في قلب المدينة القديمة وفي أحد أعرق أحياء "دمشق" تقع "مدرسة القيمرية الكبرى" التي تحولت في منتصف القرن العشرين إلى قصر للقطط الدمشقية، فهذه المدرسة التي تعد من الأبنية الدمشقية العريقة تسمى اليوم مسجد القطط، والسبب أن جزءاً من بناء خصص كوقف لمصلحة القطط المريضة والجائعة.

"eSyria" زار المسجد بتاريخ "2/1/2012" والتقى السيد "محمد المراد" مصلي من سكان حي "العمارة" حيث قال: «لا أعرف سبب تسمية هذا المسجد بالقطط، ولكن يبدو أن قططاً كثيرة كانت تعيش هنا في الماضي، خصوصاً أنك تجد القطط تعيش في معظم البيوت العربية القديمة، أما اليوم فقد تجد عدداً من القطط تتجول في ساحة المدرسة القديمة وليس الكثير منها».

لا أعرف سبب تسمية هذا المسجد بالقطط، ولكن يبدو أن قططاً كثيرة كانت تعيش هنا في الماضي، خصوصاً أنك تجد القطط تعيش في معظم البيوت العربية القديمة، أما اليوم فقد تجد عدداً من القطط تتجول في ساحة المدرسة القديمة وليس الكثير منها

الشيخ "رهيف مراد" الإمام المسؤول عن الجامع، تحدث عنه بالقول: «يعد هذا المسجد جزءاً من "مدرسة القيمرية الكبرى"، والحقيقة أن تاريخه وسبب تسميته تختلف من رواية إلى الأخرى بشكل كبير، فبعض السكان يقولون إن القطط المريضة والهرمة كانت تبقى هنا إلى أن تموت حيث يقال بأن السكان كانوا يحرصون على إحضار الطعام للقطط الموجودة في الحي لذا سمي مسجد القطط.

الشيخ "رهيف مراد" الإمام المسجد في باحة المسجد

وفي رواية أخرى يقال بأن المدرسة جمعت عدداً من صانعي ومقلمي الأقلام، إلا الشائع بين سكان الحي ما هو مكتوب على اللوحة الرخامية "مسجد ومدرسة القيمرية- الملقب بالقطط"، أما بالنسبة للمدرسة القيمرية الصغرى فقد تلاشت آثارها نهائيا ولا أعرف أين هي بالضبط».

الباحث والمؤرخ "أكرم العلبي" تحدث عن تاريخ "مدرسة القيمرية الكبرى" بالقول: «تعد المدرسة القيمرية الكبرى ضمن الآثار التي لاقت اهتماماً؛ بعد أن صنع على بابها ساعات صنعها البديع الساعاتي المتوفى سنة /686/هـ واستمرت المدرسة بعملها خلال العهدين المملوكي والعثماني، وعندما زارتها لجنة الشيخ "عبد المحسن الإسطواني" سنة /1328/هـ وجدت فيها إحدى عشرة غرفة أرضية وطالباً واحداً، سميت آنذاك بالمدرسة العتيقة أو مدرسة القطاط.

اللوحة الرخامية

رممت المدرسة في حدود سنة /1375/هـ وبقي من بنائها القديم الواجهة الجنوبية وبعض الجدر الداخلية وخاصة تلك الموجودة من الناحية الشمالية، ومع مرور الأيام نسي السكان اسم المدرسة الأصلي وتحول أحد أطرافها إلى مسجد مازال قائماً في حي القيمرية يدعى جامع القطاط، وماتزال المدرسة موجودة حتى اليوم فيها مصلى شتوي وآخر صيفي وباحة وبركة ماء، وذكرت في كتابي "خطط دمشق" المطبوع عام /1989/ هذه المدرسة والجامع الموجود في قسم منها».

وفي اتصال مع الأستاذ "نصر الدين البحرة" أشار إلى أن هذا المسجد يدل على اهتمام أهل دمشق منذ القدم بالحيوانات الأليفة التي تعيش بينهم، وأضاف بقوله: «كما كانت "مرجة الحشيش" وقف ومرتع للخيول والبغال والحمير الهرمة، حيث تترك هناك إلى أن تموت دون أن تعمل، كان مسجد القطط وقف للقطط المريضة والهرمة والشاردة حيث خصص بعض أهالي دمشق جزءاً من استثمارات الأوقاف لمصلحة هذه القطط التي كانت تربى وتترك في هذا المسجد، أضف إلى ذلك كان بعض الأهالي يأتون بقطع من اللحم ليطعموا هذه القطط بأنفسهم».

الباحث والمؤرخ "أكرم العلبي"