تحمل كل زاوية فيه حكاية، بوابته، جدرانه، مرابط الخيل فيه، ساحته، أبراجه، قناة "القطيفة" التي تزوده بالماء، وحتى حجارة ترميمه.....إنه "خان النوري".

بناه السلطان الشهيد "نور الدين محمود زنكي" في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي، ويقع اليوم في الطرف الشرقي لمدينة "القطيفة" مطلاً بواجهته على أحيائها القديمة.

مستطيل الشكل، طول مدخله ثمانية أمتار وعرضه ثلاثة أمتار تسنده ثلاث قناطر الأولى على الجبهة، والثانية في المنتصف، استقر عليها باب خشبي ضخم لا وجود له اليوم، والثالثة تطل على باحة سماوية مساحتها 540 متر مربع مرصوفة بالحجر، يطل عليها بهوان طويلاً أبعاد كل منهما خمسة وعشرون متراً طولاً وأربع أمتار عرضاً، ينفتح البهو الشمالي منهم بباب ضيق على المدخل الرئيسي، أما الجنوبي فمدخله الوحيد على الباحة، وفي كل منهما ممر ضيق يفضي لغرفة بارزة على الجبهة، وفيهما مرامي لحماية السور والمدخل، ويتميز البهو الجنوبي بفتحة صغيرة مائلة في أعلى الجدار لدخول أشعة الشمس.

يحيط بالباحة دهليز معقود بشكل المهد نصف اسطواني يطل على الباحة بقناطر ثلاث من الجهة الشمالية والجنوبية، وست قناطر للجهة الغربية، ويشكل الدهليز مربع ناقص ضلع بطول مئة وأربعون متر وعرض أربعة أمتار، وفي منتصف الجدار الغربي تبرز غرفة تسمى "باكية الزهر" منفتحة بباب ضيق على الدهليز، يعلوها برج يعتقد أنه للمراقبة والدفاع عن الخان، الذي بنيت جدرانه بعرض متر ونصف وزودت كل الزوايا، المداخل، والأبراج بأحجار ضخمة في الواجهات، ومن داخلها رصفت بأحجار صغيرة مصفوفة بإتقان.

قرون طويلة مرت على خان النوري مما أعطاه لقب الخان العتيق بجدارة إلا أنه لا يزال محط أنظار قراصنة البر الباحثين عن كنوزه المدفونة، وبقي ليومه هذا شامخاً رغم عبث السكان، ونقلهم حجارته لتساهم في بناء منازلهم. أعطاهم من حجارته وحمل لهم ذاكرة الأيام فأعطوه مكاناً في قلبهم.