تبدأ المحال بتزيين واجهاتها بالأزرق والزهري لتعلن عن موعد قريب لافتتاح المدارس؛ لتبدأ مهمة الأهل الشاقة والممتعة معاً، بالتردد إلى الأسواق لشراء حاجياتهم المدرسية التي تتناسب وإمكانياتهم المادية وتلبي متطلباتهم.

مدونة وطن "eSyria" زارت أسواق "دمشق" الشعبية ووصلت إلى سوق "الصوف" بتاريخ 10 أيلول 2015، والمعروف برخص أسعاره -مقارنة مع الأسواق الأخرى- وتنوع بضائعه وجودتها، وهناك التقينا "أسمهان طعمة" من "ريف دمشق" منطقة "زاكيه"، فحدثتنا قائلة: «في هذه الأيام من السنة يبدأ الأهالي قصد الأسواق لاقتراب موعد افتتاح المدارس؛ وأغلب الأحيان أقصد الأسواق الشعبية لأنني أشعر بمتعة التسوق لجمال الأسواق القديمة وخصوصيتها التاريخية، ويعد "سوق الصوف" أحد هذه الأسواق المشهور بالألبسة الجاهزة ذات النوعية الجيدة لتنوع بضائعه ورخص أسعاره مقارنة مع الأسواق الأخرى، وموقعه المميز ضمن مجموعة من الأسواق الشعبية أعطاه ميزة اقتصادية واجتماعية، فجعله مقصداً للكثيرين؛ حيث يوازي سوق "مدحت باشا" ويحده من الشمال سوق "الحميدية"، ومن الشرق "البزورية"، ومن الغرب "باب الجابية"، أما من الجنوب فتحده منطقة "الشاغور"، وهو ما يمكنني من شراء كامل حاجياتي الشخصية والعائلية.

أتشوق لارتداء الهندام المدرسي، فرحتي بشرائه تعادل فرحتي بشراء لباس العيد، لهذا أصمم على الذهاب مع أمي إلى السوق وخاصة الأسواق الشعبية، لأنني أعدّها رحلة تسويقية وتوديعية للعطلة الصيفية، وبنفس الوقت أنتقي حاجياتي المدرسية بنفسي؛ وهو ما يعطيني دفعاً قوياً لأبدأ العام الدراسي بجد ونشاط

وميزة البيع في مثل هذه الأسواق أنك تستطيع الشراء (جملة أو مفرق)، ومعظم الأحيان أشتري "جملة" لأنها أرخص وأتقاسم الحاجيات مع جاراتي، وعليه يقوم التاجر "بمكارمتي" لأنني سأشتري أكثر من بدل؛ فيعطيني سعراً أقل من السعر المعلن عنه».

أسمهان طعمة وابنتها

وتتابع: «في الأسواق الشعبية يتسابق التجار بعرض بضائعهم المدرسية بعدة طرائق لجذب الزبون، فأشعر بالراحة لتعدد الخيارات وخاصة أنني أرغب بنوعية قماش تكون رطبة وناعمة الملمس، لتتمكن ابنتي من تحملها طوال السنة المدرسية، وعلى الرغم من ارتفاع سعر الملابس مقارنة بالسنوات الماضية؛ إلا أنني أجدها أرخص وأكثر رحمة للأهل من ارتداء الملابس العادية، وأعدّ زبونة دائمة فأغلب الأحيان أجد طلبي لأن البضائع مكفولة ومتنوعة، ويُعرف عن تجار هذا السوق حسن المعاملة، وأن الزبون لا يخرج من عنده إلا ويكون راضياً، فهو يدرك أن أغلب زوار السوق من أصحاب الدخل المحدود».

وبدورها حدثتنا الطفلة "رزان طعمة" طالبة في الصف الخامس بالقول: «أتشوق لارتداء الهندام المدرسي، فرحتي بشرائه تعادل فرحتي بشراء لباس العيد، لهذا أصمم على الذهاب مع أمي إلى السوق وخاصة الأسواق الشعبية، لأنني أعدّها رحلة تسويقية وتوديعية للعطلة الصيفية، وبنفس الوقت أنتقي حاجياتي المدرسية بنفسي؛ وهو ما يعطيني دفعاً قوياً لأبدأ العام الدراسي بجد ونشاط».

