يحتل "المنتدى الاجتماعي" السوري مكانة ثقافية اجتماعية مهمة في المشهد الثقافي السوري، فمنه انطلق الباحثون والكتاب والفنانين السوريين طرح قضاياهم الأدبية والفنية لمناقشاتها وطرح الحلول لها.

موقع "eSyria" بتاريخ 1/9/2010 التقى برئيس مجلس إدارة المنتدى الأستاذ "محمد سليم عرقسوسي" ليحدثنا عن بداية نشوء المنتديات الأدبية أولاً، فيقول: «كانت جامعة "دمشق" في نهاية عقد الخمسينيات من القرن الماضي ملتقى لكل أبناء المحافظات والشرائح الاجتماعية، كما كانت هدفاً للقوى السياسية التي يهمها كسب الجامعيين إلى صفوفها، وقد شهد عقد الخمسينيات نهوضاً ثقافياً واجتماعياً وفنياً، تأثرت به سورية بعد الحرب العالمية الثانية، وتمثل في المدارس الأدبية، الصحف الحرة، الجمعيات الأهلية، المسرح والأحزاب السياسية، وقد أوجدت في الجامعة السورية رابطة غير منتخبة يتمثل فيها كل حزب سياسي بعضوين وتعمل الرابطة السورية على اتخاذ التوصيات بأن المشاركة في النشاط الجامعي، ومشكلات الدراسة والإسهام في المناسبات الوطنية».

اضطر المنتدى للتوقف عن نشاطه عدة سنوات بسبب سفر العديد من أعضائه المؤسسين إلى خارج القطر للعمل أو الدراسة، وما لبث أن عاود أنشطته مع مطلع القرن الجديد، وراح يستقبل أعضاء جدد يمثلون مختلف أطياف المجتمع وأبناء المحافظات السورية

يتابع: «لقد نشأ عن قيام الوحدة بين سورية و"مصر" نمو التيار القومي والتفاف آلاف الطلاب حوله، كما أدى النهوض الاجتماعي إلى بروز مجتمع متنور راغب في المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، وتم في هذا المجال تأسيس تجمع طلابي باسم كتلة المستقلين المحالفة للتيار القومي، وقد ساهمت الكتلة في أنشطة الاتحاد العام لطلاب جامعة دمشق، وفي الاتحاد العام لطلاب الجمهورية العربية المتحدة».

غرفة المحاضرات

أما عن تأسيس المنتدى الاجتماعي، فيقول: «ولما كانت حياة الطالب في الجامعة قصيرة، تداعى أنصار الكتلة المستقلة إلى تأسيس جمعية المنتدى الاجتماعي، ذلك بهدف التواصل بين الأعضاء بعد التخرج، كان قيام المنتدى عام 1960 بهيئة تأسيسية مكونة من 18طالباً و12طالبة، وبدأ بناء الجسور مع الأدباء والمثقفين والفنانين في مقر المنتى، وما لبث المنتدى أن شد إليه عشرات الشباب، الذين راحوا يلتقون يومياً في جو اجتماعي راق بعيد عن التعصب والتعقيد، وقد مكن ابتعاد المنتدى عن الولاء لأية قوة سياسية أو حكومية من تحقيق أصدق العلاقات بين أعضائه ونخبة الشخصيات الثقافية والفنية والاجتماعية».

عن فترة التوقف في المنتدى يقول: «اضطر المنتدى للتوقف عن نشاطه عدة سنوات بسبب سفر العديد من أعضائه المؤسسين إلى خارج القطر للعمل أو الدراسة، وما لبث أن عاود أنشطته مع مطلع القرن الجديد، وراح يستقبل أعضاء جدد يمثلون مختلف أطياف المجتمع وأبناء المحافظات السورية».

