هناك في منتصف حارة "قولي" بحي "ساروجة"، وسط مدينة "دمشق"، يقبع قصر المرحوم "محمد علي العابد" أول رئيس لسورية (1932-1936) - أو ما تبقى منه-، أيام الانتداب الفرنسي.

eSyria التقى صاحب القصر حالياً السيد "عزت سليم اليازجي" الذي بدت الغصة واضحة في حديثه لنا عن تاريخ القصر وما آل إليه بعد ما يقارب الـــ (350) سنة على بنائه وعن ذلك يقول:

في أواخر الستينيات اضطر والدي المرحوم "سليم عبد الله اليازجي" إلى تأجير قسم «السلملك

«بني قصر العابد منذ ما يقارب الأربعة قرون أي أثناء الاحتلال العثماني لبلاد الشام، وسكنه في البداية "هولو باشا العابد"، ومن ثم كاتب السلطان "عبد الحميد الثاني" "عزت باشا العابد" والد "محمد علي بك العابد" من عام (1932-1936 ) أول رئيس لجمهورية سورية أثناء الانتداب الفرنسي، وقد استخدم كقصر جمهوري لستة أشهر فقط حيث انتهى العمل من بناء القصر الجمهوري بمنطقة المهاجرين».

السيد عزت اليازجي

ويتابع السيد "اليازجي": «وظل القصر سكناً للرئيس "العابد" حتى عام /1942/ حين استأجرته المدرسة الأميركية وبقيت فيه حتى عام /1948/، ثم استأجره والدي المرحوم "سليم اليازجي" ليشتريه في النهاية على مراحل عدة، وجعل قسماً من الطابق العلوي سكناً لنا، وأسس (المدرسة الثانوية الأهلية) من عام /1948-1970/، التي استقبلت الطلاب من بنين وبنات من سن الحضانة حتى الثانوي، وخُصص قسم منها كمدرسة داخلية، تخرج منها كبار الشخصيات السورية والفلسطينية منهم "عبد الرؤوف الكسم" رئيس الوزراء السوري الأسبق، و"أحمد الخطيب"، و"صلاح البيطار"».

يتابع السيد "اليازجي": «أٌغلقت "المدرسة الثانوية الأهلية" سنة /1970/ واستلمتها وزارة التربية، واختارت قسم "الحرملك" لصالح مديرية تربية "القنيطرة"، لتقيم فيه مدرسة "نجم الدين عزت" وقد تعرض القصر خلال الــ /20/ سنة اللاحقة للتخريب، وسرق الكثير من محتوياته ولا سيما أسقف بعض الغرف العجمية، والبحرات، وفي عام /1995/ استلمت المدرسة أو "القصر" من التربية بعد أن أقمت دعوى ضد التربية وربحتها وأخليت المدرسة لعلة العبث بالمأجور».

احدى باحات القصر

القصر:

في قصر العابد

ويصف لنا السيد "عزت سليم اليازجي" القصر: «تبلغ مساحة القصر (2200) متر مربع، ويعود تاريخ بنائه إلى القرن الثامن عشر أو التاسع عشر، ويتألف من ثلاثة أقسام: الحرملك، والسلملك، والخدملك، وله ثلاث فسحات سماوية، ويطل على حارتي "قولي"، و"المفتي"، وتتوزّع غرفه الـ65 على طبقات، أسقفها من القرميد وجدرانها الداخلية مكسوّة بالخشب المحفور، وكانت الغرف بهية، أنيقة، طوال الأيام والسنوات الأولى التي سكنت فيها مع والدي في القصر، وحالياً أسكن في القصر بعد أن قمت بترمّيم أربع غرف».

وأضاف: «في أواخر الستينيات اضطر والدي المرحوم "سليم عبد الله اليازجي" إلى تأجير قسم «السلملك» إلى ورش الأحذية!!! وله جملة شهيرة ربما تلخّص الوضع برمته، حين جاءه بعض الزوار واستغربوا وجود ورش الأحذية، يومها قال "كنا نخرّج عقولاً، الآن نخرج نعولاً".

يوماً بعد يوم تحول المكان إلى شبه خرابة وبدأ بالتآكل، وفي عام /2006/ احترق أحد المنازل المجاورة للقصر وامتد الحريق إلى الطابق العلوي لقسم "السلملك" فأتى على قسم كبير منه».

ويتمنى السيد "عزت اليازجي" إعادة ترميم القصر واستخدامه كمشروع ثقافي وسياحي، من خلال منح قروض كافية لإعادة الحياة إلى القصر.

eSyria سأل السيد "أمجد الرز" مدير "مكتب عنبر"، عن إمكانية مساعدة السيد "اليازجي" لتحقيق أمنيته فأجاب: «نحن كمكتب يمكن أن نسهم بإعطاء قرض بسيط للترميم ولكن هذا القصر يحتاج لمبالغ كبيرة جداً قد لا تغطيها ميزانية مؤسسة بأكملها».

أما السيد المهندس "خالد الأسعد" رئيس "بلدية ساروجة" فقال: «نحن لا نستطيع تقديم أي مساعدة مالية ولكننا على استعداد لمنح صاحب القصر كل التسهيلات الممكنة للترميم وإعادة الحياة للقصر الذي يعتبر بحق شاهداً على عصر الأبنية والقصور الجميلة عصر اسطنبول الصغرى».

ويصر السيد "اليازجي" على أن للقصر (65) مفتاحاً، وليس (65) غرفة، فقد يكون المفتاح لغرفة بمساحة شقة بمقاييس هذا الزمان؟؟.

السؤال: من يعيد معالم القصر التي تكاد أن تتلاشى؟ ويعيد له قيمته الأثرية والمعمارية؟.