تطور فن العمارة في مدينة دمشق خلال القرنين التاسع عشر والعشرين تطوراً سريعاً، وظهر تباين واضح بين الأحياء الدمشقية المبنية قبل عام /1880/ والأحياء التي بنيت بعيد هذا التاريخ، ولعل أحد أهم هذه الفروقات هو انفتاح المباني الدمشقية بالكامل على الشارع عكس ما عرفت به مباني دمشق تاريخياً من تمحور واجهات البناء على الفسحة الداخلية للبناء.

هذه النقلة النوعية في تاريخ "دمشق" العمراني لها أسباب عدة، مدونة وطن "eSyria" بحثت في هذه الأسباب والتقت بتاريخ 19/10/2012 المهندس "خليل الفرا" أحد أشهر مهندسي العمارة في دمشق منذ أربعينيات القرن العشرين، والذي قال: «انفتحت دمشق على أساليب معمارية متعددة فرضتها أعمال معماريين أجانب في عمارة بعض المنشآت العامة والخاصة في هذه المدينة العريقة، كما تسرب اتجاهات العمارة الأوروبية الشائعة من خلال المعماريين المحليين الذين درسوا في الغرب.

انفتحت دمشق على أساليب معمارية متعددة فرضتها أعمال معماريين أجانب في عمارة بعض المنشآت العامة والخاصة في هذه المدينة العريقة، كما تسرب اتجاهات العمارة الأوروبية الشائعة من خلال المعماريين المحليين الذين درسوا في الغرب. على أن أهم تغيير طرأ على نظام العمارة التقليدية، تبعيتها للطراز المتوسطي، حيث انتشرت هذه المباني في دمشق على امتداد جادة الصالحية وحتى الجسر الأبيض، وما يزال بناء مدرسة الفيحاء يذكر بتلك الفترة، حيث يعد أنموذج هذا الطراز تطويراً للطراز الكلاسي المحدث نتيجة لانفتاح المعماريين السوريين على الثقافة الأوروبية، وعليه قام طراز جديد على مبدأ "الانفتاح الكامل على الشارع" مع الاعتناء بالواجهات التي زينت بالفتحات والنوافذ المؤطرة والمتوجة، كما امتاز بظهور طوابق تعلو قبواً واسعاً وفي ذروته غرفة أو مجموعة غرف يعلوها سقف جملوني قرميدي، ولكن مع تراجع في الزخارف التقليدية في التزيين الداخلي، أصبحت الجدران عارية بيضاء وإن زين بعضها بمشاهد ملونة. ليرتد شكل المباني الحديثة (الخاصة والحكومية) على تصميم الشوارع والبنى التحيتية لأحياء دمشق الحديثة، فلوحظ في الشوارع الحديثة تباعد المباني بوجائب كافية، وامتداد الشوارع لمسافات أطول وتقاطعات أوضح تلائم وتراعي دخول وسائط النقل الحديثة إلى حياة السكان

على أن أهم تغيير طرأ على نظام العمارة التقليدية، تبعيتها للطراز المتوسطي، حيث انتشرت هذه المباني في دمشق على امتداد جادة الصالحية وحتى الجسر الأبيض، وما يزال بناء مدرسة الفيحاء يذكر بتلك الفترة، حيث يعد أنموذج هذا الطراز تطويراً للطراز الكلاسي المحدث نتيجة لانفتاح المعماريين السوريين على الثقافة الأوروبية، وعليه قام طراز جديد على مبدأ "الانفتاح الكامل على الشارع" مع الاعتناء بالواجهات التي زينت بالفتحات والنوافذ المؤطرة والمتوجة، كما امتاز بظهور طوابق تعلو قبواً واسعاً وفي ذروته غرفة أو مجموعة غرف يعلوها سقف جملوني قرميدي، ولكن مع تراجع في الزخارف التقليدية في التزيين الداخلي، أصبحت الجدران عارية بيضاء وإن زين بعضها بمشاهد ملونة.

المهندس "خليل الفرا".. من أشهر معماري دمشق

ليرتد شكل المباني الحديثة (الخاصة والحكومية) على تصميم الشوارع والبنى التحيتية لأحياء دمشق الحديثة، فلوحظ في الشوارع الحديثة تباعد المباني بوجائب كافية، وامتداد الشوارع لمسافات أطول وتقاطعات أوضح تلائم وتراعي دخول وسائط النقل الحديثة إلى حياة السكان».

المهندس "خالد طيارة" مهندس معماري أعطى بعض الأمثلة لمباني مشهورة في دمشق كانت أيقونات اعتمد عليها المهندسون المحليون في تصميم المباني في النصف الأول من القرن العشرين؛ مشيراً بالقول: «"بناء العابد" الموجود في "ساحة المرجه" أنشئ في عام 1910، ويعتقد أن تصميمه قدمه المعمار الألماني "ماينسر"، وقام بتنفيذه بدقة المعمار الإسباني "فرناندو دو أراندا"، ليعد من أجمل وأكمل الأبنية التي تمثل هذا الطراز.

"حي السبكي".. من الأحياء التي بنيت في الثلاثينيات

ولعل مبنى "محطة الحجاز" يعبر عن الطراز المحلي المحدث، حيث يعد أول بناء يجمع بين الأصالة والحداثة، وضع تصميمه المهندس الألماني "مايسنر" وأشرف على تنفيذه المعمار الإسباني "دو أراندا"، وقام "أبو أمين" الدهان بتصميم الزخارف الداخلية وبتنفيذها.

