(لا أظن أن ملك الموت يود ملاقاتي وأنا بدوري لاأرغب به الآن فما زلت صامداً ومازال لدي الكثير ) عجز معظمه عن وصفه وعن الإحاطة بكل ما امتهنه الدكتور قتيبة الشهابي في حياته الذاخرة فهو طبيب الأسنان والرسام والمصور والمؤرخ والقاص والشاعر والباحث ورغم كل تلك الألقاب كان يكرر

مقولته آنفة الذكر والتي إن دلت على شيء فهي تدل عل حبه الشديد للعمل وتعلّقه بالحياة ليقدم علما أكثررغم أن الذي قدّمه بلغ 29 مؤلف 17 منهم في مكتبة الكونغرس منها معجم طب الأسنان والمعجم الطبي وأربعة كتب جامعية وبرز تعلقه بدمشق من خلال مؤلفاته الكثيرة التي تغنت بها وتحدثت عنها (دمشق تاريخ وصور ومعالم دمشق ونقود دمشق وأبواب دمشق وأديرة دمشق وكنائس دمشق وريفها ودمشق التي لا تخون من يحبها قدّمت له بمرسوم من السيد الرئيس بشار الأسد شارعا في مشروع دمر باسمه بذكرى أربعين رحيله ...

كلمات كثيرة قيلت ومشاعر صادقة فاضت وأجواء حزينة سادت :

كانت ذكرى تليق بعظيم كالدكتور الشهابي موسوعة متنقلة وأمير كما لقّبه أصدقاءه حيث حضر التأبين (السيد فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية والسيد وزير الثقافة ولفيف من أشخاص أحبوا الدكتور في حياته ووعدوه بالإخلاص والبقاء على عدهه استهلت السيدة حنان قصاب حسن المناسبة بكلمة إنسانية تحدثت فيها عن إنسان رحل ومازال باق واسع الطيف دائم الحضور في كتبه ولوحاته وشعره أحب الحياة والضحك والسهرات سخر من أعبائها وأحزانها كان دائم الفكاهة كثير المزاح هذا هو الكتور الشهابي .

إرادته الصلبة أوصلته وعزيمته القوية جعلته يدرس الطب ويتابعه حتى التفوق رغم عدم حبه لهذا المجال، عن الشهابي الطبيب قال الدكتور عربي كاتبي ممثل نقابة الأطباء (خير وصف أبدأ فيه كتاب مفتوح نعم إنه هكذا ما إن جلست معه حتى نهلت من نبعه علما وثقافة ورؤية خلاقة حتى أن زوجته لقبته بـ (سوبر مان) وإن عرجّنا على اختصاص طب الأسنان تجده طبيبا ماهرا أضاء نفسه شمعة في الظلمة وحتى مع طلابه لم يبخل يوما بإجابة كان متواضعا يدهشك فيه الحب الكثير لتقديم العلم بصدر رحب وثغر باسم أتمنى أن يسير طلابه على نهجه فهوخير قدوة).

أنا الطبيب الذي يلهو بالتاريخ والمؤرخ الذي يلهو بالطب فالطب ذاتي المادي والتاريخ ذاتي المعنوي تحدّث الدكتور علي القيّم عن تعلّقه بدمشق وظهر هذا جليا واضحا في كتبه ومؤلفاته وصوره ولوحاته التقيت به أول مرة في عام 1987 حيث أطلعني على كتابه الأول (هنا بدأت الحضارة ) وما فاجئني أنني قد نبهته لعدة ملاحظات في الكتاب وفي الطبعة الثانية وجدتها مدققة كما أشرت عليه بها فأعجبت بتقبله للنقد والعمل به، التقط زوايا فريدة ودقيقة لصوره وساعدته عينه الخبيرة في التصوير في كتاباته ووصوله للقارئ العادي قبل المختص، الحديث عن الدكتور يطول وخصوصا أنه مجموعة أشخاص بجسد واحد أتمنى له واسع الجنان وفسيحها .

كان الشهابي فريق عمل متكامل بشخصيتيه الثرية ومواهبه المتعددة فقد شغل منصبين مهمين في وزارة السياحة شرح أهمية تلك المناصب الأستاذ هيثم نجاتي مدير عام سياحة دمشق (كان محاورا مقنعاً ومتحدّث مبدع تألق عندما عمل كمستشار لوزير السياحة تاركاً أثراً وإرثاً كبيرين من الأبحاث والكتب فقد كتب عن طريق الحرير وأهميته التجارية وعن أهمية سورية الدينية ومقاماتها الشريفة ومثّل الوزارة في مهمات عديدة كان خير ممثّل عن بلده سورية، رأى بدمشق مدينة سياحية عظيمة فكتب عن معظم جزئياتها بكل أمانة وصدق وعشق ...