في قلب سوق "الحميدية"، يصحبك صوت الأذان المنبعث من جامع "الأحمدية" في ثنايا عشق إيماني وروحي ما زال حاضراً فيه، منذ العهد العثماني الذي أنشئ خلاله.

مدونة وطن eSyria التقت التاجر "أحمد التلي" بتاريخ 12/10/2012 فقال: «إن جامع "شمسي أحمد باشا" الذي يعود إلى العهد العثماني يحمل عبقات إيمانية تعكس تاريخ علاقة الدمشقيين بالمساجد، وهو المسجد الثالث الموجود في سوق "الحميدية" بعد الأموي وجامع صغير الحجم اسمه "أبو هريرة"، ويقع في سوق "الأروام" أحد الأسواق المتفرعة عن سوق الحميدية».

إن جامع "شمسي أحمد باشا" الذي يعود إلى العهد العثماني يحمل عبقات إيمانية تعكس تاريخ علاقة الدمشقيين بالمساجد، وهو المسجد الثالث الموجود في سوق "الحميدية" بعد الأموي وجامع صغير الحجم اسمه "أبو هريرة"، ويقع في سوق "الأروام" أحد الأسواق المتفرعة عن سوق الحميدية

وحول تاريخ إنشاء جامع "شمسي أحمد باشا" أجرى موقع "eDamascus" مقابلة مع الباحث "حسن الصواف" الذي قال: «إن المدرسة "الأحمدية" أو ما يسمى اليوم جامع "شمسي أحمد باشا" يقع داخل أسوار مدينة "دمشق" القديمة وتحديداً في قلب سوق "الحميدية" بالنصف الغربي منه، بالقرب من سوق "الأروام"، وقد أنشأ الوالي العثماني "شعبان أحمد شمسي باشا" عام /960/ هجرية الموافق /1553/ م، المدرسة في عهد السلطان العثماني "سليمان القانوني"، وحول لاحقاً إلى جامع أطلق عليه مسجد "أحمد شمسي باشا" وهو اسم الوالي الذي أنشأه بعد عام من ولايته على الشام سنة /959/ هجرية، حيث استمر الوالي في أداء مهامه حتى عام /963/ هجرية، وحُوّل أيضاً إلى تكية سميت "تكية أحمد باشا أو التكية "الأحمدية"».

جامع الأحمدية

وأضاف: «وُصف الجامع في الكثير من الكتب التاريخية على أنه مدرسة عظيمة، لها باب بقنطرة من الحجر الأسود والأبيض مزخرفة على النمط التركي، وفوق "اسكفة" الباب لوحة مصنوعة من رخام القيشاني يصعب قراءتها لوجود الأصباغ عليها، لكن الكتب التاريخية التي تحدثت عن جامع "شمسي أحمد باشا" أوردت النص المكتوب على اللوحة وهو:

رب بالإحسان جاز من بنى *** للفقراء تكيـة ســائدة

الباحث" حسن الصواف"

وانظر بعين اللطف في تاريخه *** وانزل علينا ربنا مائدة.

وتابع "الصواف": «هذا كان وصف الجامع من الخارج أما عندما ندخل إلى الصحن، فنجده على شكل مربع جميل، يحوي فيه بركة ذات عشرين ضلعاً، تدخل إليها المياه من نهر "بانياس"، وفوق عقد الباب مئذنة صغيرة الحجم، لها قاعدة من الحجر المنحوت، ومن فوقها /8/ أعمدة من الحجر الأصفر الجميل، أما في الجهة القبلية من الصحن فنجد حديقة صغيرة وإلى جانبها يوجد باب القبلية أي حرم بيت الصلاة، والقبلية مصنوعة من سقف خشبي يقوم على /3/ قناطر من الحجر الأسود، ولها محراب عادي ومنبر خشبي بسيط، ويظهر أن هذه القبلية مجددة البناء، في مقابل ذلك نجد بالجهة الشمالية من القبلية قبة تقوم على /4/ قناطر، وفيها محراب يعود صنعه إلى العهد التركي، ومزخرف برسوم إسلامية جميلة، وإلى جانبه يوجد بابان يدخل منهما إلى القبلية، وعلى ما يبدو أن هذه القبة والباب هما البناء الوحيد الباقي من بناء المدرسة القديم».

الباحث "محمد مروان مراد"

أما الباحث التاريخي "محمد مروان مراد" فقال: «يوجد باب في الجهة اليسرى للداخل إلى حرم بيت الصلاة يؤدي الى سوق السجاد المعروف بسوق "الأروام" من مدخل عمارة حديثة أقيمت بجوار المسجد في أربعينات القرن العشرين، وللمسجد مئذنة صغيرة جداً عند الباب الرئيسي، فيما جرى تحويل الجامع إلى مطبخ عسكري خلال الحرب العالمية الأولى في الفترة الممتدة بين عامي /1914/ و/1918/، كما لابد من الإشارة إلى وجود عملية توثيق للمدرسة بالنص والصورة والخارطة جرت في عام /2006/، حيث صنف ضمن المباني الأثرية في مدينة "دمشق" تحت اسم جامع "الأحمدية"».

الباحث التاريخي أشار إلى وجود لغط تاريخي حول صدور تعليمات من مدينة "اسطنبول" التركية إبِّان العهد العثماني عام /1240/ للهجرة الموافق /1824/م، بتشييد مسجد صغير مقابل المدرسة الأحمدية التي كانت تعرف أيضاً بتكية شمسي "أحمد باشا"، لكن هذه المعلومة خاطئة، إذ لا يوجد أي أثر للمسجد في سوق الحميدية بالمكان الذي تحدثت عنه الرواية التاريخية، ولا قبل هذا التاريخ ولا بعده، ما يعني أن جامع الأحمدية هو ذاته المدرسة والتكية أيضاً.

وحول دور المساجد التاريخية في تشجيع التجارة وحركة البيع والشراء ذكر: «إن الدور الأكبر في هذا المجال لعبه المسجد "الأموي" في سوق "الحميدية" وبدرجة أقل مسجد "الأحمدية"، وعلى الأخص في شهر رمضان، فالزائرون من المواطنين والسائحين إلى المسجدين سيمرون في السوق، ويجدون كل ما هو دمشقي من قماش "البروكار" والأغباني والموزاييك الدمشقي والنحاسيات وغيرها من الصناعات العريقة، فيقتنون بعضاً منها مساهمين في تنشيط عملية التجارة، مع أن قصد الزيارة هو العبادة والصلاة في المساجد، ورغم أن الغاية من إنشاء هذا المسجد في قلب "الحميدية" كانت إيجاد جامع آخر إلى جانب الجامع الأموي، كي يصلي فيه التجار والمواطنون القادمون إلى السوق، إلا أنه لعب دوراً غير مقصود في تشجيع التجارة والبيع والشراء».