لأبناء "حوران" عادات تنبع من البيئة السليمة والفطرة النقية، فلا تزال العائلات تمارس عادات وتقاليد وأنظمة متبعة تسير عليها، ولا يجوز مخالفتها، و"القراطيس" ظاهرة من ظواهر الحياة اليومية، وهي مناخ مهم لغرس القيم والأفكار والمثل العليا.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 6 تشرين الثاني 2016، الأديب "حسين علي الهنداوي"، فقال عن هذه العادة: «لأهل "حوران" عادات وتقاليد تجري في المناسبات، فأيام زمان كان لها طعم آخر؛ فالترابط الاجتماعي كان قوياً، وصلة الرحم أقوى، والأفراح كانت تجمع كل الناس في جوّ من السعادة والمحبة، ويغيثون أي شخص يتعرض لضائقة أو كرب، كانت لدينا عادة جميلة نقوم بها في الأفراح والأتراح على حدّ سواء، حيث كانت النساء إذا توفي أحد الأقرباء أو الجيران أو أحد سكان القرية تأخذ وتحمل على رأسها أكياس "قراطيس"؛ "الورق البنية"، ملأى بالسكر والأرز إلى بيت المتوفى كنوع من المشاركة والوقوف إلى جانبهم، وإن كانت حالة فرح تشملهم الزيارة من النساء المتقدمات بالسنّ».

في القديم والحديث كانت هذه العادات تنبع من البيئة السليمة والفطرة النقية، التي ترتبط بالنسيج والتواصل الاجتماعي، التي يُفتخَر بها لأنها فعل طيب، وتعني المعروف الذي يفعله الإنسان مع أخيه الإنسان، ومنها حمل القراطيس في زيارات المودة وصلة الرحم التي تقرب الناس من بعضهم، حيث يصطحب الوجهاء معهم "القراطيس" في الواجبات التي تكون إجبارية، ومن المعيب تجنبها وعدم الالتزام بها، مثل زيارة المريض والأفراح وأسبوع الوفاة والزيارات لتحضير أمر يخص العائلة وشؤونها الداخلية، والزواج والصلح بين المتخاصمين

"خالد عويضة" أحد المهتمين بالتراث الحوراني، قال عن هذه العادة: «توارث أبناء "حوران" عادات وتقاليد عن الرعيل الراحل من أسلافهم، فكانت لهم تركة قيمة ثمينة، ومن أهم هذه العادات حمل "القراطيس" في أي مناسبة اجتماعية؛ فكان الجميع في القرية أكثر من الأقرباء؛ فالجار يحبّ جاره ويسأل عنه دائماً، في الترح تجدهم قبل الفرح، يتسابقون لخدمة بعضهم، فإذا كان فرحاً تأخذ النساء الأرز لمعرفتهن أن جيرانهم سيحتاجون إليه في تقديم الطعام للمدعوين، أما إذا كان ترحاً، فكنّ يأخذن السكر أو القهوة حتى تكون مشاركة نسائية مع أهل المتوفى بطريقتهن الخاصة، أما الرجال، فكانوا يشاركون بأكياس السكر والأرز بأوزان كبيرة في الأفراح والأتراح، يحملونها في قراطيس وأكياس».

"شوالات الرز"

بينما قال "محمد عزيزة"، وهو من كبار السن في مدينة "درعا": «الفلكلور والتراث الحوراني يشمل أعرافاً متوارثة وآداباً اجتماعية متعددة، تعدّ شرفاً كبيراً لديهم اكتسبوها من أسلافهم ولا تزال متبعة إلى يومنا هذا، ومنه حمل "القراطيس" في الواجبات العشائرية التي تعدّ ديناً وواجباً على الكبير قبل الصغير في العائلة، فلها مكانة اجتماعية يعلمها الرجال لأبنائهم ليكونوا في "عالية" القوم والمحافظة على أي التزام على الرجال؛ فكان هؤلاء الرجال يأخذون معهم في واجباتهم الاجتماعية كيس سكر أو كيس الأرز للتعبير عن فرحهم أو مشاركتهم في أي مناسبة اجتماعية، حيث يجب المشاركة فيها، وكذلك النساء تأخذ أكياس الأرز أو السكر الورقية البنية، وكانت تمارس هذه العادة أيضاً في مناسبات النجاح أو "طهور" الأولاد، كانت أكياس الأرز والسكر هي التي يتبادلها أبناء "حوران" بهذه المناسبات، مع أنه لا يزال منهم من يمارس هذه الطقوس إلا أنها بوجه عام اختفت وكادت أن تختفي وتنقرض في العادات والأعراف الحورانية».

لأبناء "حوران" عادات تنبع من البيئة السليمة والفطرة النقية، وهنا يقول الحاج "موسى القاسم" من سكان مدينة "درعا": «في القديم والحديث كانت هذه العادات تنبع من البيئة السليمة والفطرة النقية، التي ترتبط بالنسيج والتواصل الاجتماعي، التي يُفتخَر بها لأنها فعل طيب، وتعني المعروف الذي يفعله الإنسان مع أخيه الإنسان، ومنها حمل القراطيس في زيارات المودة وصلة الرحم التي تقرب الناس من بعضهم، حيث يصطحب الوجهاء معهم "القراطيس" في الواجبات التي تكون إجبارية، ومن المعيب تجنبها وعدم الالتزام بها، مثل زيارة المريض والأفراح وأسبوع الوفاة والزيارات لتحضير أمر يخص العائلة وشؤونها الداخلية، والزواج والصلح بين المتخاصمين».

خالد عويضة
الأرز في "الشوالات"