لا تنفك أفراح "الشّام" تنتشر على ربوعها بمهرجانات للفرح والسّرور، وتحلق بأفق طموحها لتجعل من حضورها الأثر الجليّ حتى عند ذوي الاحتياجات الخاصة؛ الذين كان لهم حصة في دورات التعليم على بعض الحرف الدمشقية في المهرجان.

وخلال جولة مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 تموز 2019 في مهرجان "الشّام بتجمعنا" التقت مجموعات من ذوي الاحتياجات الخاصة الموزعين على فرق الحرف اليدويّة من مدربين ومتدربين ومتطوعين، فكان الحديث مع المتطوع "رامي المسوتي" مدير التأهيل والتّطوير في فريق "لمة أمل" التّطوعي، حيث قال: «أردنا لفريقنا الذي جمع عدداً من الشباب أن يتابع في العمل التّطوعي الذي بدأناه بحلقات محو أمية في ملعب "تشرين"، فكان الإجماع على أن نقوم بالإعداد لشيء خاص ومميز لذوي الاحتياجات الخاصة من فئة الكبار، يكون لهم من خلاله وسيلة في إيجاد فرصة لتعلم مهنة تدمجهم في سوق العمل، وتبتعد بهم عن العوز والحاجة، خاصة عندما نعرف مدى القدرات التي يملكها هؤلاء الأشخاص، والتي لا تحتاج إلا لتوجيه ومحبة توازي ما لديهم، فهم عنوان للعطاء والنقاء، وكان لمهرجان "الشام بتجمعنا" الفضل في وضع هذه الفرصة على طريق التّحقيق، وقد ساندتنا الإدارة بما قدمته من مكان ودعم لتأمين المستلزمات، وساعدنا بعض الحرفيين حيث قدموا أنفسهم كمدربين متطوعين للتدريب على حرف الضغط على النّحاس، الحفر على الخشب، الرّسم على الزّجاج، وهناك دورة قدمها أفراد فريقنا في الرسم والأشغال اليدويّة، وقد تواصلنا مع هؤلاء الحرفيين وكان التجاوب مشجعاً جداً، وزاد من إصرارنا على نجاح هذه المبادرة، بدأنا بتوزيع أعضاء فريقنا من ذوى الاحتياجات الخاصة على مجموعات لتتناوب في التّدريب على كل أنواع الحرف المقدمة، وسيكون لنا الدّور في مراقبة تفاعل المتدربين مع كل حرفة، وانسجام كل واحد مع الحرفة التي لامسته، واستطاع التعامل مع أدواتها وسبل العمل بها، ليكون لنا فيما بعد النظر في التخطيط لمراحل عمل أخرى نأمل في تحقيقها، وإن أخفقنا فإننا نرى في سعينا هذا وخطواته الخجولة فرصة لتنمية مهارات وإن كان طموحنا أكبر بكثير».

سمعت عن هذه المبادرة من زميلي في جمعية "بيت الشّرق للتراث" الحرفي "راتب الضعني"، حيث عرض علي المشاركة كمدرب في حرفتي الحفر على الخشب، وقبلت بالعرض وبدأت به، واستلمت مجموعتي، ومستمر معهم خاصة أنني بدأت بعد صعوبات عدة بفهم هذه الشخصيات، وساعدني في ذلك أعضاء من فريق "لمة أمل" التطوعي، فهذه الشخصيات تمتلك القلب الأبيض، وتتمتع بقدر كبير من الهدوء، وهو حجر الأساس في حرفتنا، وهذا ما يؤهلهم لامتلاك زمام هذه الحرف والإبداع فيها

مدرب الضّغط على النّحاس "راتب الضّعني" حدّثنا عن مشاركته وتجربته في التدريب على حرفته فقال: «أردت لنظرة العطف التي تلاحق إخواننا من ذوي الاحتياجات الخاصة أن تزول وتحلّ محلها نظرة الفخر والزهو بأعمال لهم فيها بصمة متألقة وحضور مميز؛ استلزم منهم جهداً بذلوه بسخاء، فرسم البسمة على وجوههم لتعطي الأمل لحياتهم، وتزرع في أرواحنا نحن المدربين السّكينة، وتعزز شعور التّحدي لدينا لنكون بذلك قد أخذنا أكثر بكثير مما قدمنا لهؤلاء الأشخاص. وقد كان لي الحظ في المشاركة بهذه المبادرة، ودعوة بعض زملائي إليها، فعملنا قدر المستطاع للنجاح في عملنا هذا من صبر وتعاون مع المشرفين، وتفكير في ملائمة حرفنا وأدوات عملنا مع متدربينا، وإني أرى قطعاً تتكون بين أيديهم هي فعلاً تحف فنية».

فريق لمة أمل

تحدثت والدة المتدرب "مصطفى الشّيشكلي" عن خوض ابنها لهذه التّجربة وقالت: «أعلمني فريق "لمة أمل" التّطوعي عن عزمه القيام بهذه المبادرة، وسألني عن إمكانية مشاركة "مصطفى" معهم، أعجبت بالفكرة وتشجعت لها، وكذلك ابني خاصة أنّه دقيق الملاحظة، ويهتم بالتّفاصيل ويحبّ الرّسم وله معه جولات جميلة، وجاء عمله مع فريق الضّغط على النّحاس تجسيداً مختلفاً للرسم الذي أحبه وتناوله على الورق، وكذلك كانت شهادة مدربه الحرفي "راتب الضعني"، أحببت نظرة الفرح التي ارتسمت في عيونه وهو يتعلم ويتلقى مبادئ عمله مع هذا الفريق».

"محمد سعيد كريمو" حرفي الحفر على الخشب يقول: «سمعت عن هذه المبادرة من زميلي في جمعية "بيت الشّرق للتراث" الحرفي "راتب الضعني"، حيث عرض علي المشاركة كمدرب في حرفتي الحفر على الخشب، وقبلت بالعرض وبدأت به، واستلمت مجموعتي، ومستمر معهم خاصة أنني بدأت بعد صعوبات عدة بفهم هذه الشخصيات، وساعدني في ذلك أعضاء من فريق "لمة أمل" التطوعي، فهذه الشخصيات تمتلك القلب الأبيض، وتتمتع بقدر كبير من الهدوء، وهو حجر الأساس في حرفتنا، وهذا ما يؤهلهم لامتلاك زمام هذه الحرف والإبداع فيها».

فريق الضغط على النحاس مع المدرب راتب الضّعني

يتابع أعضاء "لمة أمل" في عملهم التّطوعي، وحتى هذه اللحظة يسعون لفتح مجموعة تدريب جديدة في صناعة الإكسسورارت بالتعاون مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وتلقف إبداعاتهم المكنونة وإرادتهم الصلبة لتعزيز قدراتهم وتحفيزها.

فريق الحفر على الخشب مع مدربهم محمد سعيد كريمو