ضمن نشاطات احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية، وبمختارات من مجموعة لوحات لفنانين سوريين، ولإحياء الذاكرة التشكيلية في سورية من البدايات وحتى ستينات القرن العشرين، افتتح المتحف الوطني بدمشق المعرض الاستيعادي الذي يهدف إلى التأكيد على أهمية الفنانين السوريين المؤسسين لهذا الفن، مبرزا الشكل الخاص لحضور هؤلاء الفنانين بذاكرة جيل الفن.
كما يبرز هذا المعرض أهميته من خلال عرض لفكرة وليس لتجميع تحف فنية، فهو كتاب تتحدث صفحاته عن الذاكرة التشكيلية بلوحات تبدأ من عام 1879م، لتنتهي عام 1975م، على حد قول عضو نقابة الفنان التشكيلين العرب الفنان التشكيلي الياس زيات. فالتاريخ الأول هو تاريخ بداية المتحف الوطني بجمع لوحاته، أما التاريخ الثاني فهو يمثل حقبة هامة تتمثل في تأسيس كلية الفنون الجميلة.
يتميز المعرض الذي شارك فيه قرابة خمسين فنان، منهم: فاتح مدرس، محمود حماد، ادهم إسماعيل، ميشيل المير، عبد القادر النائب، نعيم إسماعيل، الياس الزيات، وغيرهم، أنه لقاء رائع على طاولة محبي دمشق الغارقة في العراقة والحداثة والقدم، وذلك من خلال عرض لوحات رواد النهضة الفنية في سورية ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر إلى بدايات القرن العشرين، حيث يعد رواد هذه الفترة هم الذين أسسوا فن هذا البلد، كما شكل عرضاً لأعمال رواد الحداثة ابتداء من النصف الثاني من القرن العشرين، عندما بدا الفنانون العودة من أوربا بعد الحصول على الاختصاص فاتحين الباب للحداثة في الفن التشكيلي، والأمر اللافت للانتباه أن الفنانين الذين عادوا والذين مهدوا لحداثة الفن هم الذين أسسوا كلية الفنون الجميلة التي نتج عنها فنانين سوريين وعرب.
تمتع كل فنان في هذا المعرض ببصمته الخاصة، فمنهم من وجد في دمشق القديمة موضوعاً للوحاته الفنية، ومنهم من اتخذ التاريخ منهاجاً لفنه كأعمال الفنان سعيد تحسين، وقد عبرت كل اللوحات عن مشاعر الحب والصفاء بتمازج لوني عفوي بسيط مقترن بالاحتراف .
بالفعل رسمت هذه اللوحات عالم تصغي فيه اللغة التشكيلية الزيتية بتجليات الروح وإيحاءات المخيلة لترسخ احتمالات غير محدودة بظرف زمني أو مكاني وتنفجر ينابيع ثرية لتشكل جداول تنساب فيها ألوان من المتعة البصرية والروحية.
إذا من بداية الفن التشكيلي في سورية وحتى تأسيس كلية الفنون الجميلة، هذا هو بنية المعرض، وسوف يحل محله قريباً معرض ثاني يحتوي أعمال ابتدأت من تأسيس كلية الفنون إلى الألفين.
