عند المدخل الشمالي لمنطقة "اللجاة"، وعلى بعد /75/كم من مدينة "درعا"، و/35/كم من مدينة "دمشق"، تقع بلدة "المسمية"، التي حظيت بمكانة كبيرة على مر العصور، فكانت مركزاً للقضاء اليوناني والروماني، وموقعاً عسكرياً استراتيجياً، امتد عبر قرون طويلة، ومن أهم المواقع الأثرية في المنطقة.

وحول أهميتها التاريخية، تحدث السيد "راضي الدخان" رئيس بلديتها لموقع eDaraa بتاريخ 16/9/2010 قائلاً: «تقع البلدة قرب طريق الرصيف الروماني الشهير، الذي كان يربط مدينة "بصرى" بمدينة "دمشق"، عابراً منطقة اللجاة البركانية، ما أعطاها موقعاً متميزاً وهاماً عبر التاريخ، فاعتبرت حاضرة منطقتها خلال العهدين الروماني والبيزنطي، من القرن الثاني إلى القرن السابع الميلادي، وأطلق عليها آنذاك اسم "فانا" القديمة، التي جعل منها الرومان قاعدة عسكرية راسخة، للمراقبة ومركزاً دفاعياً هاماً لمدخل منطقة اللجاة الشمالي، تحتشد فيه الجيوش وقوى الحراسة، كما تمركزت فيها أثناء القرن الثاني الميلادي حسب ما تبين من الكتابات العسكرية العديدة، التي وجدت على بعض أبنيتها العسكرية والحكومية، مفارز حماية من الفوج الثالث والسادس عشر المعروف بـ" فلافيا فيرما النخبة"، ما جعلها من أهم المباني العسكرية المعروفة في سورية آنذاك، وفي القرن الرابع الميلادي شهدت المسيحية فيها ازدهاراً ملحوظاً، خاصة بعد أن تم ترفيع رتبتها إلى "كرسي أسقفي"، وهو من أهم الكراسي الأسقفية في المنطقة، ويعتقد أنها "اسقفية اينيوس" التي كانت خاضعة لـ"بصرى"، ومن أهم أساقفتها المعروفين "ماركوس" الذي ذكره "التختيكون"، وتقول الروايات التاريخية إن "بولس الرسول" الذي هرب من "دمشق"، في منتصف القرن الأول الميلادي، لجأ إليها واحتمى بسلطتها المدنية مدة ثلاث سنوات، وأطلق عليها في رسالته "أرض العرب"، لينشر فيها تعاليم المسيح- الذي تراءى له في رؤيا قرب "دمشق"- في قرى "اللجاة" و"بصرى"و"البادية"، وتؤكد الدراسات والأبحاث العديدة أن "فانا" تعني المدينة الهامة والأم، التي تمد باقي المدن والقرى المحدثة والمراد تأسيسها بالسكان، لكثرة سكانها».

تعد بلدة "المسمية" مركز ناحية، تتبع لمنطقة "الصنمين"، ويتبع لها /21/ قرية مجاورة لها، من الجنوب قرى "اللجاة"، ومن الشرق قرية "بويضان"، ومن الغرب قرية "الشرايع"، ومن الشمال قرية "أم القصور"، يبلغ عدد سكان "المسمية" حوالي/ 3580/ نسمة، فيما تبلغ مساحتها الإجمالية /3500/ هكتار

وفيما يتعلق بالجانب الإداري للبلدة ذكر السيد "الدخان": «تعد بلدة "المسمية" مركز ناحية، تتبع لمنطقة "الصنمين"، ويتبع لها /21/ قرية مجاورة لها، من الجنوب قرى "اللجاة"، ومن الشرق قرية "بويضان"، ومن الغرب قرية "الشرايع"، ومن الشمال قرية "أم القصور"، يبلغ عدد سكان "المسمية" حوالي/ 3580/ نسمة، فيما تبلغ مساحتها الإجمالية /3500/ هكتار».