التاجر منصور الرفاعي من أقدم تجار سوق الصوف

التاجر "منصور الرفاعي" عمر محله 200 سنة، ويعد من أقدم تجار السوق قال: «أعمل بإصرار لأكون من أول التجار المشاركين في موسم المدارس، وذلك بعرض مجموعة كبيرة ومتنوعة، ففي هذه الأوقات يعيش السوق حركة بيع جيدة على الرغم من ارتفاع الأسعار؛ لكن ليست كالسابق؛ فالأهل يجدون أن اللباس المدرسي ضروري ويعادل الأكل والشرب، وبالنسبة لنا كتجار نقوم بعرض بضائعنا حيث تتناسب وأصحاب الدخل المحدود، وما يجعل أسعارنا معقولة نوعاً ما مقارنة مع أسعار الأسواق الأخرى هو اعتمادنا على أيدٍ عاملة محلية وأقمشة محلية، ولنضمن نوعية جيدة للزبون فإننا نضيف إليها خبرتنا في هذا المجال ليحافظ الهندام المدرسي على قوامه طوال العام، ويهمنا كتجار أن يشتري الزبون في الموسم وإلا ستكسد البضاعة، فنعمل على إرضائه من خلال الخيارات المتعددة، ونعمل على بيع القطعة الواحدة أغلى قليلاً من سعر الجملة، وهو ما يسهل مهمة الأهل الشرائية التي تتناسب وإمكانياتهم في ظل الغلاء الذي نعيشه، فسعر القميص الزهري في السوق يتراوح ما بين 1200 و2000 ليرة سورية، والبنطال كذلك، ويختلف السعر حسب نوع القماش».

يعد التاجر "بسام حيدر" موزعاً أساسياً للباس المدرسي في منطقة الأسواق الشعبية؛ حيث يعمل بهذه المهنة منذ 25 عاماً، قال: «في هذه الأوقات من كل عام أقوم بعرض بضائعي لأنها فرصة ثمينة للتجار، فموسم المدارس شبيه بموسم العيد؛ والإقبال على الشراء جيد على الرغم من ارتفاع الأسعار.

الموزع بسام حيدر

أبدأ التحضيرات قبل عدة أشهر، وفي الشهر التاسع أبدأ عرض بضائعي على مجموعة من تجار (الحريقة، وسوق الحميدية، وسوق الصوف، وأسواق أخرى) وفي المحل، بأسعار مقبولة وبضاعة مكفولة؛ لأننا نختار الخيط الذي يتحمل الغسيل والكوي طوال العام الدراسي، وأصبح لدينا خبرة طويلة في نوعية الخيط والقماش و"الموديل" المناسب، ويقصدنا الأهالي في هذه الأيام من كل عام لأن بضاعتنا سعرها مقبول، لكنها ليست رخيصة، وهناك مثل شعبي يقول: "لا تسترخص اللحم لأنه عند المرقة تندم". في السابق كنا نقوم بخياطة عدد كبير من "البدلات" المدرسية، لكن في ظل الغلاء اعتمدنا على خياطة القمصان و"الصداري"؛ التي تعد لباساً حضارياً ومرتباً ويفي بالغرض ومقبولاً من قبل الإدارة المدرسية».

ربة المنزل "بسمة حسين" قالت: «أتيت من "عين حور" الواقعة بين (زبداني وسرغايا)، وقبل أن آتي إلى "سوق الصوف" قمت بجولة في عدد من الأسواق القريبة إلى منزلي، إلا أنني وجدت الأسعار مرتفعة ولا تتناسب مع دخلي، فقصدت سوق "الصوف" الذي اعتدت التسوق منه مع والدتي، ويعرف عنه رخص أسعاره؛ مع العلم هي نفس جودة البضائع الموجودة في الأسواق الأخرى، وبما أن عندي ثلاثة أولاد فإنني أشتري كافة القياسات وبالجملة وأشتري أيضاً الكسوة كاملة».

التاجر "أحمد الأغواني" قال: «أعمل بمهنة بيع الألبسة الجاهزة منذ 10 سنوات، وأنتظر موسم المدارس لأجهز الواجهات للفت انتباه الزبون، فموسم المدارس يحسب له التاجر ألف حساب؛ حيث تنشط حركة البيع والشراء فالأهل يقومون بشراء العديد من الحاجيات الشخصية والعائلية والمنزلية، والأم تشتري لابنتها الحذاء والجوارب والألبسة الجاهزة؛ وهو ما يشعل السوق ويجعله يضج بالناس والأولاد».

ويضيف: «يمتد سوق "الصوف" من أول "باب الجابية" حتى نزلة الشماعين، سمي كذلك لأن التجار قديماً كانوا يبيعون فيه الصوف المناسب للفرش والوسائد، ويعود عمره إلى زمن المماليك أي 700 سنة، ويغلب عليه الطابع التراثي والشعبي التجاري، وهو من الأسواق المقبية، وطوله حوالي 200 متر، ويضم 100 محل تجاري، يوجد فيه جامع "القلعي" الذي يحوي مئذنة أثرية تعود إلى القرن التاسع الهجري، وتعد أطول مئذنة بـ"دمشق"، وجامع الخضيري الأثري الذي يعود إلى زمن المماليك. أما الآن فأغلب التجار يبيعون حالياً الألبسة الجاهزة بأنواعها لمختلف الأعمار».