لم يستسلم للإعاقة التي لازمته منذ سنوات طفولته المبكرة، بل ثابر واجتهد من أجل أن يجعل منها سبباً لتميزه، ولم يشأ أن تبقى إرادته الصلبة رفيقة إنجازاته الشخصية فقط، بل أعطى وأشرف على صنع أبطال الرياضات الخاصة.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 24 حزيران 2019، تواصلت مع "أحمد عطايا" مدرِّب منتخب "سورية" الوطني للرياضات الخاصة، وكان الحديث بدايةً للتعرّف إلى مسيرته الرياضية، فقال: «لقد كان قدري أن أحيا بطريقة مختلفة في طفولتي عن بقية رفاقي، فقد عانيت مرض شلل الأطفال مبكراً جداً، وازدادت حالتي الصحية سوءاً خلال مرحلة الدراسة الابتدائية وبعدها؛ وهو ما جعلني أتوقف عن متابعة تحصيلي العلمي، وهذا من أشدِّ الأمور حزناً في حياتي حتى اللحظة، كانت سنوات العلاج طويلة وقاسية، لكن كان هناك شيء ما في داخلي يستفزني من أجل عدم الاستسلام للحال الذي كنت عليه آنذاك، فكانت الرياضة بقصد العلاج هي ذلك الأمر الذي أعطاني شعوراً بالأمل في المستقبل، وفعلاً مع مرور السنوات أصبحت الهدف بدل الوسيلة، وهكذا تطورت علاقتي معها إلى الدرجة التي جعلتها معشوقةً بالنسبة لي وما زالت، فالرياضة في حياة الإنسان إن كان السليم أم صاحب حاجةٍ ما، هي حياةٌ أخرى جديدة وعليه أن يستغلها».

من خلال متابعتي لمسيرته الرياضية إن كان كلاعب أو مدرّب، أرى فيه شخصاً مخلصاً ومتفانياً في عمله لأبعد الحدود، وخاصةً مع تلك الشريحة من الأشخاص الذين حباهم الله بنعمة العزيمة والإرادة الصلبة، وروح الإصرار على تحقيق البطولة من خلال حاجاتهم الخاصة، إضافة إلى كونه من اللاعبين الموهوبين في ألعابٍ رياضيةٍ عدة، ولديه من المهارات البدنية والفنِّية ما جعله متربعاً على عرش لعبة الريشة الطائرة لسنوات عديدة متتالية، هذا دفعه ليكون مدرِّباً ناجحاً ومعطاءً في عمله، والأبطال الذين تخرّجوا من بين يديه يجعلونه يستحق لقب "صانع الأبطال"

وعن بداياته في ممارسة الرياضة قال: «انتسبت عام 1994 إلى صفوف نادي "الأمل" للرياضات الخاصة، والبداية كانت مع كرة السلة على الكراسي، فقد كنت من عشَّاق هذه اللعبة ومتابعاً لها باستمرار، وحصدت مع النادي المركز الأول في بطولة الأندية العربية عام 1998، التي أقيمت حينئذٍ في "لبنان"، كذلك أحرزنا المركز الثالث في ذات المسابقة عام 2001 في جمهورية "العراق" الشقيقة، خلال تلك المدة تمَّ استدعائي لتمثيل المنتخب الوطني للرياضات الخاصة، وبالفعل كانت مشاركاتنا مشرِّفة وأحرزنا المركز الثاني لمراتٍ عديدة ضمن بطولة إقليم غرب "آسيا"، بموازاة ذلك كنت قد بدأت ممارسة لعبة كرة الطاولة وحصلت على لقب بطولة الجمهورية مراتٍ متتالية».

من ذكرياته كلاعب ضمن المنتخب الوطني

عن لعبة الريشة الطائرة في مسيرة "أحمد عطايا"، يقول: «عام 2014 أصبحت هذه اللعبة معتمدة رسمياً ضمن قوائم اتحاد الرياضات الخاصة في "سورية"، وكنت من أوائل الدارسين لها والمنتسبين لممارستها، وزاد تعلقي بها وطوَّرت مهاراتي من خلال التدريب الطويل والمستمر، لأحصد بطولة الجمهورية فيها ثلاث سنواتٍ متتالية، بعدها عملت على تكوين فريقاً خاصاً أسميته "أبطال من تحت الركام"، يضمُّ لاعبين من جميع حالات الإعاقة، وعملت على تدريبه وصقله من النواحي البدنية والفنِّية، وتخرَّج في هذا الفريق أبطال كثر، مثَّلوا فيما بعد منتخب "سورية" في البطولات الخارجية، ونذكر منهم اللاعبة المتميزة "هيفاء منصور"، التي حصدت ميداليتين ذهبيتين وفضِّية في بطولة أصحاب الهمم "IWAS"، التي أقيمت مؤخراً في دولة "الإمارات العربية المتحدة"، وقبلها بطلة للجمهورية لمدة أربع سنواتٍ متتاليةٍ ضمن صفوف نادي "الأمل" ومنتخب "دمشق"».