وفيما يخص الآثار الموجودة فيها، يقول الآثاري "إسماعيل الزوكاني" من شعبة آثار "الصنمين": «سكنت البلدة منذ القديم، بداية من العصر الحجري الحديث، ومروراً بالعصور الكلاسيكية، وحتى فترة الحكم العثماني، وتعتبر القلعة من أهم المباني الأثرية فيها، وماتزال قائمة حتى الوقت الحالي، وهي بحالة إنشائية جيدة، بنيت في العصر الروماني، وتم تجديد بنائها في فترة الحكم العثماني، ويوجد في البلدة القديمة منطقة تعرف باسم "القصيرات" تضم العديد من الأبنية المهدمة، المبنية من الحجر البازلتي، بالإضافة إلى بناء "الكركون العثماني"، الذي يقع في منتصف الطريق الواصل ما بين "المسمية" وقرية "الشرايع"، وبقايا بناء متهدم معروف باسم "البراق"، وفي 26/9/2002 تم العثورعلى تمثال بازلتي، من حجر البازلت الأسود طوله/105/سم، وعرضه/60/سم، وسماكته الوسطية /25/سم، ويرتكزالتمثال على قاعدة مستطيلة أبعادها من/ 30-35/ سم، ويبدو التمثال على شكل شاب وديع، يمسك بيديه الاثنتين أداة ممكن أن تكون مغرفة للنبيذ، وله صدر بارز ورقبة ممتلئة حتى اتصل الرأس بالجذع، والتمثال لشخص كامل، أصغر من الحجم الطبيعي، وبدراسته تبين أنه للإله "ذو الشرى"، وهو أله محلي من الآلهة النبطية، ويعتبر الإله الرئيسي عند الأنباط، وعرب "الجزيرة العربية"، وانتشرت عبادته في المناطق التي كانت خاضعة للأنباط، ومع دخول الرومان للمنطقة وتمازج الديانة اللاتينية الغربية مع الديانة العربية، أصبح يعرف باسم دوساريس (إله الخمر) عند الإغريق والرومان، ووجود هذا التمثال يؤكد تبعية منطقة "المسمية" إلى الدولة النبطية، والتي امتدت في القرن الأول ق.م، لتشمل "دمشق" ومناطقها».

وعن مزايا البلدة قال السيد "سامي الشحاف" مختار "المسمية": «تعتبرالبلدة مركزا إداريا وتعليميا، وصلة الوصل بين القرى المحيطة بها، لقربها من طريق عام "دمشق"– "درعا"، وطريق عام "دمشق"– "السويداء"، إضافة لمرورالخط الحديدي الحجازي، وطريق "دمشق"- "شهبا" القديم في أراضيها، تشتهر القرية بسهولها الواسعة الفسيحة، وبهوائها االنقي الذي يشفي العليل، ترتفع عن سطح البحر نحو/ 540/ م، ويشكل السكان فيها نسيجا اجتماعيا متآلفا ومتماسكا، يشاطر بعضهم بعضاً في السراء والضراء، ويمتازون بطيب المعشر والنخوة والكرم وحب الوطن، والبلدة القديمة تتألف بيوتها من الحجارة القديمة البازلتية المصقولة من صخور المنطقة، لذا نطالب بتصنيفها كبلدة أثرية، والاهتمام بها بشكل أكثر».

وحول الواقع الزراعي للبلدة ذكر المهندس "جول دحدل" رئيس شعبة زراعة "المسمية": «يعمل معظم سكانها بالزراعة وتربية المواشي، إضافة لوظائفهم في الدولة، وتصنف أراضيها مناطق استقرار رابعة، يبلغ معدل الهاطل المطري فيها من /125-175/مم سنوياً، وهذا ما جعل سكانها يعتمدون في معيشتهم على الشق الحيواني بشكل رئيسي أكثر من النباتي، وخاصة تربية الأغنام التي يقدرعددها في الناحية والقرى التابعه لها، بحوالي /60/ ألف رأس، فيما يبلغ عدد رؤوس الأبقار نحو/300/ رأس فقط، وفيما يتعلق بالشق النباتي تبلغ مساحة الأراضي المستثمرة فعلياً حوالي /7500/ هكتار، تزرع بالشعير، وبعض الأشجار المثمرة كالزيتون والكرمة، وتمتاز الثمار بنكهتها اللذيذة المتميزة، ويتبع لشعبة الزراعة ثلاثة مراكز بيطرية في "الشرايع" و"الطف" و"الشقرانية"».

أخيراً وفيما يتعلق بالوضع التعليمي قال السيد "عبد الله النوح" مدرس: «تتميز البلدة بارتفاع نسبة المتعلمين فيها، والحاصلين على شهادات جامعية ودراسات عليا، مقارنة مع عدد سكانها، حيث يصل عددهم إلى حوالي /200/متخرج في مختلف الاختصاصات العلمية المتنوعة في الطب والصيدلة والهندسة والعلوم وكافة المواد التدريسية، وهذا يعود لاهتمام الدولة بالتعليم أولاً من خلال توفيرالمراكز التعليمية ومستلزماتها كافة، والوعي الكبير لدى السكان بأهمية التعليم، ولعدم توافر مصادر دخل أخرى ثابتة في البلدة، يمكن الاعتماد عليها كلياً، وخاصة في سنوات الجفاف وانحباس الأمطار».