بين مرح طفولتنا ووقار كهولتنا تسكننا مرحلة عمرية يملؤها العنفوان والطموح والتطلع نحو الافضل انها مرحلة الشباب التي يجدر بنا ان نعمل على الاستمتاع بعبق ربيعها في كثير من امور حياتنا كالعمل والزواج.

هذا الموضوع الهام يشكل نقطة محورية ومفصلية في حياة الكثيرين، إلا انه من الملاحظ هذه الايام انتشار ظاهرة العزوبية او التأخر عن الزواج لأسباب عديدة تستحق الوقوف عندها من خلال استطلاع آراء الكثيرين ومن ثم الاخذ برأي احد المختصين الاجتماعيين، eDaraa تابع الموضوع بتاريخ 20/10/2008 في اللقاءات التالية:

إن سعي فتاة اليوم لإثبات ذاتها من خلال الحصول على الشهادة الجامعية والانخراط في العمل الوظيفي الذي قد يتأخر كثيراً يكون سبباً لضياع بعض الفرص التي تحمل لها الشاب الذي تتمنى لأنه قد يتجه للفتاة الأصغر سناً

الآنسة "كوثر القطيفان" تقول عن أسباب التأخر في الزواج: «في الحقيقة ثمة أسباب عديدة تتأرجح بين الإرادة والواقع الذي بات يفرض ذاته علينا وبقوة حيث يتجه شباب اليوم لطلب مواصفات خيالية في الفتاة من حيث الجمال والعمل الوظيفي والوضع المادي دون الاخذ بعين الاعتبار مسألة الزوج الكفؤ وهذا ينطبق ايضاً على الكثير من الفتيات اللواتي يؤخرن موضوع الزواج حتى الظفر بشاب يتمتع بهذه الصفات».

نبيهة شديد

أما الآنسة "سوزان" فقد رأت: «إن سعي فتاة اليوم لإثبات ذاتها من خلال الحصول على الشهادة الجامعية والانخراط في العمل الوظيفي الذي قد يتأخر كثيراً يكون سبباً لضياع بعض الفرص التي تحمل لها الشاب الذي تتمنى لأنه قد يتجه للفتاة الأصغر سناً».

السيدة "نبيهة شديدة" ترى: «الواقع المحيط شديد التأثير فكم من فتاة عزفت عن الزواج جراء مرور غيرها بتجارب فاشلة من صديقة أو قريبة أو أخت وهذا يعود لأسس غير سليمة قام عليها الزواج وشير هنا لارتفاع حالات الانفصال ما يجعل البعض يعزف عن الزواج، ايضاً الظروف المادية تلعب دورها الكبير وغلاء المهور بشكل عام في نفس الوقت لابد من القول انه في محافظتنا "درعا" الحمد لله لا نلحظ تعالي في طلب المهور».

عماد حداد

الشاب "عماد الحداد" يقول: «السبب الرئيسي يكمن ويتعلق في الظروف المادية وعدم مقدرة الكثير من شبابنا على تأمين كافة متطلبات الزواج التي لا يستطيع الشاب النهوض بها مرة واحدة فعلى الرغم من توافر الود والمحبة بنية الزواج بين الكثير من الشباب الا ان الزواج لا يتم ما يجعل كلا الطرفين يتزوج كيفما كان ووفقاً لرغبة الاهل وفي احيان كثيرة تفشل هذه العلاقة الزوجية فتترك آثارها السلبية على الفرد والمجتمع».

الاختصاصية "الين نصر الله" موجهة الاختصاص للارشاد النفسي في مديرية التربية "بدرعا" تحدثت لموقع eDaraa في اللقاء التالي عن اسباب التأخر والحلول:

