العفوية في الكتابة بالنسبة للأديب "وليد العايش"، هي الأساس لنجاح أي عمل أدبي، فكتب كل أنواع الفنون الأدبية التي تحاكي الواقع، وهموم ووجدان القارئ بكل صدق وأمانة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الأديب "وليد العايش" بتاريخ 8 أيار 2019، ليحدثنا عن مسيرته الأدبية قائلاً: «منذ الطفولة وفي يدي يراع وورقة، فبدأت رحلة مبكرة وممتعة مع القلم والورقة التي رافقتني منذ العقد الأول من عمري وحتى الآن، فكنت أكتب وأصف كل ما تقع عيناي عليه، ونشرت أول خاطرة لي في صحيفة "تشرين"، حين كنت بعمر الرابعة عشرة، ومن شدة فرحي اشتريت أكثر من عشرة أعداد من الصحيفة ووزعتها على زملائي في المدرسة، فكانت هذه خطوتي الأولى لأصبح كاتباً، فالكاتب وليد بيئته ومرآة الوسط الذي ينتمي إليه، وتقع على عاتقه مهمة نقله بأمانة إلى العالم، فأنا ابن بيئة ريفية كان لها تأثير كبير بكتاباتي، فكتبت الخاطرة المستوحاة من واقع الريف وجماليته التي لا تنتهي.

وطني ذبحوك على حجر ## وظنوا بأن الموت يأتي ## بسكين ## وأن الجراح لا تشفى ## إن زارها حزن ## فانهض من ضريحك واقفاً ## فالمنشار لا يمحو؛ أثر ## والأشجار في خجل ## تهدي الثمر ## لكل من غاب ## وكل من حضر ## وطني لملم جراحك ## فأنت أعتى من الصدى ## ومن القدر

بعمر السابعة عشرة كتبت قصة قصيرة بعنوان: "اللقيطة"، التي كانت نقطة تحول كبيرة ونقلة نوعية في مسيرتي الأدبية، فقد أخذت حيزاً كبيراً من اهتمام الأدباء، ونشرت في معظم الصحف والمجلات المحلية والعربية حينئذٍ؛ وهو ما دفعني إلى تطوير ملكتي الأدبية بالقراءة التي أعدّها متعتي، فكان نهمي للقراءة كقطار سريع لا يمكن إيقافه».

ديوانه "حنين الشطآن"

وتابع: «قرأت معظم السير الشعبية والروايات الأدبية العالمية والعربية، وكتابات أدباء المهجر، وما كتبه "نجيب محفوظ"، و"طه حسين"، وتشيخوف"، وغيرهم من الأدباء، واقتنيت الكثير من الروايات والقصص المترجمة، وتأثرت كثيراً بكتابات "جبران خليل جبران"، و"نزار قباني"، و"محمود درويش"؛ حيث مزجت بكتاباتي بين مدارسهم، فكتبت قصيدة النثر بنهم، وجذبتني قصيدة التفعيلة المجزوءة، لكنني وجدت نفسي بين سطور القصة القصيرة والرواية، وكتبت العديد من المقالات النقدية، لكنني لست ناقداً، وإنما متلقياً ومتذوقاً له، ثم واصفاً لما بين يدي، فالأدب والنقد يمشيان جنباً إلى جنب، فكل شاعر ناقد، ولا بد من امتلاكه الملكة النقدية، فوجود الإبداع الحقيقي لا يكتمل من دون وجود النقد ويبرز مستواه الحقيقي وجماليات النص، فالنقد الأدبي المحترف مدرسة خاصة على من يود دخولها أن تتوفر فيه الشروط اللازمة للنقد؛ وخاصة الحيادية والثقافة العالية، وله أهمية كبيرة في الساحة الأدبية».