ويحدثنا عن فريق "مكملين" ونشأته والهدف منه، ويقول: «الفريق عبارة عن مبادرة قمت بتأسيسها مع اللاعبة "هيفاء منصور" ورعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، الهدف منها تأسيس فريق كرة السلة على الكراسي يضمُّ في صفوفه الأشخاص حديثي الإعاقة المكتسبة بفعل الحرب من عسكريين ومدنيين، وتوسيع القاعدة الشعبية للرياضات الخاصة في بلدنا، ومنطلقنا كان ذاتياً ومن باب الواجب الوطني، لمساعدة هؤلاء الأشخاص على الاستمرار في حياتهم، وتعزيز الشعور بقيمة الحياة ودافع الفوز والانتصار لديهم، من خلال ممارستهم للرياضة على الرغم من العجز الذي أصابهم، ومع أنَّ هذه المبادرة قد حدِّد عمرها بعامٍ واحد، إلاَّ أن أملنا كبير جداً باستمرارها ورعايتها من كلِّ جهة حكوميةٍ أو أهلية، من أجل تقديم الواجب لهؤلاء الأبطال».

المهندس غسان أبو صلاح رئيس نادي السلام للرياضات الخاصة

"غسان أبو صلاح" رئيس نادي "السلام" للرياضات الخاصة؛ ومقرّه مدينة "حمص"، عن "أحمد عطايا" يقول: «من خلال متابعتي لمسيرته الرياضية إن كان كلاعب أو مدرّب، أرى فيه شخصاً مخلصاً ومتفانياً في عمله لأبعد الحدود، وخاصةً مع تلك الشريحة من الأشخاص الذين حباهم الله بنعمة العزيمة والإرادة الصلبة، وروح الإصرار على تحقيق البطولة من خلال حاجاتهم الخاصة، إضافة إلى كونه من اللاعبين الموهوبين في ألعابٍ رياضيةٍ عدة، ولديه من المهارات البدنية والفنِّية ما جعله متربعاً على عرش لعبة الريشة الطائرة لسنوات عديدة متتالية، هذا دفعه ليكون مدرِّباً ناجحاً ومعطاءً في عمله، والأبطال الذين تخرّجوا من بين يديه يجعلونه يستحق لقب "صانع الأبطال"».

البطلة الرياضية "هيفاء منصور" عنه قالت: «ما يميز الكابتن "أحمد عطايا" قبل كلِّ شيء إنسانيته وحبُّ العطاء لديه، عدا كونه رياضياً متميزاً إن كان كلاعبٍ أم مدرّب، فهو بدأ صناعة نفسه كرياضيٍ من خلال تدريبه المتواصل، والإرادة الصلبة التي امتلكها وما يزال من أجل تحقيق الانتصارات وحصد الألقاب؛ وهذا جعله من اللاعبين المتميزين ضمن المنتخب الوطني، ومعه حقق ألقاباً وبطولاتٍ عديدة، خبرته إضافة إلى سعيه الحثيث من أجل تطوير ذاته رياضياً، من خلال الدورات التي اتبعها، مكنَّاه من إيصال كلِّ جديد في عالم الرياضات الخاصة لوضعه في خدمة الرياضيين السوريين. بالنسبة لي كانت الرياضة فقط وسيلة للعلاج والتقوية الجسمانية من أجل التكيف مع حالتي الحركية، لكن مع الكابتن "أحمد" تحولت إلى إنجاز وبطولة، والسبب يعود إلى إيمانه بقدراتنا كلاعبين مع بقية زملائي، طموحه الكبير في تقديم العون لكلِّ صاحب إعاقة حركية وخاصةً مع جرحى الحرب، أن يصبحوا أشخاصاً معتمدين على أنفسهم من خلال الرياضة، والابتسامة التي يلاقيهم بها، إضافة إلى تاريخه اللامع كلاعب ومدرِّب، يعطونه لقب "صانع الرياضيين والأبطال" بجدارة واستحقاق».

أحمد عطايا مع البطلة هيفاء منصور وفريق مبادرة "مكملين"

أخيراً نذكر، أنَّ "أحمد عطايا" من مواليد "دمشق" عام 1968، ويقيم فيها، يعمل حالياً مدرِّباً رياضياً في معهد "التأهيل المهني للمعوقين" التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ومدرِّباً معتمداً للعبة كرة السلة على الكراسي والريشة الطائرة في الاتحاد العربي السوري للرياضات الخاصة، وهو متزوج، ولديه ثلاثة أبناء.