تنقل بين العديد من البلدان. علمته الغربة ما لم يستطع تعلمه في الكتب. يحمل في قلبه عشق وطنه الذي قاده إلى المساهمة في إنشاء النادي العربي الاجتماعي في "فنزويلا".

إنه الحاج "فندي الرفاعي" أول شاب حمل حقائب سفره في محافظة "درعا" ليجوب بحثاً عن الرزق.

حالياً الجالية السورية في "فنزويلا" تجاوز عددها 30000 ألف مغترب يتوزعون على كافة المدن الفنزويلية الواسعة وتعتبر الجالية السورية أكبر جالية عربية في "فنزويلا" منهم 400 مغترب من قريتي "أم ولد" يعملون في المنطقة التي كنت أعمل فيها

موقع eDaraa التقاه بتاريخ 31/1/2009 ليحدثنا عن رحلته الاغترابية الطويلة، التي دامت أكثر من أربعين عاماً في "فنزويلا" فبدأ قائلاً: «نشأت في عائلة تعمل في الزراعة والتجارة التي امتهنتها عام /1948/م.

لم ينس القهوة العربية

وبحكم موقع قريتي القريب من محافظة "السويداء" فقد ساعدني هذا في العمل هناك، وتشكيل صداقات كثيرة لي فيها.

ومع بدايات الخمسينيات سافر معظم أصدقائي في "السويداء" إلى "فنزويلا" ليعملوا بالتجارة، وهذا شجعني لأن أسافر وأعمل معهم. ورغم معارضة الأهل لفكرة السفر قررت أن أخوض التجربة، فقمت بدفع المبلغ اللازم لإتمام معاملة السفر بالباخرة أنا وابن عمي سراً وكان ثمن التذكرة آنذاك (900) ل.س.

مع الحاج فندي

وفي عام /1954/م، سافرت وكان عمري وقتها (42) عاماً لتبدأ رحلتي الاغترابية منذ ركوبي الباخرة التي كان اسمها "الاسكندرونة"».

يتابع الحاج "فندي": «وصلت إلى "فنزويلا" ومعي (400) دولار في وقت كان أغنى شخص لا يحمل أكثر من (50) دولار وعندما بدأت العمل بالتجارة، عملت ببيع الأقمشة والأدوات المنزلية من خلال وضعها في حقيبة "بائع شنته" ومن خلال عملي بتجارة البضائع والسلع المتنوعة استطعت أن أتعلم أسماء هذه السلع لأنني أتعامل معها بشكل يومي فكانت هي السبيل لتعلمي اللغة الإسبانية».

في منزله

ويضيف الحاج "فندي": «عاهدت والدتي بأنني سوف أعود بعد خمس سنوات، وبالفعل عدت في /1960/ ومكثت لمدة عامين في البلد بعدها سافرت مرة أخرى ومكثت خمسين عاماً بشكل متواصل.

وفي عام /1980/م قررت العودة إلى البلد وعدت إلى "درعا" وعملت بتجارة المفروشات حتى عام /1995/م، وبعد أن كبر الأولاد وقرروا الذهاب لـ"فنزويلا" ذهبت مرة أخرى معهم وبقيت سنة ونصف عندهم حتى استطاعوا تفهم طبيعة عملنا وبعدها عدت إلى سورية مجدداً، ولا يزال أولادي وأولاد أشقائي هناك».

وعن الجالية السورية في فنزويلا قال: «حالياً الجالية السورية في "فنزويلا" تجاوز عددها 30000 ألف مغترب يتوزعون على كافة المدن الفنزويلية الواسعة وتعتبر الجالية السورية أكبر جالية عربية في "فنزويلا" منهم 400 مغترب من قريتي "أم ولد" يعملون في المنطقة التي كنت أعمل فيها».

ويختم الحاج "فندي" حديثه بالقول: «أثناء فترة الوحدة بين سورية ومصر تم تعيين السفير "رزق الله عطية" سفير لدولة الوحدة في فنزويلا وقد كان شعلة عروبة وكنت أول شخص يزوره في العاصمة الفنزويلية، ومن خلال المقالات التي كان يكتبها في الجرائد الفنزويلية عن سورية ومصر أصبح الشعب الفنزويلي يعرف بأن هناك بلدان في العالم اسمها سورية ومصر، فله الفضل الكبير في ذلك، وطلب مني بأن نعمل ناد عربي في المنطقة بديلاً عن النادي الإسباني الذي كان يستقبل به الضيوف وبالفعل اجتمعت الجالية وجمعنا الأموال وأنشأنا النادي العربي الاجتماعي وهذا الأمر لا أنساه أيضاً».

ولا زال يذكر الحاج "فندي" أمراً لا ينساه طوال حياته حيث قام أهله وجميع أهالي القرية بصلاة الغائب عليه لأنه مسافر بالبحر إلى بلاد بعيدة ولا يعرف سوى الله إذ كان سيرجع حياً من هذه الرحلة المجهولة المصير، وصلاة الغائب هي عبارة عن تقليد كان يتبع قديماً عندما يريد أي شخص السفر إلى بلد آخر، لربما يفارق الحياة هذا الشخص أثناء سفره.

بقي أن نشير لأن الحاج "فندي الرفاعي" ولد في قرية "أم ولد" عام /1930/م تعلم على يد الشيخ في القرية، وذلك بختم القرآن الكريم، تابع دراسته في إحدى القرى القريبة من قريته.

وفي عام 1943 أصبح في قريته مدرسة لم يتابع الدراسة فيها لكون شهادته وهي الصف الخامس تعادل شهادة المدرس الذي يدرس المدرسة، وهو متزوج ولدية (10) أبناء.

زار دولًا كثيرة أثناء رحلته الاغترابية وخاصة البرتغال – أميركا - فرنسا- ألمانيا - إسبانيا - بريطانيا - الكويت - الإمارات - السعودية - الأردن - لبنان – مصر.