وعن رسالته الأدبية قال: «للأدب بوجه عام رسالة عالمية تقع مسؤولية إيصالها على الكاتب نفسه؛ سواء كان شاعراً أم قاصاً أم روائياً، فكل كاتب عليه أن يتمثل هموم وطنه ومجتمعه وينقلها بكل أمانة وصدق وشفافية من دون تملّق، فالكاتب الناجح هو من يكون صادقاً مع نفسه أولاً، قبل أن يكون صادقاً مع الآخرين، فهو الوجه الآخر للمجتمع، ومن خلال كتاباتي جسدت رؤيتي للواقع بكل تفاصيله بقوة بحروفي، بعفوية وبساطة الكلمة، والكتابة إن لم تكن عفوية فسوف يكتنفها التكلف والتصنع، ولن تجد آذاناً مصغية كالأغنية التي تظهر فجأة لتختفي بعد مدة كفقاعة هواء، وبالنسبة لي القصيدة أو القصة تأتي إلي ولا أذهب إليها؛ تومض فجأة فأكتبها، فهي التي تكتبني، وكم من قصيدة أو قصة أيقظتني من النوم كي أكتبها».

الشاعر "وليد العايش" خلال إحدى أمسياته الشعرية

وعن الملتقيات الأدبية ومدى فاعليتها، قال: «تعدّ الملتقيات الأدبية الحقيقية (الصالونات أيام زمان) فسحة رائعة لصقل المواهب أولاً، وإثراء الساحة الأدبية ثانياً من خلال رفدها بأقلام رائدة في مجال الأدب. أما بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي، فهي سيف ذو حدين؛ حيث أصبح العالم كقرية صغيرة، وأتاحت للجميع أن يتحولوا إلى شعراء، وشعراء مواقع التواصل الاجتماعي يختلفون تماماً عن الشعراء والكتاب الآخرين، ومع ذلك فإن لها إيجابيات كثيرة إن أحسنا التعامل معها».

ومن كتاباته:

«وطني ذبحوك على حجر

وظنوا بأن الموت

يأتي

مشاركته بالمجموعة الشعرية "حديث الياسمين"

بسكين

وأن الجراح لا تشفى

إن زارها حزن

فانهض من ضريحك واقفاً

فالمنشار لا يمحو؛ أثر

والأشجار في خجل

تهدي الثمر

لكل من غاب

وكل من حضر

وطني لملم جراحك

فأنت أعتى من الصدى

ومن القدر».

الناقد "حميد الخويلدي" قال عن تجربة الأديب "وليد العايش": «شاعر متميز، امتلك خاصية أدبية متميزة، فقد أبدع بمجالات، واتصفت تجربته بالنضج، وقطعت تحولات في مناخ أدبي معافى، وتجربته الشعرية غاية بالجد والمثابرة والنضج العالي، فهو دؤوب النظر والفكر الإبداعي؛ وخصوصاً أن نصوصه استوفت خصائص الشعر العربي في تشخيص المنهج التحليلي للشعر، ونال مستوى الشعر الاعتباري العالي في كثير من قصائده، ونصوص أخرى يشملها الاعتبار البناء، فهو يتمحور بين عبقرية النص العربي السردي أو النثري أو التعبيري والموزون، إضافة إلى لغته الغنية، ونصوصه غابة مورقة ومزهرة باشتقاقاتها وأفعالها وصفاتها وأجناسها وصورها البيانية والتصويرية، إضافة إلى تنوع مواضيعه؛ فقد تناول الوطن والتاريخ والحب والعشق وأزمات العصر، وغيرها من الصور التي جسدها بحروفه بطريقة جمالية ومؤثرة، فهو يحمل بين جنبات حروفه ملح الأرض ونار الحزن، فقد ابتكر عناوينه ومواضيعه وتناولها بأسلوب شعري وسردي مبتكر».

يذكر، أن الكاتب "وليد عرفات العايش" من مواليد "ريف دمشق"، عام 1970، حاصل على إجازة بالإعلام والحقوق، عمل بالصحافة الرياضية لمدة خمسة وعشرين عاماً، وحكم كرة قدم سابق. أتقن العديد من اللغات الأجنبية، وهو عضو اتحاد الصحفيين السوريين، حاز شهادات تقدير بالأدب، ولديه باكورة أعمال أدبية متنوعة مثل "حنين الشطآن"، ولديه مجموعة دواوين ومجموعات قصصية وروايات قيد الإنجاز.