أطلق عليه أهل الشام اسم جامع "الياغوشية" تخفيفاً للفظ، يتميز بمئذنة شاهقة الارتفاع ذات ستة عشر ضلعاً، مبني من الحجارة الضخمة، وصحنه مفروش بالموزاييك الأبيض الجميل.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 16 آب 2014، الباحث في الآثار "عقبة معن"، وعن الجامع يقول: «ورد في كتاب "لطف السمر وقطف الثمر" للإمام "نجم الدين الغزي الدمشقي" أن مشيد هذا الجامع هو "حسن باشا الشوربزي" من كبار وجهاء الإنكشارية في "الشام"، والمعروف باسم "شوربزة حسن"، وذلك بتكليف من الوزير الأعظم "سياغوش باشا"، وقد اكتمل بناؤه في عام 995 للهجرة الموافق 1587 للميلاد، وذلك حسب ما جاء في كتاب "خطط دمشق" للكاتب "أكرم العلبي"، وأطلق المؤرخون عليه اسم جامع "الياغوشية" تخفيفاً للفظة سياغوشية».

مئذنة الجامع فعلاً مرتفعة وقد بُنيت فوق قاعدة مربعة من الحجر، جذعها مؤلف من ستة عشر ضلعاً، مما يجعل هذا الجذع أقرب إلى الأسطوانة الصماء منه للجذع كثير الأضلاع

أما الباحث التاريخي "عماد الأرمشي" وخلال لقائه عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، فيقول: «تتكون الجبهة الخارجية للجامع من الحجارة الكبيرة على طول حارة "السياغوشية" وصولاً إلى باب الجامع، يتوسط هذه الجبهة ثلاث نوافذ كبيرة الحجم تطل من صحن الجامع ومن حرم بيت الصلاة على حارة "الياغوشية" أو "السياغوشية" وهي الأصح، وهي مبنية من الحجارة الضخمة ويحيط بالنوافذ الحجارة الأبلقية البنيان، ومحمية بالقضبان الحديدية الغليظة، وما زالت خشبيات النوافذ القديمة المحفورة بشكل أنيق على حالها منذ تركيبها».

صحن الجامع المفروش بالموزاييك

ويضيف: «باب الجامع ما زال محافظاً على شكله القديم لمتانة حجارته البيضاء و"المزية المتراكبة حجرة بيضاء وأخرى حمراء"، التي لا تحمل أي زخارف تُذكر، والبوابة على شكل قوس كبير مدبب الرأس بداخله قوس صغير حاضن للباب الخشبي المجدد في حقبة سابقة، وعند الدخول إلى الجامع نجد فسحة سماوية هي صحن الجامع المفروش بالموزاييك الأبيض الجميل، فيه بركة مربعة الشكل كانت تتغذى بالمياه من نهر القنوات وتستخدم كميضأة، وقد تم تجديدها أيضاً في حقبة سابقة ووضع فيها نافورة تزيينية بعد أن استعيض عن مياه النهر بمياه من عين "الفيجة"، وكذلك يبدو في الجهة الشمالية إيوان صغير للمعتكفين يؤدي إلى المصلى الصيفي، وفي الجهة الجنوبية يقع حرم بيت الصلاة وهو عبارة عن إيوان ضخم كبير فيه رواقان ومؤلف من خمس قناطر محمولة على ستة أعمدة حجرية جميلة، وفوقها خمس قباب، وتحت القبة الوسطى مدخل حرم بيت الصلاة والقبلية، وبها قبة واحدة عالية ضخمة وكبيرة الحجم قائمة على أربع قناطر».

ويتابع: «باب حرم بيت الصلاة جميل جداً، مصنوع من الخشب المحفور، وعلى ما يبدو لي أنه مجدد في فترة سابقة، يعلوه قوس من المدكك المزي ومحشور بين مداميك حجرية ضخمة هي من أصل بناء الجامع القديم، ومتوج بحشوات تزيينية فوق قوس الباب مباشرة، وفيها مدكك جميل من الحجارة الأبلقية وقد نقش فيه "نجمة عشتار" السداسية الرؤوس، وهذه النجمة دائمة الاستخدام في الزخارف التي نراها في المساجد والمدارس والخانات وحتى في معظم البيوت العربية القديمة ومعظم منشآت "دمشق"، ونراها بشكل واضح في أجنحة وجدران "التكية السليمانية" ذات العنصر المعماري العثماني، وليس لها أي مدلول عقائدي أو ديني كما يفكر البعض، ويتخذ الحرم شكلاً مربعاً طول ضلعه ستة عشر متراً تتوزع فيه عدة قناطر رائعة التصميم، وتهيمن على الحرم قبة ضخمة كبيرة الحجم ذات قطر واسع محمولة على عنق ضخم مؤلف من عدة نوافذ عادية تستخدم للإنارة، وتحمل القبة أربعة أقواس أبلقية (أبيض وأسود) محمولة على أركان الجدران ومرتكزة على جدار الحرم الكلي».

الباحث عماد الأرمشي.

والدكتور "محمد أسعد طلس" في كتابه "ثمار المقاصد في ذكر المساجد" يقول: «ما يزال يحيط بجدار قبلية المسجد حجارة جميلة منقوشة على ارتفاع خمسة أمتار، وبجانبي المحراب الحجري الجميل توجد لوحتان كبيرتان من "القاشاني" البديع جداً، قلما نجده في مساجد أخرى ما عدا جامع "التوريزي"، أما محراب الجامع فهو مبني من الحجارة "المزية" أي الحمراء، ولا يوجد به ما يميزه من زخارف أو نقوش أو مقرنصات محرابية، كما يوجد سدة خشبية بجانب الباب تقوم على أربعة أعمدة من الرخام الأبيض الجميل، وتقع مئذنة الجامع في الزاوية الجنوبية الشرقية من عمارة المسجد في النهاية الشرقية لجدار القبة وعند زاوية الشارع وهي مئذنة عالية شاهقة الارتفاع ذات ستة عشر ضلعاً».

وقد ذكر الدكتور المرحوم "قتيبة الشهابي" في كتاب "مآذن دمشق" مئذنة جامع "الياغوشية" ويقول: «مئذنة الجامع فعلاً مرتفعة وقد بُنيت فوق قاعدة مربعة من الحجر، جذعها مؤلف من ستة عشر ضلعاً، مما يجعل هذا الجذع أقرب إلى الأسطوانة الصماء منه للجذع كثير الأضلاع».

مئذنة الجامع

يذكر أن جامع "الياغوشية" يقع في "دمشق القديمة" في حارة "الياغوشية" ضمن حي "الشاغور الجواني".