جريئة، ناهيك عن كونها مرحلة اختبار مهني طويلة الأمد، كيف تكون موضوعياً على الرغم من انحياز وسيلتك لطرف دون آخر، كيف تعالج حدثاً بالغ الخطورة وتتعاطى مع الأحداث والمشاهد المؤلمة؟ جميعها خبرات اكتسبتها من نقل أحداث تلك المرحلة المأساوية. وأن تكون صحفياً وتذهب لنقل أحداث حرب ما في بلد ما؛ فهو أمر اعتيادي، أما أن تكون تلك الحرب في بلدك وتكون سبباً أساسياً من أسباب كونك شخصاً يمتهن الصحافة والإعلام؛ فهذا أمر ليس اعتيادياً، والإعلام مهنة تقبل الكثير من الأنماط والتوجهات، بالتأكيد تعتمد الموهبة والملكة للتقنيات والإدارك لأهمية هذه المهنة ورسائلها ودورها، وعليه لا ضير من وجود مراكز متخصصة قادرة على منح المعرفة في هذا المجال، لكن المشكلة في تحول هذه الدورات إلى وسيلة للاستغلال والتجارة، ومنح لقب مدرب لأشخاص ليسوا بالخبرة الكافية، وقلتها وأجدد القول: مشكلة حقيقية عندما يكون لدينا جيش من خريجي الإعلام والقادرين على أداء هذه المهنة من الموهوبين والمتدربين، ولا يكون لدينا سوق عمل يكفي لاستيعاب هذا الكمّ الهائل من الإمكانات».

نحن نعيش مرحلة من التخبط على كل المستويات الإعلامية، والأسباب تكمن في عدم شيوع ثقافة تقبل الآخر فعلياً حتى الآن كما هو مطلوب، وعدم معرفة ماهية وسائل التواصل ودورها، ونتمنى أن نبصر النور على واقع إعلامي أكثر انفتاحاً وتقبلاً واحتراماً للآخرين وحرياتهم، ويحترم العقول ويكون قريباً من الناس فعلاً وعاملاً مساعداً لحل أزماتهم لا لتأزيمها

ويكمل حول كتابه الأول "شاهد عيان": «الدافع الأساسي لإنجاز "شاهد عيان"، الشعور بالمسؤولية، لتوثيق جزء من تاريخ مرحلة مهمة جداً، كنت أحد الشهود عليها عن قرب كالكثيرين من السوريين، شعور نابع من واجب أن يُقدِم كل صاحب قلم وتجربة على كتابة قصته أو مشاهداته، لمواجهة كم التزوير الهائل للحقائق والأحداث، وعسى أن يكون مرجعاً في يوم من الأيام في المستقبل لمعرفة حقيقة ووقائع الكثير من الأحداث التي حصلت وكنت شاهد عيان عليها، كما أن غربتي حفزتني والكثير من العوامل الأخرى، من أهمها رغبتي في ترسيخ اسمي كأحد الأشخاص الذي واكبوا الحرب عن كثب، ورغبوا في أن تكون تجربتهم مصدر إلهام ومعرفة للآخرين بكل تواضع وقناعة بأن أبسط التجارب قد تعلمنا الكثير».

"حيدر مصطفى" من استديوهات الأخبار في "بيروت"

وعن صعوبات الواقع الإعلامي يضيف: «نحن نعيش مرحلة من التخبط على كل المستويات الإعلامية، والأسباب تكمن في عدم شيوع ثقافة تقبل الآخر فعلياً حتى الآن كما هو مطلوب، وعدم معرفة ماهية وسائل التواصل ودورها، ونتمنى أن نبصر النور على واقع إعلامي أكثر انفتاحاً وتقبلاً واحتراماً للآخرين وحرياتهم، ويحترم العقول ويكون قريباً من الناس فعلاً وعاملاً مساعداً لحل أزماتهم لا لتأزيمها».

الصحفية "سارة المقداد" عنه تقول: «أصبحنا اليوم بعد سنوات من الحرب بحاجة ملحة إلى وجود شباب سوريين مثقفين قادرين على الدخول بالمجالات الإعلامية والسياسية والإنسانية، و"حيدر" شاب من هؤلاء الشباب الذين يحاولون دائماً إيصال صورة صحيحة عن هذا المجتمع، والوصول إلى حل إنساني قادر على لم شمل السوريين، وتبين ذلك من كتابه "شاهد عيان" الذي رأيت فيه أنه تكلم بموضوعية؛ وهذا ما يجعل كتاب كهذا وثيقة صغيرة للأجيال القادمة ولكل شخص يريد معرفة تفاصيل الحرب السورية، ومهنياً شق "حيدر" طريقه بأوقات وبدايات صعبة جداً، وعمر صغير حاول كمراسل ميداني أن يكون شاهداً على بعض مراحل الحرب لتبيانها إلى الجميع، وأكمل ذلك عندما انتقل إلى "لبنان" وبدأ الدخول بالمجالات الإعلامية والإنسانية معاً لمحاولته إيصال صوت عن السوريين في كل مكان، وشغفه لا يقف ويوجد الكثير ليقدمه، لكن كما نعلم جميعاً في الوسط الإعلامي أن الضغوطات والصعوبات بالعمل أو عدم إيجاد الفرص المناسبة والوقت المناسب تجعلنا نؤجل الكثير من الأفكار إلى أوقات أخرى مع الأسف».

توقيع كتاب "شاهد عيان"

يذكر، أن الإعلامي "حيدر مصطفى" من مواليد محافظة "دمشق"، عام 1993.

"حيدر مصطفى" و"سارة المقداد" من التوقيع الأول لكتاب "شاهد عيان"