على بيادر القمح بالقرب من بلدة "زيزون"، يمضي المزارع "محمد الموسى" يومه برفقة عائلته، بين ألسنة النيران ودخانها، لصناعة "الفريكة"، التي تعدّ المكوّن الأساسي للأكلة الشعبية الشهيرة التي تحمل ذات الاسم.

الملخص: على بيادر القمح بالقرب من بلدة "زيزون"، يمضي المزارع "محمد الموسى" يومه برفقة عائلته، بين ألسنة النيران ودخانها، لصناعة "الفريكة"، التي تعدّ المكوّن الأساسي للأكلة الشعبية الشهيرة التي تحمل ذات الاسم.

تستمر أيام موسم "الفريكة" في "حوران" طوال مدة جني المحصول بأجواء أسرية تسودها الألفة والمحبة والتعاون بين المزارعين وأسرهم، ولا يمكن أن يذهب موسم حصاد القمح من دون صنع "الفريكة" وتخزينها؛ فهي الأكلة الأهم على موائد الطعام، والعمل في إنتاج "الفريكة" ليس سهلاً، فهو شاق ومرهق، لكن يقابل التعب ارتياح كبير لما في هذا الموسم من توفير مؤونة الشتاء

للتعرّف إلى هذه الطريقة التقليدية في تحضير "الفريكة"؛ التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 تموز 2016، المزارع "محمد الموسى" بعمر السبعين عاماً، فقال: «تستمر أيام موسم "الفريكة" في "حوران" طوال مدة جني المحصول بأجواء أسرية تسودها الألفة والمحبة والتعاون بين المزارعين وأسرهم، ولا يمكن أن يذهب موسم حصاد القمح من دون صنع "الفريكة" وتخزينها؛ فهي الأكلة الأهم على موائد الطعام، والعمل في إنتاج "الفريكة" ليس سهلاً، فهو شاق ومرهق، لكن يقابل التعب ارتياح كبير لما في هذا الموسم من توفير مؤونة الشتاء».

أكوام السنابل للشواء

"أحمد البجبوج" أحد كبار ووجهاء منطقة "درعا البلد" قال عن موسم "الفريكة": «صنع "الفريكة" كان جزءاً من طقوس تراثية حورانية بحتة، كان يمارسها المزارعون بحوران وعائلاتهم قديماً في موسم الحصاد، من بينها ترديد أناشيد معينة، وإقامة ولائم خاصة، لكن للأسف هذه العادات بدأت تتراجع، حتى أضحى الأمر مقتصراً على طقوس سريعة، أما بالنسبة إلى موعد الحصاد فيبدأ في شهر حزيران، ويقول المثل: "حزيران فيه الحصاد والنيران"، و"الفريكة" أكلة حورانية متوارثة ومعروفة كما صناعتها، توجد في كل بيت حوراني، وهي من أهم أنواع المؤونة التي تخزنها المرأة، وتستخدم في أكلات "المناسف والهفيت"».

وعن طريقة تحضيرها في البيدر أو الحقل يقول المزارع "أحمد الجاموس" من سكان مدينة "داعل": «مع بزوغ أشعة شمس الصباح وانحسار قطرات الندى أستيقظ مع أسرتي لحصد محصول القمح الذي اعتدنا زراعته كل عام، فبعد أن انتظرناه أشهر عدة كي ينمو وتخضّر سنابله، نقوم بأدواتنا البدائية بنثر سنابل القمح في ساحة فارغة وواسعة ونتركها ساعتين تحت أشعة الشمس، ثم نبدأ عملية الشواء، بعد أن نكون أحضرنا كومة من القش "الدكاك" من أجل "الوقيدة" وإشعال النار، ثم نمسك القمح من سيقانه ونضعها في النار لتنزل السنابل على النار نجمع الكمية التي حرقت، ونضعها جانباً في مكان نظيف، ثم نحرق مجموعة جديدة.. وهكذا.

موسى القاسم

وبعد الانتهاء من عملية الشواء؛ نجمع السنابل المحروقة في كومة كبيرة، لتبدأ عملية ضربها بـ"مخباط"؛ وهو قطعة من الخشب لها من المؤخرة قبضة ومن الأمام تكون عريضة، ويطب المخباط على السنابل عدة مرات، وعندما ننتهي من هذه المرحلة نقوم بـ"تذراية" الحبوب بالهواء، وعند عدم ظهور القش يبقى حب "الفريكة" الذي نقوم بتخزينه كمؤونة».

بينما قال "موسى القاسم" من كبار السن في المدينة: «يستخدم المزارعون بـ"حوران" بوجه أساسي منتوج محاصيلهم من حبوب القمح والشعير في صناعة أكلة "الفريكة" التراثية، حيث يعتمدها أهالي وسكان الريف كغذاء أساسي لهم، ومن أهم المناطق المشهورة في ريف حوران بشواء "الفريكة" وتخزينها وبيعها؛ منطقة "الجيدور" أي قرى "دير العدس وكفر شمس"، حيث يقومون بشواء كميات كبيرة من القمح لصناعة الفريكة، وبيعها في الأسواق وخصوصاً أسواق "دمشق"، حيث يلفت انتباهك أثناء عملية شواء الفريكة اكتساء وجوه وأيادي وجسم العاملين بعملية الشواء بلون "الشحبار" الأسود والرماد الناتج عن احتراقها، ويطلق اسم "الفرّاكة" على العاملين في شواء "الفريكة"».

تجهيز الفريكة