تعد من أشهر ساحات "دمشق"، ارتبط ذكرها بالمال لوجودها قرب بناء "مصرف سورية المركزي"، أنشئت في زمن الاستعمار الفرنسي.

كانت مزينة بقبة حجرية تخلد ذكرى أحد الضباط الفرنسيين المقتولين في "دمشق"، قبل أن تهدم الذكرى بأمر من الرئيس "شكري القوتلي".

كانت منطقة بساتين، ذات طرقات ترابية، غنية بمياهها، وأشجارها المثمرة

إنها ساحة "السبع بحرات" التي كانت مع أخواتها اللواتي أنشئن في نفس الفترة- عنوان التوسع العمراني لـ"دمشق"- في النصف الأول من القرن العشرين، مدونة وطن "eSyria" عادت لتراجع تاريخ هذه الساحة، والبداية كانت مع الفنان "عاصم زكريا" الذي تحدث عن هذه المنطقة بالقول:

نصب تذكاري لذكرى بانتري

«كانت منطقة بساتين، ذات طرقات ترابية، غنية بمياهها، وأشجارها المثمرة».

وقد صورتها ريشته في إحدى لوحاته وهي الملاذ الصيفي لأهل الشام خاصة لسكان "سوق ساروجا" الذين يقصدونها للنزهة لطيب هوائها وكثافة أشجار بساتينها، خاصة بستان "عين الكرش" الذي نسب إلى نبع "عين الكرش" ذي المياه الصافية المتدفقة، الذي غذت مياهه بحيرات متتابعة أفادت المنطقة، لتساعد فيما بعد على تدفق المياه إلى "البحرات السبع" للساحة، قبل الغزو العمراني للمنطقة.

ساحة الكابتن ديكار بانتري - في الخرائط القديمة

المهندس "خليل الفرا" المهندس المسؤول عن بناء مبنى "مصرف سورية المركزي" تحدث عن الساحة بتاريخ 1/9/2013، وقال: «كان ظاهر المدينة القديمة بساتين خضراء في نفس مكان البنك المركزي اليوم، حيث بنى الفرنسيون ثكناتهم العسكرية بالقرب منها في الطرف المقابل وجد مقصف يؤمه سكان المناطق القريبة للنزهة نهاراً.

اعتمدت السلطات الفرنسية في عهد الانتداب توسيع طرق قديمة وفتح طرق جديدة، لتسهيل حركة نقل العتاد والفرق العسكرية وللحد من نشاط الثوار، فتم شق شوارع عدة أهمها: شارع "بغداد" عام /1922/م ليصل قلب "دمشق" مع ريفها، وأنشئت ساحة إبان الثورة السورية عام /1925/م أطلق عليها اسم الضابط الفرنسي الكابتن "ديكار بانتري" قائد فرقة الهجانة الفرنسية الذي قتله الثوار في المكان.

ساحة السبع بحرات

وقد أمر الجنرال "موريس سراي" المفوض السامي الفرنسي، ببناء نصب تذكاري تخليداً لذكرى "بانتري"، والنصب عبارة عن قبة محمولة على أربعة أعمدة تنتهي بأقواس، على شكل محراب من الحجارة الأبلقية "تدرج الحجر الأبيض والأسود"».

توسط النصب التذكاري الساحة وأحاطت به سبع بحرات مائية متضائلة وصولاً إلى البحرة الرئيسة، صُممت البحرات السبع على الطراز المعماري الإسلامي، ووضعت على هذا النصب لوحة رخامية كتب عليها باللغتين العربية والفرنسية "ذكرى الكابتن ديكار بانتري ورجال فرقته الهجانة".

بعد جلاء قوات الاحتلال الفرنسي عن "سورية" هدمت القبة بأمر رئيس الجمهورية "شكري القوتلي" الذي أبقى على الساحة وفي وسطها البحرات السبع، وألغي الاسم بناءً على القرار الصادر عن المجلس البلدي في "دمشق"، تحت رقم (5/1) في /16/ حزيران عام /1945/م، الذي قرّر: (إلغاء الأسماء الفرنسية لشوارع "دمشق" وتبديلها بأسماء عربية، إزالة كل نصب تذكاري فرنسي من شوارع وساحات المدينة).

سميت الساحة عام /1946/م "ساحة 17 نيسان" تخليداً لذكرى الجلاء، لتحمل بعد عام /1973/م اسم: "ساحة التجريدة المغربية" تيمناً باسم الكتيبة العسكرية المغربية التي شاركت في حرب تشرين ضد الكيان الصهيوني، وظل الاسم المتعارف عليه هو "ساحة السبع بحرات"، وقد أطلق عليها الدمشقيون اسم السبع بحرات لوجود هذه البحرات السبع فيها.

جددت وطورت الساحة عدة مرات، حتى أصبحت على ما هي عليه اليوم من بهاء وجمال، يتصدرها بناء "مصرف سورية المركزي"، الذي أنشئ بموجب المرسوم التشريعي رقم (87) تاريخ 28 آذار عام /1953/م، الذي استغرق بناؤه ثلاث سنوات نفذ التصاميم المهندس "خليل الفرا"، ليباشر المصرف نشاطه في الأول من آب عام /1956/م، ويحيط بساحة السبع بحرات أيضاً المبنى التراثي القديم "اتحاد الحرفيين"، الذي أنشئ زمن الرئيس "شكري القوتلي" وكان هناك ديوان محاسبة الموظفين ومبنى "إذاعة دمشق" قبل انتقالها إلى شارع "النصر"، كذلك جامع "بعيرة" الذي أنشأه "أبو راشد بعيرة" عام /1938/م، وسمي الجامع باسمه ودفن فيه.

تأتي أهمية الساحة لتوسطها أحياء مدينة "دمشق" الحديثة، لكونها عقدة مواصلات مهمة، تتوسط الساحة أربع ساحات، هي: "يوسف العظمة، وساحة عرنوس، وساحة الشهبندر، وساحة التحرير".

تتفرع منها ستة شوارع: شارع "29 أيار" الذي ينتهي في "الصالحية"، شارع "العابد" الذي افتتح في ثلاثينيات القرن المنصرم، وشارع "الباكستان" وينتهي في "محلة الشهداء" والمعروف سابقاً "الصدراني"، وشارع "الشهبندر" الذي افتتح في الأربعينيات إبان الحرب العالمية الثانية، وشارع "جول جمال" ويمتد نحو الشرق ليلتقي شارع "مرشد الخاطر" (شارع بغداد الراجع)، وقد فتح هذا الشارع في الخمسينيات من القرن المنصرم.