عشق العيش بين القطارات وتمنى أن يكون سائق قطار، فكان له ما أراد وأصبح اليوم أحد رموز الحصان الحديدي في مدينة "درعا".

"eSyria" التقى السيد "عزيز قاسم" للتعرف عليه أكثر بتاريخ "20/2/2011"، والذي بدأ بالقول: «بدأ عشقي للقطارات منذ نعومة أظافري حيث كنت أجمع الأولاد ورائي والصافرة في فمي- لا يكاد ينقطع صفيرها- وأمشي في دوائر متعرجة إلى أن تحقق حلمي وعملتُ في الخط الحديدي الحجازي، بعد أن أنهيت تعليمي وحصلتُ على شهادة "السرتفيكا فرنسي" أي ما يعادل "الابتدائية" في أيامنا هذه».

اهتم والدي بالقاطرات أكثر من اهتمامه بمنزله أحياناً، فقد يتطلب عمله أحيانا وجوده لأيام متتالية خارج المنزل، وقد أورثت هذا الحب منه فأنا اليوم أعمل سائقاً للقطارات

السيد "عزيز القاسم" الملقب "أبو فؤاد" بدأ عمله كخبير تصليح القاطرات منذ العام 1945، وهو لم يتقاعد قبل أن يقوم في عام /2010/ بتصنيع قاطرة مصغرة بنسبة مقياس "10/1" وهي موجودة في متحف الحجاز بـ"دمشق" وليصبح بحكم خبرته واحداً من أهم خبراء التعامل مع القاطرات في سورية.

السيد "هيثم قاسم" تحدث عن والده بالقول: «اهتم والدي بالقاطرات أكثر من اهتمامه بمنزله أحياناً، فقد يتطلب عمله أحيانا وجوده لأيام متتالية خارج المنزل، وقد أورثت هذا الحب منه فأنا اليوم أعمل سائقاً للقطارات».

تعد مهنة إصلاح العربات من المهن الشاقة والخطرة وعنها يتحدث السيد "عزيز" بالقول: «في إحدى رحلاتي من دمشق إلى الحمة بتاريخ "1/1/1959" كان القطار طويلاً، وعدد عرباته كثيرة وله قاطرتان واحدة للجر وأخرى للدفع، وكان طريق الحمة صعودا عاليا وفجأة أصبح القطار يبطئ في سيره ففهمت بأن "فالة الحراق" في القاطرة لا تعمل، ولم يعد هناك نار فانخفض ضغط البخار وكان معاوني بديناً– ذا صحة ممتلئاً- وفتحة الحجرة صغيرة فلم يستطع الدخول إليها.

فما كان مني إلا أن غيرت إلى بدلة العمل ودخلت "حجرة الاحتراق" وفككت الفالة ونظفتها من الشوائب، وإعدت تركيبها وعادت القاطرة للعمل، وخرجت من حجرة الاحتراق التي كانت شديدة الحرارة، وحيث إن القطار توقف في طريق صاعد؛ اضطررت لفصل نصف العربات وجررت القاطرة للأعلى، وعدتُ بعدها لاسترجاع باقي العربات، لم يؤثر ذلك أبداً على عشقي للقاطرات، فقد فهمتها جيداً وتعلمت كيفية تلافي الأعطال وطريقة إصلاحها، ما مكنني من أن أصبح مصلحاً ماهراً فلم أواجه أثناء مسيرتي أي حادث خطير».

وعن عمله تحدث "قاسم": «قبل انطلاق أي رحلة، نقوم بعملية "تزييت" لكافة الأجزاء المتحركة في القاطرة، ثم فحص مضخات "الماء" وأجهزة المكابح ومن ثم نشغل القاطرة حتى يرتفع ضغط البخار للحد اللازم، ثم نبدأ بربط القاطرات ونتأكد من خزان الماء وخزان الفيول، ونجري تجربة صغيرة ونتأكد من إغلاق كافة الأبواب لتلافي الدوامات الهوائية وعند اكتمال الجاهزية ننطلق بعد صافرة مأمور الحركة الذي يعطينا أمر الانطلاق.

أما عند الوصول فيبقى القطار في المحطة لنجري الفحص الشامل للقاطرة ونسجل ما طرأ بها من أعطال إن وجد».

السيد "عزيز قاسم" يجيد الفرنسية والتركية والألمانية- وذلك لكثرة أسفاره- ما ساعده على قبول دعوات عدة من محطات ووسائل إعلام عربية وغربية للظهور على التلفاز والحديث عن حياته مع الحصان الحديدي، ولابد من الإشارة إلى أن خبرة السيد "عزيز" مع القاطرات أهلته ليكون خبيراً في عدد من الدول العربية والغربية ولكنه أبى إلا أن يبقى يعمل مع القاطرات السورية.

الجدير بالذكر أن السيد "عزيز القاسم" من مواليد دمشق 5/1/1929.