بين سهول "حوران" وهضابها نشأ الأديب الشاعر "الهنداوي"، استلهم من المرأة أشعاره، فكان يسكبها بعفوية في قصائده، وعُرف قاصّاً وناقداً، وله العديد من الدراسات الأدبية والفكرية.

مدونة وطن "eSyria" كان لها موعد مع المستشار الأدبي الناقد والشاعر "حسين علي الهنداوي"، بتاريخ 1 تشرين الثاني 2016، حيث كان الحوار التالي:

المستشار الأدبي "حسين الهنداوي" شاعر يجيد العزف على أوتار الواقع، فتتعربش الحروف لتصنع من الأحلام غداً جديداً وصهيلاً يتأجج بأغنيات واعدة، هو ذاكرة تتوقد بالإبداع بين الشعر والقصة والدراسات النقدية، فضاء رحب، وإرث ثقافي، ومخزون لغوي، فشجرة التوت مازالت تضع البصمة على الذاكرة ومساحة واسعة من الحب والخير والعطاء

  • مرور ستين عاماً وأكثر على مذكرة الشاعر "حسين علي الهنداوي" يعني الكثير في عالم الأدب، ما مدى تألق صورة الشاعر الإنسان والمرأة في مذكراتك الشخصية؟
  • مع مجموعة من الأدباء

    ** للشعر في نفسي استجابات خاصة تتمثل في حب الحياة والطبيعة والإنسان، والشعر بطبيعته يجود في هذه القضايا، وأنا أتذكر منذ نعومة أظفاري أنني أستجيب للطبيعة فتحركني نسمات الهواء العليل، وصوت الطيور المغردة، وصوت المرأة الذي تنبعث منه رائحة الحياة، وتنتعش منه الروح، وتتحرك منه الأنفاس، فلا حركة في هذا الكون إلا وخلفها مشاعر الطبيعة والكون والمرأة، ولا رياح تهب على هذه الأرض إلا وتحمل أحاسيس امرأة، المرأة هي سر هذا الوجود الإنساني، ولولاها لما تكحّلت الغزلان بالإثمد، ولا أنشدت القصائد للملأ، فكم من الشعراء قد فقدوا عقولهم وهم مسرورون بهذا الجنون الذي تصنعه المرأة بهم.

  • أنت شاعر مشاعر كما ذكرت ذلك كثيراً لا شاعر صنعة تهاجمك القصيدة فتتعانق معها وتبوح لها بأسرارك، وضّح لنا هذه المقولة من وجهة نظرك؟
  • من مؤلفاته الأدبية

    ** لا شك أن الشعر موهبة وصنعة كما يتفق الكثيرون من النقاد والشعراء، أما محترفو الشعر، فيعودون إلى قصائدهم يحكونها، أنا أكتب ما أحسّ به فتخرج القصيدة من اللا وعي وتمرّ عبر الورق لأعود لتصحيح مسارها، أما شعراء الصنعة، فيسهرون الليالي لبناء قصائدهم حتى ولو حطموا مشاعرهم ليخرج الشعر لديهم في أبهى حلّة، أنا أكتب مشاعري ولا أحب أن أعيد صياغتها؛ فالمشاعر أرواح متمردة، لا أريد أن أحطم أجنحتها. إننا بحاجة إلى شعراء يسكبون شعرهم في كؤوس بيضاء نقية، شعراء يرسمون مشاعرهم على لوحات بيضاء كالشاش الأبيض حتى يكون رصيدنا الشعري واعداً بالمحبة والخير والجمال، حاول أن تنزع المشاعر من الإنسان؛ ستجد أنه يتحول إلى دمية. جرّب أن تطرد الشعراء أصحاب الإحساس من جمهورية الحياة كما فعل أفلاطون عندما أقصى الشعراء عن جمهوريته؛ ستجد الحياة خواء صحراء قاحلة، ولولا شعراء الإحساس في شعرنا العربي ما عرفنا طعم الأدب، ولا رأينا جمالية الحياة.