الين نصر الله

*هل التأخر مشكلة اجتماعية حقيقية وما الاسباب العميقة للتأخر؟

** ما إن تتجاوز الفتاة المرحلة العشرينية مرحلة زهوة الشباب حتى تطرق الثلاثينيات أبواب العمر ويبدأ التفكير عند الشاب او الفتاة حين الوقوف على عتبات الاربعينيات هل فات قطار الزواج؟ وهل انا في نطاق مرحلة عمرية تنذر بانعدام فرص الزواج؟ في الحقيقة وللاسف بالفعل تصبح الفرص في هذه المرحلة قليلة وليس كما هي الأماني التي رافقتهم شباباً واحياناً تكون خيالية او غير ممكنة حيث حالت الظروف والاسباب الكثيرة دون الزواج لأمر شخصي او يتعلق بالوسط المحيط والاسباب كثيرة منها الظروف الاقتصادية الدخل المحدود ارتفاع الاسعار غلاء المهور حيث تلعب هذه الامور دورها في ظل غلبة القيم الاستهلاكية المادية وهناك سبب يتعلق باغتراب شبابنا لسنوات طويلة، وايضاً هناك امر جوهري راجع لعدم التوازن بين التطور الاجتماعي الذي طرأ على حياة المرأة من حيث التعليم العالي والعمل وبين الوعي الاجتماعي ازاء الواقع الجديد لان الكثير من الفتيات يحجمن عن الزواج لانه يعيق تحقيق طموحهن المهني والعلمي ولاسيما ان مسؤوليات الزوجة العاملة في مجتمعنا متضاعفة وتحمل العبء الاكبر.

*ازاء هذه الاسباب هل العزوبية واقع ام اختيار وهل نقول ان الفتاة في مرحلة متأخرة حكم عليها بالاعدام الاجتماعي؟

** بالتأكيد هي واقع لا اختيار فلا يوجد شاب أو فتاة إلا وتسكنه مشاعر الحب والود وخاصة الفتيات اقصد تسكنها عاطفة الامومة والاستقرار الاسري وعند غياب مشاعر المودة والسكينة فالأمر غير طبيعي، وفيما يتعلق بنظرة المجتمع حيال من يتأخر يجب ان تكون اكثر واقعية ومنطقية في النظر للاسباب التي ادت للتأخر فلا تشير دائماً إلى ان الفرص ماتت او انعدمت وان فلان من الناس تأخر لعيب يتعلق بشخصة ولابد من الذكر ان علماء النفس قد استبدلوا اليوم كلمة سن اليأس بكلمة سن الامل فكلمة يأس ذات مدلول واسع يترك منعكساً سلبياً كبيراً وخطيراً على الشخص وهنا أؤكد على اعطاء الامل للذات والسعي للارتباط لا نقول بالتنازل عن الشروط وانما بتقبل مفهوم ان الزواج ود وتفاهم وتعاون على بناء البيت.. المؤسسة الاهم في المجتمع والقناعة والقبول بالواقع وتكييفه بحيث تصبح الحياة اجمل.

  • ما الحلول للحد من الظاهرة وعلى من تقع المسؤولية الأكبر الفرد ذاته ام الاهل؟
  • ** للاهل دورهم الفاعل بتخفيف العبء الاقتصادي والايمان بأن القناعة والمحبة بين الطرفين تسمح بتأمين السكن النفسي بين الزوجين وفسح المجال امام الشابين للتعارف برضى وعلم الاهل ما يؤدي لعلاقة سليمة تقود لزواج سليم والتشجيع على تعليم الفتاة ودخولها في اطار العمل الوظيفي لتكون اليد اليمنى لزوجها وبناء أسرتها وافادة مجتمعها، وهناك دور للمؤسسات الاجتماعية من خلال تضافر جهود الدولة مع المؤسسات الدينية والاجتماعية والجهود الفردية والجماعية مثل تشجيع اقامة الاعراس الجماعية وتأمين فرص عمل للشباب ومنح الشباب قروضاً ميسرة للزواج وتأمين سكن شبابي، من جانب آخر لابد من رفع مستوى الوعي الاجتماعي باهمية الزواج من عقد ندوات وإلقاء محاضرات تسلط الضوء على اسس الزواج السليم، ولوسائل الاعلام دورها الكبير في التوعية بأهمية الزواج في بناء مؤسسة اجتماعية أسرية صحيحة وصيانة شبابنا من الوقوع في الخطأ.