المنتدى الاجتماعي

أما عن أهداف المنتدى فيقول: «حدد المنتدى الاجتماعي في نظامه الداخلي الأهداف الرئيسية التي يسعى لتحقيقها وذلك أولاً في المجال الاجتماعي، وفيه يكون العمل على تحقيق العلاقات الاجتماعية بين الأعضاء، وصولاً إلى خلق نواة اجتماعية للشباب العربي تنطلق به وتحرر طاقاته الإبداعية عن طريق أنشطة متنوعة كالرحلات، حفلات التعارف، السمر والندوات التي تعالج مشكلات المجتمع، وقام أعضاء النادي برحلات متعددة إلى محافظات القطر، زاروا فيها المناطق الأثرية في المدن المنسية و"بصرى، شهبا، القنوات، قلعة الحصن، صلاح الدين، تدمر، أوغاريت، الرصافة وماري"، واطلعوا من دليل مرافق على تاريخ هذه الأوابد والأحداث التي مرت بها».

أما في المجال الثقافي، فتقول "مها عرنوق" مسؤولة اللجنة الثقافية: «في هذا المجال يكون العمل على تهيئة مناخ ثقافي يتيح للأعضاء التعبير عن أفكارهم وميولهم، وذلك عن طريق تقديم دراسات وبحوث ثقافية، وإلقاء محاضرات دورية يسهم فيها رواد الفكر العربي، وقد شهد منبر المنتدى في هذا المجال تظاهرة فكرية متواصلة احتشدت لها نخبة المثقفين من القطر ومن الأقطار العربية الشقيقة، وضمت لائحة المحاضرين في الأمسيات الثقافية قامات أدبية شامخة من بينها: "الدكتور عبد السلام العجيلي، الدكتور شكيب الجابري، أ. جورج جبور، سلمى الحفار الكزبري، حنا مينة، إلفت الأدبي، د. بديع الكسم، د. رياض عصمت، أديب اللجمي، هيثم الكيلاني، أدونيس، صدقي إسماعيل، مدحت عكاش، سعيد حورانية، غسان الرفاعي، زكريا تامر، عزيز شكري، نجاة قصاب حسن،" والعديد من الفنانين من بينهم "ميشيل كرشة، فاتح المدرس، لؤي كيالي" وعشرات الأدباء والباحثين».

محمد سليم عرقسوسي

غطت الدراسات المتنوعة التي قدمها المحاضرون في المنتدى سائر الجوانب الثقافية والوطنية والاجتماعية، عنها يقول الأستاذ "غفران الناشف" باحث وإعلامي سوري: «حفلت المواسم الأدبية للمنتدى بفعاليات أخرى متنوعة كالمعارض الفنية التشكيلية، والندوات الأدبية والعلمية، والأمسيات القصصية والشعرية، ومن جانب آخر جرى إنشاء مكتبة غنية بالمؤلفات الأدبية والعلمية المتنوعة، رفدها الأعضاء بتبرعاتهم من الكتب والمخطوطات حتى أصبحت تضم اليوم ما ينوف عن 1500 كتاب في سائر ميادين المعرفة».

أما المجال الفني فيقول الأستاذ "مروان مراد" من أعضاء المنتدى: «كان الهدف في هذا المجال تنمية التذوق الفني عن طريق الاستماع إلى الموسيقا، وتقديم الدراسات عن أعلام الموسيقا الكلاسيكية، وقد أقيمت أمسيات موسيقية متنوعة عرض فيها المختصون ألواناً من المعزوفات والألحان العربية والعالمية وقام المنتدى من جانب آخر بعرض الأفلام السينمائية الحائزة على جوائز عالمية، إضافة إلى الأفلام الموسيقية والوثائقية، وبذل المنتدى نشاطاً واضحاً في إقامة معارض الكتب والفنون التشكيلية للكوكبة المختارة من الرسامين، ورواد الفن في سورية والوطن العربي، وتشجيعاً للمواهب الشابة قدم المنتدى عروضاً لفن العرائس والمسرحيات الراقصة، يواظب المنتدى الاجتماعي على تقديم أنشطته المتنوعة بحماس من أجل تحقيق أهدافه، المتعددة طامحاً إلى إغناء الحياة الثقافية في دمشق، وإعداد جيل واعد ينطلق إلى متابعة المسيرة الحضارية لسورية، ووراء هذه الجهود مجلس الإدارة المنتخب من سبعة أعضاء هم "المحامي مأمون الطباع، الأديبة هالة النابلسي، المهندس سحر صادق، الأستاذ سليم عرقسوسي، الدكتورة سحر سعيد، والمهندس ملهم اللحام"».