بدأ العمل بمشاريع طاقة الكتلة الحيويّة بتجارب صغيرة، تبعتها مساعٍ حثيثة للترويج لهذه المشاريع مع المتابعة في البحث والدراسة لتحسينها؛ وهو ما يزيد الرغبة في الاستثمار بها، والبدء بانتشار "الهواضم الحيوية" على نطاق جيد.

وكان لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 19 شباط 2017، جولتها على هواضم الكتل الحيويّة المزروعة في أرض المزارع المُنتجة للطاقة الحيويّة التي بدأت تنتشر، برفقة المهندس "عامر العمري" المسؤول عن مجال طاقة الكتلة الحيويّة في "المركز الوطني لبحوث الطّاقة" ليكون الدليل بمعرفة ماهيّة هذه الطّاقة، فيقول: «لا بد من توضيح سبب التّوجه نحو الطّاقات المتجددة أو "الطّاقات البديلة"، حيث يوجد هدفان رئيسان: بيئي، وطاقي، فمن النّاحيّة البيئيّة تعمل هذه الطّاقات على الحدّ من الانبعاث العشوائي الذي أصبح يؤثر سلباً في ظاهرة الاحتباس الحراري، فمثلاً الحرارة صيفاً أصبحت تصل إلى درجة 50%. أما الهدف الطّاقي، فيأتي من ضرورة تأمين البديل للوقود الأحفوري الذي بدأ ينضب مع تزايد الطّلب العالمي على الطّاقة. وهناك عدة أشكال من الطّاقات المتجددة، مثل: الطّاقة الشّمسيّة، الطّاقة الريحيّة، طاقة المدّ والجزر، الطّاقة الهيدروجينيّة، وطاقة الكتلة الحيويّة، وهي كل المواد ذات المنشأ العضوي؛ أي التي تحوي الكربون في تركيبها الكيميائي، والتي يمكن أن تكون نوعاً من أنواع الطّاقة، التي تتكون نتيجة إجراء مجموعة عمليات، مثل: الحرق، والتّخمر الهوائي واللا هوائي، وغيرها، وتطبق على هواضم تتجمع فيها كل أنواع المخلفات، مثل: الصّلبة، والسّائلة، والحيوانيّة، والنباتيّة، والصّناعيّة، ومخلفات المدن، والقمامة العضويّة، ومخلفات الصّرف الصّحي، لنحصل على وقود أو غاز حيوي».

كان لي ومنذ تسع سنوات فرصة حضور ندوة أقامها مركز بحوث الطّاقة في بلديّة "خلخلة"، واطلعت على مشاريع الهواضم التي نفذت في قريتي "الصورة الصغرى"، و"رضيمة اللواء"، وفي العام الماضي كانت لي الفرصة عن طريق البلديّة بتخصيصي بأحد هذه المشاريع في أرضي، وقمنا بتجهيز الحفريات والأبنية اللازمة لوضع تجهيزات الهاضم وتشغيلها بإشراف المختصين من مركز بحوث الطّاقة، وبدأنا الاستثمار مع بداية الصّيف الماضي، فتخلصت من فضلات المواشي الموجودة في المزرعة، لأحصل على السّماد العضوي بوفرة، كما تحقق لي الوفر في استخدام الغاز، حيث حقق لي "الهاضم" إنتاج ما يقارب ثلاث إسطوانات غاز شهرياً، كان من مستلزمات العمل في المزرعة

ويستعرض المهندس "عمار" مساعي المركز الوطني لبحوث الطّاقة في العمل في هذا المجال، ويقول: «ضمن سعي المركز لنشر ثقافة الطّاقة المتجددة بين المزارعين الذين تتوافر لديهم المادة الأوليّة، عملنا من خلال المحاضرات واللقاءات التي أقمناها في مراكز البلديات لمجموعة من القرى والمناطق على عرض تجاربنا في استثمار هواضم الكتل الحيوية، ونالت قبول الفلاحين، فازدادت حماستنا في البحث والعمل، واجتهدنا في تحسين تصميم هذه الهواضم لنحقق مجموعة من المتطلبات الملحّة، فتمكنا وبجهود محلية من إنجاز هواضم ذات جودة عالية، وبتكلفة أقل بنسبة 50%، حيث كان هذا الموضوع أحد أهم معوقات الإقبال. هذه الهواضم في طريقها إلى التعميم؛ لأن نتائجها التجريبية جيدة جداً، كما تابعنا في البحث لتصميم فلاتر بسيطة تتجاوز مشكلة رائحة الغازات المنبعثة نتيجة تفاعلات محتويات الهاضم، واستخدمت في كل المشاريع المستثمرة، وحصلنا على غاز الطاقة الذي تنوعت استخداماته لدى مزارعينا، فكان للاستخدام المنزلي في الطهو أو تسخين المياه، وغيرهما، كما حصلنا على السّماد العضوي السّائل لتزيد خصوبة التربة الزّراعيّة، وهو سهل الامتصاص».

المهندس عامر العمري

يحدثنا المزارع "شاهين المغوش" من قرية "خلخلة" التابعة لمحافظة "السويداء" عن تجربته مع مشروع "الهاضم" المنتج للطاقة في مزرعته، فيقول: «كان لي ومنذ تسع سنوات فرصة حضور ندوة أقامها مركز بحوث الطّاقة في بلديّة "خلخلة"، واطلعت على مشاريع الهواضم التي نفذت في قريتي "الصورة الصغرى"، و"رضيمة اللواء"، وفي العام الماضي كانت لي الفرصة عن طريق البلديّة بتخصيصي بأحد هذه المشاريع في أرضي، وقمنا بتجهيز الحفريات والأبنية اللازمة لوضع تجهيزات الهاضم وتشغيلها بإشراف المختصين من مركز بحوث الطّاقة، وبدأنا الاستثمار مع بداية الصّيف الماضي، فتخلصت من فضلات المواشي الموجودة في المزرعة، لأحصل على السّماد العضوي بوفرة، كما تحقق لي الوفر في استخدام الغاز، حيث حقق لي "الهاضم" إنتاج ما يقارب ثلاث إسطوانات غاز شهرياً، كان من مستلزمات العمل في المزرعة».

يذكر أنّ عدد الهواضم المشادة والمنتجة للطاقة تسعة عشر هاضماً في محافظة "السّويداء"؛ موزعة على خمس قرى، واثنان في "ريف دمشق" في "قرحتا" و"العداليّة"، وكذلك بمحافظة "طرطوس"، حيث استخدمت المخلفات الحمضيّة.

العمل في تجهيز الهواضم
مشروع الهواضم في مزرعة شاهين المغوش