وخلال أكثر من خمسين عاماً أنجز المهندس "دو أراندا" عدداً من الأبنية، منها بناء البسام تجاه بناء مجلس الشعب، ويمتاز هذا البناء على بساطته باستعمال الموازييك الإسمنتي الملون كإطارات للنوافذ والأبواب، كما أنجز المهندس "دا أراندا" عدداً من البيوت الفخمة مثل منزل "عطا الأيوبي" ومنزل "جميل مردم بيك" في "حي نوري باشا".

في بعض المناطق .. تتجاور الطرز المعمارية المختلفة

ليظهر فيما بعد الطراز المحلي الحديث: المشمول بعناصر معمارية تقليدية ومثاله بناء قصر العدل وبناء مؤسسة عين الفيجة، وكلاهما للمعمار "عبد الرزاق ملص"، وقام أبو سليمان الخياط بتصميم زخارف عين الفيجة وتنفيذها، ويدخل في هذا الوصف بناء "البرلمان" -مجلس الشعب- الذي أشرف على تصميمه وتنفيذه "سامي النعماني وبهاء الدين زمبركجي"، وقام بتصميم زخارفه "أبو سليمان الخياط".

حيث عني هذا الطراز باستغلال العناصر المعمارية التقليدية كالقوس والعمود، وبالزخارف الحجرية في الواجهات، ويدخل في هذا الوصف بناء ديوان المحاسبات للمعمار عمر مالك، و"التجهيز الأولى" – مدرسة جودت الهاشمي- التي صممها المعمار اللبناني "يوسف أفتيموس" وأشرف على تنفيذها رئيس مهندسي الأشغال العامة "سليمان أبو شعر"، ولينفرد المعمار اللبناني "فريد طراد" بتصميم وبناء فندق أمية الكبير الذي شيده "سامي باشا مردم بك" في عام 1928.

ومع دخول الطراز الأوروبي الحديث إلى دمشق نجد أمثلته كثيرة أبرزها فندق الشرق (أوريان بالاس) غربي محطة الحجاز، من تصميم المهندس اللبناني "أنطوان ثابت أنجز" عام 1932، ويتبع هذا الطراز أساليب العمارة الحديثة التي ظهرت خلال القرن العشرين في أوروبا، وأهم خصائص هذا الطراز توظيف المواصفات حسب متطلبات العصر، وإبداع كتلة معمارية جمالية تفرض حضورها، وتوفر حاجة الساكن بالإطلالة على مشهد المدينة، ليظهر بناء "القدسي" مقابل بناء البريد ولكن بقيمة جمالية أقل أهمية من بناء "فندق الشرق».

ويتابع المهندس "طياره": «في هذه الفترة ظهرت كوكبة من المهندسين المعماريين من أمثال "زاهر وسركيس يعقوبيان، أنيس شباط، مختار دياب، بديع العلبي، فؤاد الحسيني، سامي النعماني"؛ أسهمت أعمالهم في النهضة المعمارية الحديثة في مدينة دمشق؛ ليقول كذلك شاركت بعثة لادوست الفرنسية في تخريج دفعات من الشباب بعد إخضاعهم إلى دوات تدريبية في قصر العظم على فن الزخارف العربية، والذين عملوا فيما بعد مع مهندسين مختصين ما أعطى الأبنية الطابع المتميز من حيث وجود الزخارف الخارجية.

تميز من هذه الأبنية بناء وزارة الصحة الذي نفذته وزارة الأشغال العامة بما فيه من خطوط إسلامية، كذلك بناء "كسم وقباني" في شارع البرلمان ليكون الأول بتعدد طبقاته؛ والذي قام بتصمميمه وهندسته مهندس مصري ليكون من أبرز أبنية دمشق الحديثة.

من الأبنية المميزة أيضا بناء "ملهى الكروان" الذي تعود ملكيته إلى السيد "جان قدسي" والذي أنجز عام 1938، ليظهر فيما بعد بناء البنك المركزي ووزارة المالية تحت إشراف المهندس "خليل الفرا".

وفي تلك الفترة ظهر بناء المحافظة والبنك العقاري تصميم المهندس "صبحي كحالة" في أوائل الخمسينيات ليظهر بجوارهم بناء الهلال الأحمر من تصميم المهندس اليهودي "فيتا بنتو"، والذي صمم فيما بعد بناء الهاتف الآلي في شارع خالد بن الوليد.

ومع الانتقال إلى الأبنية السكنية الخاصة تظهر جمالية بناء السفارة الصينية اليوم من تصميم "كارلوس داريندا" وتنفيذ المهندس "خليل الفرا" حيث كان سكناً لسامي باشا مردم بك وأولاده في الأصل.

كذلك تتجلت جمالية التصميم في بيت السفير الأمريكي الوحيد الذي صمم على نظام فيلات في حي الروضة، أما في شارع الروضة فقد روعي فيه المخطط التنظيمي لمدينة دمشق الذي وضعه الفرنسي "دون جيه" والذي حوى المخطط الرئيس للشوارع ونظام البناء في كل دمشق.

كذلك بيت السفير البرازيلي الذي سكنه فيما بعد "عبد الحكيم عامر" في حي المالكي.

وفيما بعد عدل من أنظمة البناء في ظروف معينة ولم تكن هذه التعديلات في مصلحة المدينة.

ليظهر فيما بعد على امتداد شارع بغداد من جهة القصاع، بناء فايز الخوري وبناء لجميل صليبا».