  • لكل شاعر مفكرته الشخصية الخاصة به، ما هي معالم مفكرتك الشعرية؟ وأين يقع الإنسان فيها؟
  • في الجامعة

    ** لمفكرتي الشعرية صفحات لا أستطيع البوح بها لما تحمله من جروح عميقة تمتد على مساحة الأرض، هي آمال وآلام يكتوي بنارها الإنسان، زمهريرها عذاب إنساني، وحرّها شوق بشري، روح حزين بفعل لا إنساني، أنا شجرة صبار تشتعل ثمارها ناراً، وتكتب أشواكها حباً واعداً، محكومة بالحب الإنساني، تبكي دموعها الطفولة المسلوبة، ويسبح خيالها في بحيرة من أرق، وكأن الإنسان خلق من الألم.

  • التراب في ذاكرتك لون الحب الإنساني، هلا رسمت لنا أبعاد علاقتك بهذا التراب المزهر بالعطاء؟
  • ** للون التراب الذي نعيش فوقه جمالية فائقة؛ فهو يحمل عبق أنفاس الأجداد؛ لونه من لونهم، وحرارته من حرارتهم، وعطشه من عطشهم، إنه الأم الحنون التي أرضعتنا من حنانها، وسقتنا من حليبها، وأطعمتنا من ثمارها.

  • ماذا لو أن القصيدة استعصت عليك وأنت في موقف لا تحسد عليه؟
  • ** القصيدة سحابة حبّ تحملها ريح الشوق تدغدغ أعصاب الشاعر فترسم أنامله تفاصيلها الراعفة، فإذا لم يكن لهذه السحابة حليب تدرّه، فلا مرحباً بالشعر، ولا أهلاً بوشوشته؛ الشعر لا يؤتى إليه، الشعر يأتي عفو الخاطر، القصيدة تحكي تفاصيلها من دون أن تتكلم وترسم أبعادها، وهي تتألم وتتيه غنجاً من دون أن تتمايل.

  • هل يمكن لك أن تذكّرنا بأسماء أعمالك الشعرية والأدبية المتنوعة؟
  • ** مؤلفاتي عديدة، منها بالشعر: "هنا كان صوتي وعيناك يلتقيان، هل كان علينا أن تشرق شمس صبري، أغنيات على أطلال الزمن المقهور، سأغسل روحي بنفط الخليج، المنشّى يسلم مفاتيح إيليا، هذه الشام لا تقولي كفانا"، وفي القصة القصيرة "شجرة التوت"، وفي المسرح: "محاكمة طيار، درس في اللغة العربية، عودة المتنبي، أمام المؤسسة الاستهلاكية"، أما بالنقد الأدبي، فلدي محاور الدراسة الأدبية، النقد والأدب، مقدمتان لنظريتي النقد والشعر، أسلمه النقد الأدب، ودراسات دينية: الإسلام منهج وخلاص، ثلاثة أجزاء، وموسوعة المرصد الأدبي، وهي موسوعة في تاريخ الأدب والنقد والحكمة العربية والإسلامية، وتتألف من أحد عشر جزءاً.

    الشاعر "حاتم قاسم" تحدث عن تجربة الأديب والشاعر "حسين الهنداوي"، حيث قال: «المستشار الأدبي "حسين الهنداوي" شاعر يجيد العزف على أوتار الواقع، فتتعربش الحروف لتصنع من الأحلام غداً جديداً وصهيلاً يتأجج بأغنيات واعدة، هو ذاكرة تتوقد بالإبداع بين الشعر والقصة والدراسات النقدية، فضاء رحب، وإرث ثقافي، ومخزون لغوي، فشجرة التوت مازالت تضع البصمة على الذاكرة ومساحة واسعة من الحب والخير والعطاء».

    بقي أن نشير إلى أن الشاعر "حسين الهنداوي" هو أديب وشاعر وقاصّ ومسرحي وناقد، ومحاضر في جامعة "دمشق"، وهو صاحب الموسوعة الأدبية "المرصد الأدبي"، وله العديد من الدراسات الأدبية والفكرية، ومدرّس في جامعة "دمشق"، كلية التربية فرع "درعا". ولد الأديب في "درعا"، عام 1955، وهو عضو اتحاد الصحفيين العرب، وعضو اتحاد كتاب الإنترنت العرب، وعضو تجمع القصة السورية.